لَا حِلْفَ فِي الْإِسْلَامِ الْحِلْفُ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ اللَّامِ بَعْدَهَا فَاءٌ الْعَهْدُ وَالْمَعْنَى أَنَّهُمْ لَا يَتَعَاهَدُونَ فِي الْإِسْلَامِ عَلَى الْأَشْيَاءِ الَّتِي كَانُوا يَتَعَاهَدُونَ عَلَيْهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَمَا سَأَذْكُرُهُ وَكَأَنَّ عَاصِمًا يُشِيرُ بِذَلِكَ إِلَى مَا رَوَاهُ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ مَرْفُوعًا لَا حِلْفَ فِي الْإِسْلَامِ وَأَيُّمَا حِلْفٍ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ لَمْ يَزِدْهُ الْإِسْلَامُ إِلَّا شِدَّةً أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَلِهَذَا الْحَدِيثِ طُرُقٌ مِنْهَا عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ مِثْلُهُ أَخْرَجَهُ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ فِي كِتَابِ مَكَّةَ عَنْ أَبِيهِ وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ جَدِّهِ قَالَ خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى دَرَجِ الْكَعْبَةِ فَقَالَ أَيُّهَا النَّاسُ فَذَكَرَ نَحْوَهُ أَخْرَجَهُ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ وَأَصْلُهُ فِي السُّنَنِ وَعَنْ قَيْسِ بْنِ عَاصِمٍ أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْحِلْفِ فَقَالَ لَا حِلْفَ فِي الْإِسْلَامِ وَلَكِنْ تَمَسَّكُوا بِحِلْفِ الْجَاهِلِيَّةِ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَعُمَرُ بْنُ شَبَّةَ وَاللَّفْظ لَهُ وَمِنْهَا عَن بن عَبَّاسٍ رَفَعَهُ مَا كَانَ مِنْ حِلْفٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ لَمْ يَزِدْهُ الْإِسْلَامُ إِلَّا شِدَّةً وَحِدَّةً أَخْرَجَهُ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ وَاللَّفْظُ لَهُ وَأَحْمَدُ وَصَححهُ بن حِبَّانَ وَمِنْ مُرْسَلِ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ أَرَادَتِ الْأَوْسُ أَنْ تُحَالِفَ سَلْمَانَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ حَدِيثِ قَيْسِ بْنِ عَاصِمٍ أَخْرَجَهُ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ وَمِنْ مُرْسَلِ الشَّعْبِيِّ رَفَعَهُ لَا حِلْفَ فِي الْإِسْلَام وَحلف الْجَاهِلِيَّة مشدود وَذَكَرَ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ أَنَّ أَوَّلَ حِلْفٍ كَانَ بِمَكَّةَ حِلْفُ الْأَحَابِيشِ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ شَكَتْ لِرَجُلٍ مِنْ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ مَنَاةَ بْنِ كِنَانَةَ تَسَلُّطَ بَنِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ مَنَاةَ بْنِ كِنَانَةَ عَلَيْهِمْ فَأَتَى قَوْمَهُ فَقَالَ لَهُمْ ذَلَّتْ قُرَيْشٌ لِبَنِي بَكْرٍ فَانْصُرُوا إِخْوَانَكُمْ فَرَكِبُوا إِلَى بَنِي الْمُصْطَلِقِ مِنْ خُزَاعَةَ فَسَمِعَتْ بِهِمْ بَنُو الْهَوْنِ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ مُدْرِكَةَ فَاجْتَمَعُوا بِذَنْبِ حَبَشٍ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ بَعْدَهَا مُعْجَمَةٌ وَهُوَ جَبَلٌ بِأَسْفَلِ مَكَّةَ فَتَحَالَفُوا إِنَّا لَيَدٌ عَلَى غَيْرِنَا مارسى حَبَشٌ مَكَانَهُ وَكَانَ هَذَا مَبْدَأَ الْأَحَابِيشِ وَعِنْدَ عُمَرَ بْنِ شَبَّةَ مِنْ مُرْسَلِ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ مِثْلَهُ ثُمَّ دَخَلَتْ فِيهِمُ الْقَارَّةُ قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عُمَرَ إِنَّمَا سُمُّوا الْأَحَابِيشَ لِتَحَالُفِهِمْ عِنْدَ حَبَشٍ ثُمَّ أَسْنَدَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهُ عَلَى عَشَرَةِ أَمْيَالٍ مِنْ مَكَّةَ وَمِنْ طَرِيقِ حَمَّادٍ الرَّاوِيَةِ سُمُّوا لِتَحَبُّشِهِمْ أَيْ تَجَمُّعِهِمْ قَالَ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ ثُمَّ كَانَ حِلْفُ قُرَيْشٍ وَثَقِيفٍ وَدَوْسٍ وَذَلِكَ أَنَّ قُرَيْشًا رَغِبَتْ فِي وَجٍّ وَهُوَ مِنَ الطَّائِفِ لِمَا فِيهِ مِنَ الشَّجَرِ وَالزَّرْعِ فَخَافَتْهُمْ ثَقِيفٌ فَحَالَفَتْهُمْ وَأَدْخَلَتْ مَعَهُمْ بَنِي دَوْسٍ وَكَانُوا إِخْوَانَهُمْ وَجِيرَانَهُمْ ثُمَّ كَانَ حِلْفُ الْمُطَيَّبِينَ وَأَزْدٍ وَأُسْنِدَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي سَلَمَةَ رَفَعَهُ مَا شَهِدْتُ مِنْ حِلْفٍ إِلَّا حِلْفَ الْمُطَيَّبِينَ وَمَا أُحِبُّ أَنْ أَنْكُثَهُ وَأَنَّ لِي حُمُرَ النَّعَمِ وَمِنْ مُرْسَلِ طَلْحَةَ بْنِ عَوْفٍ نَحْوَهُ وَزَادَ وَلَوْ دُعِيتُ بِهِ الْيَوْمَ فِي الْإِسْلَامِ لَأَجَبْتُ وَمِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ رَفَعَهُ شَهِدْتُ وَأَنَا غُلَامٌ حِلْفًا مَعَ عُمُومَتِي الْمُطَيَّبِينَ فَمَا أُحِبُّ أَنَّ لِي حُمُرَ النَّعَمِ وَأَنِّي نَكَثْتُهُ قَالَ وَحِلْفُ الْفُضُولِ وَهُمْ فَضْلٌ وَفَضَالَةُ وَمُفَضَّلٌ تَحَالَفُوا فَلَمَّا وَقَعَ حِلْفُ الْمُطَيَّبِينَ بَيْنَ هَاشِمٍ وَالْمُطَّلِبِ وَأَسَدٍ وَزُهْرَةَ قَالُوا حِلْفٌ كَحِلْفِ الْفُضُولِ وَكَانَ حِلْفُهُمْ أَنْ لَا يُعِينَ ظَالِمٌ مَظْلُومًا بِمَكَّةَ وَذَكَرُوا فِي سَبَبِ ذَلِكَ أَشْيَاءَ مُخْتَلِفَةً مُحَصِّلُهَا أَنَّ الْقَادِمَ مِنْ أَهْلِ الْبِلَادِ كَانَ يَقْدَمُ مَكَّةَ فَرُبَّمَا ظَلَمَهُ بَعْضُ أَهْلِهَا فَيَشْكُوهُ إِلَى مَنْ بِهَا مِنَ الْقَبَائِلِ فَلَا يُفِيدُ فَاجْتَمَعَ بَعْضُ مَنْ كَانَ يَكْرَهُ الظُّلْمُ وَيَسْتَقْبِحُهُ إِلَى أَنْ عَقَدُوا الْحِلْفَ وَظَهَرَ الْإِسْلَامُ وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ وَسَيَأْتِي بَيَانُ مَا وَقَعَ فِي الْإِسْلَامِ مِنْ ذَلِكَ فِي أَوَائِلِ مَنَاقِبِ الْأَنْصَارِ وَفِي أَوَائِلِ الْهِجْرَةِ قَوْلُهُ قَدْ حَالَفَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الطَّبَرِيُّ مَا اسْتَدَلَّ بِهِ أَنَسٌ عَلَى إِثْبَاتِ الْحَلْفِ لَا يُنَافِي حَدِيثَ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ فِي نَفْيِهِ فَإِنَّ الْإِخَاءَ الْمَذْكُورَ كَانَ فِي أَوَّلِ الْهِجْرَةِ وَكَانُوا يَتَوَارَثُونَ بِهِ ثُمَّ نُسِخَ مِنْ ذَلِكَ الْمِيرَاثُ وَبَقِيَ مَا لَمْ يُبْطِلْهُ الْقُرْآنُ وَهُوَ التَّعَاوُنُ عَلَى الْحَقِّ وَالنَّصْرُ وَالْأَخْذُ عَلَى يَدِ الظَّالِمِ كَمَا قَالَ بن عَبَّاسٍ إِلَّا النَّصْرَ وَالنَّصِيحَةَ وَالرِّفَادَةَ وَيُوصَى لَهُ وَقَدْ ذَهَبَ الْمِيرَاثُ قُلْتُ وَعُرِفَ بِذَلِكَ وَجْهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015