وَبَعَثِهِ إِيَّاهَا مَعَ أَبِي بَكْرٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِيمَا تَرْجَمَ لَهُ مِنَ الْوَكَالَةِ فِي الْبُدْنِ وَأَمَّا تَعَاهُدُهَا فَلَعَلَّهُ يُشِيرُ بِهِ إِلَى مَا تَضَمَّنَهُ الْحَدِيثُ مِنْ مُبَاشَرَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاهَا بِنَفْسِهِ حَتَّى قَلَّدَهَا بِيَدَيْهِ فَمِنْ شَأْنِ أَبِي بَكْرٍ أَنْ يَعْتَنِيَ بِمَا اعْتَنَى بِهِ وَقَدْ سَبَقَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي الْحَج
(قَوْلُهُ بَابُ إِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِوَكِيلِهِ ضَعْهُ حَيْثُ أَرَاكَ اللَّهُ وَقَالَ الْوَكِيلُ قَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتَ)
أَيْ فَوَضَعَهُ حَيْثُ أَرَادَ جَازَ فِيهِ حَدِيثُ أَنَسٍ فِي قِصَّةِ صَدَقَةِ أَبِي طَلْحَةَ عِنْدَ نُزُولِ قَوْلِهِ تَعَالَى
[2318] لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَشَاهِدُ التَّرْجَمَةِ مِنْهُ قَوْلُ أَبِي طَلْحَةَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّهَا صَدَقَةُ لِلَّهِ أَرْجُو بِرَّهَا وَذُخْرَهَا عِنْدَ اللَّهِ فَضَعْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ حَيْثُ شِئْتَ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ مَا وَضَعَهَا بِنَفْسِهِ بَلْ أَمَرَهُ أَنْ يَضَعَهَا فِي الْأَقْرَبِينَ لَكِنَّ الْحُجَّةَ فِيهِ تَقْرِيرُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ذَلِكَ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْوَكَالَةَ لَا تَتِمُّ إِلَّا بِالْقَبُولِ لِأَنَّ أَبَا طَلْحَةَ قَالَ ضَعْهَا حَيْثُ أَرَاكَ اللَّهُ فَرَدَّ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَقَالَ أَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِي الْأَقْرَبِينَ قَوْلُهُ أَفْعَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَضْبُوطٌ فِي الطُّرُقِ كُلِّهَا بِهَمْزَةِ قَطْعٍ عَلَى أَنَّهُ فِعْلٌ مُسْتَقْبَلٌ وَحَكَى الدَّاوُدِيُّ فِيهِ صِيغَةَ الْأَمْرِ أَيِ افْعَلْ ذَلِكَ أَنْتَ يَا رَسُول الله وَتعقبه بن التِّينِ بِأَنَّهُ لَمْ تَثْبُتْ بِهِ الرِّوَايَةُ وَأَنَّ السِّيَاقَ يَأْبَاهُ قَوْلُهُ تَابَعَهُ إِسْمَاعِيلُ عَنْ مَالِكٍ يَأْتِي مَوْصُولًا فِي تَفْسِيرِ آلِ عِمْرَانَ قَوْلُهُ وَقَالَ رَوْحٌ عَنْ مَالِكٍ رَابِحٌ يَعْنِي أَنَّ رُوحَ بْنَ عُبَادَةَ وَافَقَ فِي الرِّوَايَةِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْإِسْنَادِ وَالْمَتْنِ إِلَّا فِي هَذِهِ اللَّفْظَةِ وَرِوَايَتُهُ الْمَذْكُورَةُ أَخْرَجَهَا الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ الِاخْتِلَافِ فِي هَذِهِ اللَّفْظَةِ فِي بَابِ الزَّكَاةِ عَلَى الْأَقَارِبِ مِنْ كِتَابِ الزَّكَاةِ وَتَقَدَّمَ هُنَاكَ ضَبْطُ بَيْرُحَاءَ وَيَأْتِي شَرْحُ الْحَدِيثِ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى