بن الْمَدِينِيّ فِي رِوَايَته وبن أَمَتِهِ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ مَقْصُودُ هَذَا الْحَدِيثِ التَّنْبِيهُ عَلَى مَا وَقَعَ لِلنَّصَارَى مِنَ الضَّلَالِ فِي عِيسَى وَأُمِّهِ وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ مَا يُلَقَّنُهُ النَّصْرَانِيُّ إِذَا أَسْلَمَ قَالَ النَّوَوِيُّ هَذَا حَدِيثٌ عَظِيمُ الْمَوْقِعِ وَهُوَ مِنْ أَجْمَعِ الْأَحَادِيثِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الْعَقَائِدِ فَإِنَّهُ جُمِعَ فِيهِ مَا يَخْرُجُ عَنْهُ جَمِيعُ مِلَلِ الْكُفْرِ عَلَى اخْتِلَافِ عَقَائِدِهِمْ وَتَبَاعُدِهِمْ وَقَالَ غَيْرُهُ فِي ذِكْرِ عِيسَى تَعْرِيضٌ بِالنَّصَارَى وَإِيذَانٌ بِأَنَّ إِيمَانَهُمْ مَعَ قَوْلِهِمْ بِالتَّثْلِيثِ شِرْكٌ مَحْضٌ وَكَذَا قَوْلُهُ عَبْدُهُ وَفِي ذِكْرِ رَسُولُهُ تَعْرِيضٌ بِالْيَهُودِ فِي إِنْكَارِهِمْ رِسَالَتَهُ وَقَذْفِهِ بِمَا هُوَ مُنَزَّهٌ عَنْهُ وَكَذَا أُمُّهُ وَفِي قَوْلِهِ وبن أَمَتِهِ تَشْرِيفٌ لَهُ وَكَذَا تَسْمِيَتُهُ بِالرُّوحِ وَوَصْفُهُ بِأَنَّهُ مِنْهُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْض جَمِيعًا مِنْهُ فَالْمَعْنَى أَنَّهُ كَائِنٌ مِنْهُ كَمَا أَنَّ مَعْنَى الْآيَةِ الْأُخْرَى أَنَّهُ سَخَّرَ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ كَائِنَةً مِنْهُ أَيْ أَنَّهُ مُكَوِّنُ كُلِّ ذَلِكَ وَمُوجِدُهُ بِقُدْرَتِهِ وَحِكْمَتِهِ وَقَوْلُهُ وَكَلِمَتُهُ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ حُجَّةُ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ أَبْدَعَهُ مِنْ غَيْرِ أَب وأنطقه فِي غير أَوَانه وأحيى الْمَوْتَى عَلَى يَدِهِ وَقِيلَ سُمِّيَ كَلِمَةَ اللَّهِ لِأَنَّهُ أَوْجَدَهُ بِقَوْلِهِ كُنْ فَلَمَّا كَانَ بِكَلَامِهِ سُمِّيَ بِهِ كَمَا يُقَالُ سَيْفُ اللَّهِ وَأَسَدُ اللَّهِ وَقِيلَ لِمَا قَالَ فِي صِغَرِهِ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ وَأَمَّا تَسْمِيَتُهُ بِالرُّوحِ فَلِمَا كَانَ أَقْدَرَهُ عَلَيْهِ مِنْ إِحْيَاءِ الْمَوْتَى وَقِيلَ لِكَوْنِهِ ذَا رُوحٍ وُجِدَ مِنْ غَيْرِ جُزْءٍ مِنْ ذِي رُوحٍ وَقَوْلُهُ أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ مِنْ أَي أَبْوَاب الْجنَّة شَاءَ يَقْتَضِي دُخُولَهُ الْجَنَّةَ وَتَخْيِيرَهُ فِي الدُّخُولِ مِنْ أَبْوَابِهَا وَهُوَ بِخِلَافِ ظَاهِرِ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمَاضِي فِي بَدْءِ الْخَلْقِ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ لِكُلِّ دَاخِلٍ الْجَنَّةَ بَابًا مُعَيَّنًا يَدْخُلُ مِنْهُ قَالَ وَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُ فِي الْأَصْلِ مُخَيَّرٌ لَكِنَّهُ يَرَى أَنَّ الَّذِي يَخْتَصُّ بِهِ أَفْضَلُ فِي حَقِّهِ فَيَخْتَارُهُ فَيَدْخُلُهُ مُخْتَارًا لَا مَجْبُورًا وَلَا مَمْنُوعًا مِنَ الدُّخُولِ مِنْ غَيْرِهِ قُلْتُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ فَاعِلُ شَاءَ هُوَ اللَّهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ اللَّهَ يُوَفِّقُهُ لِعَمَلٍ يُدْخِلُهُ بِرَحْمَةِ اللَّهِ مِنَ الْبَابِ الْمُعَدِّ لِعَامِلِ ذَلِكَ الْعَمَلِ قَوْله قَالَ الْوَلِيد هُوَ بن مُسْلِمٍ وَهُوَ مَوْصُولٌ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ دَاوُدَ بْنِ رُشَيْدٍ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسلم عَن بن جَابِرٍ وَحَدَّهُ بِهِ وَلَمْ يَذْكُرِ الْأَوْزَاعِيَّ وَأَخْرَجَهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ قَوْلُهُ عَنْ جُنَادَةَ وَزَادَ أَيْ عَنْ جُنَادَةَ عَنْ عُبَادَةَ بِالْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ وَزَادَ فِي آخِرِهِ وَكَذَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ بِالزِّيَادَةِ وَلَفْظُهُ أَدْخَلَهُ اللَّهُ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةِ شَاءَ وَقَدْ تَقَدَّمَتِ الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ فِي صِفَةِ الْجَنَّةِ مِنْ بَدْءِ الْخَلْقِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِدُخُولِ جَمِيعِ الْمُوَحِّدِينَ الْجَنَّةَ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ وَمَعْنَى قَوْلِهِ عَلَى مَا كَانَ مِنَ الْعَمَلِ أَيْ مِنْ صَلَاحٍ أَوْ فَسَادٍ لَكِنَّ أَهْلَ التَّوْحِيدِ لَا بُدَّ لَهُمْ مِنْ دُخُولِ الْجَنَّةِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ عَلَى مَا كَانَ مِنَ الْعَمَلِ أَيْ يَدْخُلُ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ عَلَى حَسَبِ أَعْمَالِ كُلٍّ مِنْهُمْ فِي الدَّرَجَاتِ تَنْبِيهٌ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْأَوْزَاعِيِّ وَحْدَهُ فَقَالَ فِي آخِرِهِ أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الْعَمَل بدل قَوْله فِي رِوَايَة بن جَابِرٍ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةِ أَيِّهَا شَاءَ وَبَيَّنَهُ مُسْلِمٌ فِي رِوَايَتِهِ وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ قِطْعَةً مِنْ طَرِيقِ الصُّنَابِحِيِّ عَنْ عُبَادَةَ مَنْ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُهُ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ النَّارَ وَهُوَ يُؤَيِّدُ مَا سَيَأْتِي ذِكْرُهُ فِي الرِّقَاقِ فِي شَرْحِ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ أَنَّ بَعْضَ الرُّوَاةِ يَخْتَصِرُ الْحَدِيثَ وَأَنَّ الْمُتَعَيَّنَ عَلَى مَنْ يَتَكَلَّمُ عَلَى الْأَحَادِيثِ أَنْ يَجْمَعَ طُرُقَهَا ثُمَّ يَجْمَعَ أَلْفَاظَ الْمُتُونِ إِذَا صَحَّتِ الطُّرُقُ وَيَشْرَحَهَا عَلَى أَنَّهُ حَدِيثٌ وَاحِدٌ فَإِنَّ الْحَدِيثَ أَوْلَى مَا فُسِّرَ بِالْحَدِيثِ قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ فِي قَوْلِهِ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الْعَمَلِ دَلِيلٌ عَلَى الْمُعْتَزِلَةِ مِنْ وَجْهَيْنِ دَعْوَاهُمْ أَنَّ العَاصِي