مَرْفُوعًا السَّرِيُّ فِي هَذِهِ الْآيَةِ نَهَرٌ أَخْرَجَهُ اللَّهُ لِمَرْيَمَ لِتَشْرَبَ مِنْهُ ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ عَشَرَةَ أَحَادِيثَ أَوَّلُهَا حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي قِصَّةِ جُرَيْجٍ الرَّاهِبِ وَغَيْرِهِ وَالْغَرَضُ مِنْهُ ذِكْرُ الَّذِينَ تَكَلَّمُوا فِي الْمَهْدِ وَأَوْرَدَهُ فِي تَرْجَمَة عِيسَى لِأَنَّهُ وأولهم

[3436] قَوْلُهُ لَمْ يَتَكَلَّمْ فِي الْمَهْدِ إِلَّا ثَلَاثَةٌ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي هَذَا الْحَصْرِ نَظَرٌ إِلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ الزِّيَادَةَ عَلَى ذَلِكَ وَفِيهِ بُعْدٌ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ كَلَامُ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورِينَ مُقَيَّدًا بِالْمَهْدِ وَكَلَامُ غَيْرِهِمْ مِنَ الْأَطْفَالِ بِغَيْرِ مَهْدٍ لَكِنَّهُ يُعَكِّرُ عَلَيْهِ أَن فِي رِوَايَة بن قُتَيْبَةَ أَنَّ الصَّبِيَّ الَّذِي طَرَحَتْهُ أُمُّهُ فِي الْأُخْدُود كَانَ بن سَبْعَةِ أَشْهُرٍ وَصُرِّحَ بِالْمَهْدِ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَفِيهِ تَعَقُّبٌ عَلَى النَّوَوِيِّ فِي قَوْلِهِ إِنَّ صَاحِبَ الْأُخْدُودِ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَهْدِ وَالسَّبَبُ فِي قَوْلِهِ هَذَا مَا وَقَعَ فِي حَدِيث بن عَبَّاس عِنْد أَحْمد وَالْبَزَّار وبن حِبَّانَ وَالْحَاكِمِ لَمْ يَتَكَلَّمْ فِي الْمَهْدِ إِلَّا أَرْبَعَةٌ فَلَمْ يَذْكُرِ الثَّالِثَ الَّذِي هُنَا وَذَكَرَ شَاهِدَ يُوسُفَ وَالصَّبِيَّ الرَّضِيعَ الَّذِي قَالَ لِأُمِّهِ وَهِيَ مَاشِطَةُ بِنْتِ فِرْعَوْنَ لَمَّا أَرَادَ فِرْعَوْنُ إِلْقَاءَ أُمِّهِ فِي النَّارِ اصْبِرِي يَا أُمَّهْ فَإِنَّا عَلَى الْحَقِّ وَأَخْرَجَ الْحَاكِمُ نَحْوَهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فَيَجْتَمِعُ مِنْ هَذَا خَمْسَةٌ وَوَقَعَ ذِكْرُ شَاهِدِ يُوسُفَ أَيْضًا فِي حَدِيثِ عمرَان بن حُصَيْن لكنه مَوْقُوف وروى بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ مُرْسَلِ هِلَالِ بْنِ يَسَافَ مثل حَدِيث بن عَبَّاس إِلَّا أَنه لم يذكر بن الْمَاشِطَةِ وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ صُهَيْبٍ فِي قِصَّةِ أَصْحَابِ الْأُخْدُودِ أَنَّ امْرَأَةً جِيءَ بِهَا لَتُلْقَى فِي النَّارِ أَوْ لِتَكْفُرَ وَمَعَهَا صَبِيٌّ يَرْضَعُ فَتَقَاعَسَتْ فَقَالَ لَهَا يَا أُمَّهْ اصْبِرِي فَإِنَّكِ عَلَى الْحَقِّ وَزَعَمَ الضَّحَّاكُ فِي تَفْسِيرِهِ أَنَّ يَحْيَى تَكَلَّمَ فِي الْمَهْدِ أَخْرَجَهُ الثَّعْلَبِيُّ فَإِنْ ثَبَتَ صَارُوا سَبْعَةً وَذَكَرَ الْبَغَوِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلَ تَكَلَّمَ فِي الْمَهْدِ وَفِي سِيَرِ الْوَاقِدِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَكَلَّمَ أَوَائِلَ مَا وُلِدَ وَقَدْ تَكَلَّمَ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُبَارَكُ الْيَمَامَةِ وَقِصَّتُهُ فِي دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ لِلْبَيْهَقِيِّ مِنْ حَدِيثِ مُعْرِضٍ بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ عَلَى أَنَّهُ اخْتُلِفَ فِي شَاهِدِ يُوسُف فَقيل كَانَ صَغِيرا وَهَذَا أخرجه بن أبي حَاتِم عَن بن عَبَّاسٍ وَسَنَدُهُ ضَعِيفٌ وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ وَسَعِيدُ بن جُبَير وَأخرج عَن بن عَبَّاسٍ أَيْضًا وَمُجَاهِدٍ أَنَّهُ كَانَ ذَا لِحْيَةٍ وَعَنْ قَتَادَةَ وَالْحَسَنِ أَيْضًا كَانَ حَكِيمًا مِنْ أَهْلِهَا قَوْلُهُ وَكَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ جُرَيْجٌ بِجِيمَيْنِ مُصَغَّرٌ وَقَدْ رَوَى حَدِيثَهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ كَمَا هُنَا وَتَقَدَّمَ فِي الْمَظَالِمِ مِنْ طَرِيقِهِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَالْأَعْرَجُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي أَوَاخِرِ الصَّلَاةِ وَأَبُو رَافِعٍ وَهُوَ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَأَحْمَدَ وَأَبُو سَلَمَةَ وَهُوَ عِنْدَ أَحْمَدَ وَرَوَاهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ أَبِي هُرَيْرَة وَعمْرَان بْنُ حُصَيْنٍ وَسَأَذْكُرُ مَا فِي رِوَايَةِ كُلٍّ مِنْهُمْ مِنَ الْفَائِدَةِ وَأَوَّلُ حَدِيثِ أَبِي سَلَمَةَ كَانَ رَجُلٌ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ تَاجِرًا وَكَانَ يَنْقُصُ مَرَّةً وَيَزِيدُ أُخْرَى فَقَالَ مَا فِي هَذِهِ التِّجَارَةِ خَيْرٌ لَأَلْتَمِسَنَّ تِجَارَةً هِيَ خَيْرٌ مِنْ هَذِهِ فَبَنَى صَوْمَعَةً وَتَرَهَّبَ فِيهَا وَكَانَ يُقَالُ لَهُ جُرَيْجٌ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَدَلَّ ذَلِكَ على أَنه كَانَ بعد عِيسَى بن مَرْيَمَ وَأَنَّهُ كَانَ مِنْ أَتْبَاعِهِ لِأَنَّهُمُ الَّذِينَ ابْتَدَعُوا التَّرَهُّبَ وَحَبْسَ النَّفْسِ فِي الصَّوَامِعِ وَالصَّوْمَعَةُ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْوَاوِ هِيَ الْبِنَاءُ الْمُرْتَفِعُ الْمُحَدَّدُ أَعْلَاهُ وَوَزْنُهَا فَوْعَلَةٌ مِنْ صَمَعْتُ إِذَا دققت لِأَنَّهَا دقيقة الرَّأْس قَوْله جَاءَتْهُ أُمُّهُ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ فَجَاءَتْهُ أُمُّهُ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي رَافِعٍ كَانَ جُرَيْجٌ يَتَعَبَّدُ فِي صَوْمَعَتِهِ فَأَتَتْهُ أُمُّهُ وَلَمْ أَقِفْ فِي شَيْءٍ مِنَ الطُّرُقِ عَلَى اسْمِهَا وَفِي حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَكَانَتْ أُمُّهُ تَأْتِيهِ فَتُنَادِيهِ فَيُشْرِفُ عَلَيْهَا فَيُكَلِّمُهَا فَأَتَتْهُ يَوْمًا وَهُوَ فِي صَلَاتِهِ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي رَافِعٍ عِنْدَ أَحْمَدَ فَأَتَتْهُ أُمُّهُ ذَاتَ يَوْمٍ فَنَادَتْهُ قَالَتْ أَيْ جُرَيْجُ أَشْرِفْ عَلَيَّ أُكَلِّمْكَ أَنَا أُمُّكَ قَوْلُهُ فَدَعَتْهُ فَقَالَ أُجِيبُهَا أَوْ أُصَلِّي زَادَ الْمُصَنِّفُ فِي الْمَظَالِمِ بِالْإِسْنَادِ الَّذِي ذَكَرَهُ هُنَا فَأَبَى أَنْ يُجِيبَهَا وَمَعْنَى قَوْلِهِ أُمِّي وَصَلَاتِي أَيِ اجْتَمَعَ عَلَيَّ إِجَابَةُ أُمِّي وَإِتْمَامُ صَلَاتِي فَوَفِّقْنِي لِأَفْضَلِهِمَا وَفِي رِوَايَةِ أَبِي رَافِعٍ فَصَادَفَتْهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015