خُزَاعَةَ فَاسْتَمَرُّوا عَلَى ذَلِكَ فِي الْإِسْلَامِ وَفِيهِ جَوَازُ اسْتِنْصَاحِ بَعْضِ الْمُعَاهَدِينَ وَأَهْلِ الذِّمَّةِ إِذَا دَلَّتِ الْقَرَائِنُ عَلَى نُصْحِهِمْ وَشَهِدَتِ التَّجْرِبَةُ بِإِيثَارِهِمْ أَهْلَ الْإِسْلَامِ عَلَى غَيْرِهِمْ وَلَوْ كَانُوا مِنْ أَهْلِ دِينِهِمْ وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ جَوَازُ اسْتِنْصَاحِ بَعْضِ مُلُوكِ الْعَدُوِّ اسْتِظْهَارًا عَلَى غَيْرِهِمْ وَلَا يُعَدُّ ذَلِكَ مِنْ مُوَالَاةِ الْكُفَّارِ وَلَا مُوَادَّةِ أَعْدَاءِ اللَّهِ بَلْ مِنْ قَبِيلِ اسْتِخْدَامِهِمْ وَتَقْلِيلِ شَوْكَةِ جَمْعِهِمْ وَإِنْكَاءِ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ جَوَازُ الِاسْتِعَانَةِ بِالْمُشْرِكِينَ عَلَى الْإِطْلَاقِ قَوْلُهُ فَقَالَ إِنِّي تَرَكْتُ كَعْبَ بْنَ لُؤَيٍّ وَعَامِرَ بْنَ لُؤَيٍّ إِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى ذِكْرِ هَذَيْنِ لِكَوْنِ قُرَيْشٍ الَّذِينَ كَانُوا بِمَكَّةَ أَجْمَعَ تَرْجِعُ أَنْسَابُهُمْ إِلَيْهِمَا وَبَقِيَ مِنْ قُرَيْشٍ بَنُو سَامَةَ بْنِ لُؤَيٍّ وَبَنُو عَوْفِ بْنِ لُؤَيٍّ وَلَمْ يَكُنْ بِمَكَّةَ مِنْهُمْ أَحَدٌ وَكَذَلِكَ قُرَيْشُ الظَّوَاهِرِ الَّذِينَ مِنْهُمْ بَنُو تَيْمِ بْنِ غَالِبٍ وَمُحَارِبُ بْنُ فِهْرٍ قَالَ هِشَامُ بْنُ الْكَلْبِيِّ بَنُو عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ وَكَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ هُمَا الصَّرِيحَانِ لَا شَكَّ فِيهِمَا بِخِلَافِ سَامَةَ وَعَوْفٍ أَيْ فَفِيهِمَا الْخَلَفُ قَالَ وَهُمْ قُرَيْشُ الْبِطَاحِ أَيْ بِخِلَافِ قُرَيْشِ الظَّوَاهِرِ وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْمَلِيحِ وَجَمَعُوا لَكَ الْأَحَابِيشَ بِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ وَمُوَحَّدَةٍ ثُمَّ شِينٍ مُعْجَمَةٍ وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنَ التَّحَبُّشِ وَهُوَ التَّجَمُّعُ قَوْلُهُ نَزَلُوا أَعْدَادَ مِيَاهِ الْحُدَيْبِيَةِ الْأَعْدَادُ بِالْفَتْحِ جَمْعُ عِدٍّ بِالْكَسْرِ وَالتَّشْدِيدِ وَهُوَ الْمَاءُ الَّذِي لَا انْقِطَاعَ لَهُ وَغَفَلَ الدَّاوُدِيُّ فَقَالَ هُوَ مَوْضِعٌ بِمَكَّةَ وَقَوْلُ بُدَيْلٍ هَذَا يُشْعِرُ بِأَنَّهُ كَانَ بِالْحُدَيْبِيَةِ مِيَاهٌ كَثِيرَةٌ وَأَنَّ قُرَيْشًا سَبَقُوا إِلَى النُّزُولِ عَلَيْهَا فَلِهَذَا عَطِشَ الْمُسْلِمُونَ حَيْثُ نَزَلُوا عَلَى الثَّمَدِ الْمَذْكُورِ قَوْلُهُ وَمَعَهُمُ الْعُوذُ الْمَطَافِيلُ الْعُوذُ بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْوَاوِ بَعْدَهَا مُعْجَمَةٌ جَمْعُ عَائِذٍ وَهِيَ النَّاقَةُ ذَاتُ اللَّبَنِ وَالْمَطَافِيلُ الْأُمَّهَاتُ اللَّاتِي مَعَهَا أَطْفَالُهَا يُرِيدُ أَنَّهُمْ خَرَجُوا مَعَهُمْ بِذَوَاتِ الْأَلْبَانِ مِنَ الْإِبِلِ لِيَتَزَوَّدُوا بِأَلْبَانِهَا وَلَا يَرْجِعُوا حَتَّى يَمْنَعُوهُ أَوْ كَنَّى بِذَلِكَ عَنِ النِّسَاءِ مَعَهُنَّ الْأَطْفَال وَالْمرَاد أَنهم خَرجُوا مَعَهم بِنِسَائِهِمْ وَأَوْلَادِهِمْ لِإِرَادَةِ طُولِ الْمَقَامِ وَلِيَكُونَ أَدْعَى إِلَى عَدَمِ الْفِرَارِ وَيَحْتَمِلُ إِرَادَةَ الْمَعْنَى الْأَعَمِّ قَالَ بن فَارِسٍ كُلُّ أُنْثَى إِذَا وَضَعَتْ فَهِيَ إِلَى سَبْعَةِ أَيَّامٍ عَائِذٌ وَالْجَمْعُ عُوذٌ كَأَنَّهَا سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا تَعُوذُ وَلَدَهَا وَتَلْزَمُ الشُّغْلَ بِهِ وَقَالَ السُّهَيْلِيُّ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ وَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ هُوَ الَّذِي يَعُوذُ بِهَا لِأَنَّهَا تَعْطِفُ عَلَيْهِ بِالشَّفَقَةِ وَالْحُنُوِّ كَمَا قَالُوا تِجَارَةٌ رَابِحَةٌ وَإِنْ كَانَت مربوحا فِيهَا وَوَقع عِنْد بن سعد مَعَهم الْعُوذُ الْمَطَافِيلُ وَالنِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ قَوْلُهُ نَهِكَتْهُمْ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ الْهَاءِ أَيْ أَبْلَغَتْ فِيهِمْ حَتَّى أَضْعَفَتْهُمْ إِمَّا أَضْعَفَتْ قُوَّتَهُمْ وَإِمَّا أَضْعَفَتْ أَمْوَالَهُمْ قَوْلُهُ مَادَدْتُهُمْ أَيْ جَعَلْتُ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ مُدَّةً يَتْرُكُ الْحَرْبَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ فِيهَا قَوْلُهُ وَيُخَلُّوا بَيْنِي وَبَيْنَ النَّاسِ أَيْ مِنْ كُفَّارِ الْعَرَبِ وَغَيْرِهِمْ قَوْلُهُ فَإِنْ أَظْهَرْ فَإِنْ شَاءُوا هُوَ شَرْطٌ بَعْدَ الشَّرْطِ وَالتَّقْدِيرُ فَإِنْ ظَهَرَ غَيْرُهُمْ عَليّ كفاهم الْمُؤْنَة وَإِنْ أَظْهَرْ أَنَا عَلَى غَيْرِهِمْ فَإِنْ شَاءُوا أَطَاعُونِي وَإِلَّا فَلَا تَنْقَضِي مُدَّةُ الصُّلْحِ إِلَّا وَقد جموا أَيِ اسْتَرَاحُوا وَهُوَ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ المضمومة أَي قووا وَوَقع فِي رِوَايَة بن إِسْحَاقَ وَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا قَاتَلُوا وَبِهِمْ قُوَّةٌ وَإِنَّمَا رَدَّدَ الْأَمْرَ مَعَ أَنَّهُ جَازِمٌ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَيَنْصُرُهُ وَيُظْهِرُهُ لِوَعْدِ اللَّهِ تَعَالَى لَهُ بِذَلِكَ عَلَى طَرِيقِ التَّنَزُّلِ مَعَ الْخَصْمِ وَفَرْضِ الْأَمْرِ عَلَى مَا زَعَمَ الْخَصْمُ وَلِهَذِهِ النُّكْتَةِ حَذَفَ الْقِسْمَ الْأَوَّلَ وَهُوَ التَّصْرِيحُ بِظُهُورِ غَيْرِهِ عَلَيْهِ لَكِنْ وَقَعَ التَّصْرِيحُ بِهِ فِي رِوَايَة بن إِسْحَاقَ وَلَفْظُهُ فَإِنْ أَصَابُونِي كَانَ الَّذِي أَرَادُوا وَلِابْنِ عَائِذٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ الزُّهْرِيِّ فَإِنْ ظَهَرَ النَّاسُ عَلَيَّ فَذَلِكَ الَّذِي يَبْتَغُونَ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْحَذْفَ وَقَعَ مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ تَأَدُّبًا قَوْلُهُ حَتَّى تَنْفَرِدَ سَالِفَتِي السَّالِفَةُ بِالْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ اللَّامِ بَعْدَهَا فَاءٌ صَفْحَةُ الْعُنُقِ وَكَنَّى بِذَلِكَ عَنِ الْقَتْلِ لِأَنَّ الْقَتِيلَ تَنْفَرِدُ مُقَدِّمَةُ عُنُقِهِ وَقَالَ الدَّاوُدِيُّ الْمُرَادُ الْمَوْتُ أَيْ حَتَّى أَمُوتَ وَأَبْقَى مُنْفَرِدًا فِي قَبْرِي وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ أَنَّهُ يُقَاتِلُ حَتَّى يَنْفَرِدَ وَحْدَهُ فِي مُقَاتلَتهمْ وَقَالَ بْنُ الْمُنِيرِ لَعَلَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَبَّهَ بالأدنى على