الدَّجَّالَ لَا يَدْخُلُ الْمَدِينَةَ وَلَا مَكَّةَ أَيْ فِي زَمَنِ خُرُوجِهِ وَلَمْ يَرِدْ بِذَلِكَ نَفْيُ دُخُولِهِ فِي الزَّمَنِ الْمَاضِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ الْحَدِيثُ الْخَامِسُ حَدَيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي ذِكْرِ عِيسَى بن مَرْيَمَ أَوْرَدَهُ مِنْ ثَلَاثَةِ طُرُقٍ طَرِيقَيْنِ مَوْصُولَيْنِ وَطَرِيقَةٌ مُعَلَّقَةٌ
[3442] قَوْلُهُ أَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِابْنِ مَرْيَمَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة بِعِيسَى بن مَرْيَمَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ أَيْ أَخَصُّ النَّاسِ بِهِ وَأَقْرَبُهُمْ إِلَيْهِ لِأَنَّهُ بَشَّرَ بِأَنَّهُ يَأْتِي مِنْ بَعْدِهِ قَالَ الْكِرْمَانِيُّ التَّوْفِيقُ بَيْنَ هَذَا الْحَدِيثِ وَبَيْنَ قَوْلِهِ تَعَالَى إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بإبراهيم الَّذين اتَّبعُوهُ وَهَذَا النَّبِي أنَّ الْحَدِيثَ وَارِدٌ فِي كَوْنِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَتْبُوعًا وَالْآيَةُ وَارِدَةٌ فِي كَوْنِهِ تَابِعًا كَذَا قَالَ وَمَسَاقُ الْحَدِيثِ كَمَسَاقِ الْآيَةِ فَلَا دَلِيلَ عَلَى هَذِهِ التَّفْرِقَةِ وَالْحَقُّ أَنَّهُ لَا مُنَافَاةَ لِيُحْتَاجَ إِلَى الْجَمْعِ فَكَمَا أَنَّهُ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ كَذَلِكَ هُوَ أَوْلَى النَّاسِ بِعِيسَى ذَاك من جِهَة قُوَّة الافتداء بِهِ وَهَذَا مِنْ جِهَةِ قُوَّةِ قُرْبِ الْعَهْدِ بِهِ قَوْلُهُ وَالْأَنْبِيَاءُ أَوْلَادُ عَلَّاتٍ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَذْكُورَةِ وَالْأَنْبِيَاءُ إِخْوَةٌ لِعَلَّاتٍ وَالْعَلَّاتُ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ الضَّرَائِرُ وَأَصْلُهُ أَنَّ مَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً ثُمَّ تَزَوَّجَ أُخْرَى كَأَنَّهُ عَلَّ مِنْهَا وَالْعَلَلُ الشُّرْبُ بَعْدَ الشُّرْبِ وَأَوْلَادُ الْعَلَّاتِ الْإِخْوَةُ مِنَ الْأَبِ وَأُمَّهَاتُهُمْ شَتَّى وَقَدْ بَيَّنَهُ فِي رِوَايَة عبد الرَّحْمَن فَقَالَ وأمهاتهم شَتَّى وَدِينُهُمْ وَاحِدٌ وَهُوَ مِنْ بَابِ التَّفْسِيرِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا وَمَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ أَصْلَ دِينِهِمْ وَاحِدٌ وَهُوَ التَّوْحِيدُ وَإِنِ اخْتَلَفَتْ فُرُوعُ الشَّرَائِعِ وَقِيلَ الْمُرَادُ أَنَّ أَزْمِنَتَهُمْ مُخْتَلِفَةٌ قَوْلُهُ لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ نَبِيٌّ هَذَا أَوْرَدَهُ كَالشَّاهِدِ لِقَوْلِهِ إِنَّهُ أَقْرَبُ النَّاسِ إِلَيْهِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ آدَمَ وَأَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِعِيسَى لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بَيْنِي وَبَيْنَهُ نَبِيٌّ وَاسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُبْعَثْ بَعْدَ عِيسَى أَحَدٌ إِلَّا نَبِيُّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ وَرَدَ أَنَّ الرُّسُلَ الثَّلَاثَةَ الَّذِينَ أُرْسِلُوا إِلَى أَصْحَابِ الْقَرْيَةِ الْمَذْكُورَةِ قِصَّتُهُمْ فِي سُورَةِ يس كَانُوا مِنْ أَتْبَاعِ عِيسَى وَأَنَّ جرجيس وَخَالِدَ بْنَ سِنَانٍ كَانَا نَبِيَّيْنِ وَكَانَا بَعْدَ عِيسَى وَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ يُضَعِّفُ مَا وَرَدَ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ صَحِيحٌ بِلَا تَرَدُّدٍ وَفِي غَيْرِهِ مَقَالٌ أَوِ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَمْ يُبْعَثْ بَعْدَ عِيسَى نَبِيٌّ بِشَرِيعَةٍ مُسْتَقِلَّةٍ وَإِنَّمَا بُعِثَ بَعْدَهُ مَنْ بُعِثَ بِتَقْرِيرِ شَرِيعَةِ عِيسَى وَقِصَّةِ خَالِدِ بْنِ سِنَانٍ أَخْرَجَهَا الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرك من حَدِيث بن عَبَّاسٍ وَلَهَا طُرُقٌ جَمَعْتُهَا فِي تَرْجَمَتِهِ فِي كتابي فِي الصَّحَابَة الْحَدِيثُ السَّادِسُ حَدَيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَأَى عِيسَى رَجُلًا يَسْرِقُ الْحَدِيثُ أَوْرَدَهُ مِنْ طَرِيقَيْنِ مَوْصُولَةٍ وَمُعَلَّقَةٍ
[3443] قَوْلُهُ وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ إِلَخْ وَصَلَهُ النَّسَائِيُّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَفْصِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ النَّيْسَابُورِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ وَأَحْمَدُ مِنْ شُيُوخِ الْبُخَارِيِّ
[3444] قَوْلُهُ كَلَّا وَالَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ إِلَّا هُوَ وَفِي رِوَايَة بن طَهْمَانَ عِنْدَ النَّسَائِيِّ فَقَالَ لَا وَالَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ قَوْلُهُ وَكَذَّبْتُ عَيْنَيَّ بِالتَّشْدِيدِ عَلَى التَّثْنِيَةِ وَلِبَعْضِهِمْ بِالْإِفْرَادِ وَفِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي كذبت بِالتَّخْفِيفِ وَفتح الْمُوَحدَة وعيني بالافراد فِي مَحل رفع وَوَقع فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ وَكَذَّبْتُ نَفْسِي وَفِي رِوَايَةِ بن طهْمَان وكذبت بَصرِي قَالَ بن التِّينِ قَالَ عِيسَى ذَلِكَ عَلَى الْمُبَالَغَةِ فِي تَصْدِيقِ الْحَالِفِ وَأَمَّا قَوْلُهُ وَكَذَّبْتُ عَيْنِي فَلَمْ يُرِدْ حَقِيقَةَ التَّكْذِيبِ وَإِنَّمَا أَرَادَ كَذَّبْتُ عَيْنِي فِي غير هَذَا قَالَه بن الْجَوْزِيِّ وَفِيهِ بُعْدٌ وَقِيلَ إِنَّهُ أَرَادَ بِالتَّصْدِيقِ وَالتَّكْذِيبِ ظَاهِرَ الْحُكْمِ لَا بَاطِنَ الْأَمْرِ وَإِلَّا فَالْمُشَاهَدَةُ أَعْلَى الْيَقِينِ فَكَيْفَ يُكَذِّبُ عَيْنَهُ وَيُصَدِّقُ قَوْلَ الْمُدَّعِي وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ رَآهُ مَدَّ يَدَهُ إِلَى الشَّيْءِ فَظَنَّ أَنَّهُ تَنَاوَلَهُ فَلَمَّا حَلَفَ لَهُ رَجَعَ عَنْ ظَنِّهِ وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ ظَاهِرُ قَوْلِ عِيسَى لِلرَّجُلِ سَرَقْتَ أَنَّهُ خَبَرٌ جَازِمٌ عَمَّا فَعَلَ الرَّجُلُ مِنَ السَّرِقَةِ لِكَوْنِهِ رَآهُ أَخذ مَا لَا مِنْ حِرْزٍ فِي خُفْيَةٍ وَقَوْلُ الرَّجُلِ كَلَّا نَفْيٌ لِذَلِكَ ثُمَّ أَكَّدَهُ بِالْيَمِينِ وَقَوْلُ عِيسَى آمَنْتُ بِاللَّهِ وَكَذَّبْتُ عَيْنَيَّ أَيْ صَدَّقْتُ مَنْ حَلَفَ بِاللَّهِ وَكَذَّبْتُ مَا ظَهَرَ لِي مِنْ كَوْنِ الْأَخْذِ الْمَذْكُورِ سَرِقَةً