الْحَدِيثُ يَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ فَأَتَوْهُمْ فِي رِوَايَةِ مَعْبَدِ بْنِ سِيرِينَ أَنَّ الَّذِي جَاءَ فِي هَذِهِ الرِّسَالَةِ جَارِيَةٌ مِنْهُمْ فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ مَعَهَا غَيْرُهَا زَادَ الْبَزَّارُ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ فَقَالُوا لَهُمْ قَدْ بَلَغَنَا أَنَّ صَاحِبَكُمْ جَاءَ بِالنُّورِ وَالشِّفَاءِ قَالُوا نَعَمْ قَوْلُهُ وَسَعَيْنَا فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ وَشَفَيْنَا بِالْمُعْجَمَةِ وَالْفَاءِ وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا فِيهَا قَوْلُهُ فَهَلْ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْكُمْ مِنْ شَيْءٍ زَادَ أَبُو دَاوُدَ فِي رِوَايَتِهِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ يَنْفَعُ صَاحِبَنَا قَوْلُهُ فَقَالَ بَعْضُهُمْ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ نَعَمْ وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرْقِي بِكَسْرِ الْقَافِ وَبَيَّنَ الْأَعْمَشُ أَنَّ الَّذِي قَالَ ذَلِكَ هُوَ أَبُو سَعِيدٍ رَاوِي الْخَبَرِ وَلَفْظُهُ قُلْتُ نَعَمْ أَنَا وَلَكِنْ لَا أَرْقِيهِ حَتَّى تُعْطُونَا غَنَمًا فَأَفَادَ بَيَانَ جِنْسِ الْجُعْلِ وَهُوَ بِضَمِّ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ مَا يُعْطَى عَلَى عَمَلٍ وَقَدِ اسْتَشْكَلَ كَوْنَ الرَّاقِي هُوَ أَبُو سَعِيدٍ رَاوِي الْخَبَرِ مَعَ مَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ مَعْبَدِ بْنِ سِيرِينَ فَقَامَ مَعَهَا رَجُلٌ مَا كُنَّا نَظُنُّهُ يُحْسِنُ رُقْيَةً وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَسَيَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ بِلَفْظٍ آخَرَ وَفِيهِ فَلَمَّا رَجَعَ قُلْنَا لَهُ أَكُنْتَ تُحْسِنُ رُقْيَةً فَفِي ذَلِكَ إِشْعَارٌ بِأَنَّهُ غَيْرُهُ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَا مَانِعَ مِنْ أَنْ يُكَنِّيَ الرَّجُلُ عَنْ نَفْسِهِ فَلَعَلَّ أَبَا سَعِيدٍ صَرَّحَ تَارَةً وَكَنَّى أُخْرَى وَلَمْ يَنْفَرِدِ الْأَعْمَشُ بِتَعْيِينِهِ وَقَدْ وَقَعَ أَيْضًا فِي رِوَايَةِ سُلَيْمَانَ بْنِ قَتَّةَ بِلَفْظِ فَأَتَيْتُهُ فَرَقَيْتُهُ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ عِنْدَ الْبَزَّارِ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ أَنَا أَرْقِيهِ وَهُوَ مِمَّا يُقَوِّي رِوَايَةَ الْأَعْمَشِ فَإِنَّ أَبَا سَعِيدٍ أَنْصَارِيٌّ وَأَمَّا حَمْلُ بَعْضِ الشَّارِحِينَ ذَلِكَ عَلَى تَعَدُّدِ الْقِصَّةِ وَأَنَّ أَبَا سَعِيدٍ رَوَى قِصَّتَيْنِ كَانَ فِي إِحْدَاهُمَا رَاقِيًا وَفِي الْأُخْرَى كَانَ الرَّاقِي غَيْرَهُ فَبَعِيدٌ جِدًّا وَلَا سِيَّمَا مَعَ اتِّحَادِ الْمَخْرَجِ وَالسِّيَاقِ وَالسَّبَبِ وَيَكْفِي فِي رَدِّ ذَلِكَ أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّعَدُّدِ وَلَا حَامِلَ عَلَيْهِ فَإِنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ مُمْكِنٌ بِدُونِهِ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا قَدَّمْتُهُ مِنْ حَدِيثِ خَارِجَةَ بْنِ الصَّلْتِ عَنْ عَمِّهِ فَإِنَّ السِّيَاقَيْنِ مُخْتَلِفَانِ وَكَذَا السَّبَبُ فَكَانَ الْحَمْلُ علىالتعدد فِيهِ قَرِيبًا قَوْلُهُ فَصَالَحُوهُمْ أَيْ وَافَقُوهُمْ قَوْلُهُ على قطيع من الْغنم قَالَ بن التِّينِ الْقَطِيعُ هُوَ الطَّائِفَةُ مِنَ الْغَنَمِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الْقَطِيعَ هُوَ الشَّيْءُ الْمُقْتَطَعُ مِنْ غَنَمٍ كَانَ أَو غَيرهَا وَقد صرح بذلك بن قُرْقُولٍ وَغَيْرُهُ وَزَادَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْغَالِبَ اسْتِعْمَالُهُ فِيمَا بَيْنَ الْعَشَرَةِ وَالْأَرْبَعِينَ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْأَعْمَشِ فَقَالُوا إِنَّا نُعْطِيكُمْ ثَلَاثِينَ شَاةً وَكَذَا ثَبَتَ ذِكْرُ عَدَدِ الشِّيَاهِ فِي رِوَايَةِ مَعْبَدِ بْنِ سِيرِينَ وَهُوَ مُنَاسِبٌ لِعَدَدِ السَّرِيَّةِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ الْحَدِيثِ وَكَأَنَّهُمُ اعْتَبَرُوا عَدَدَهُمْ فَجَعَلُوا الْجُعْلَ بِإِزَائِهِ قَوْلُهُ فَانْطَلَقَ يَتْفُلُ بِضَمِّ الْفَاءِ وَبِكَسْرِهَا وَهُوَ نَفْخٌ مَعَهُ قَلِيلُ بُزَاقٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْبَحْثُ فِيهِ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الصَّلَاة قَالَ بن أَبِي حَمْزَةَ مَحَلُّ التَّفْلِ فِي الرُّقْيَةِ يَكُونُ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ لِتَحْصِيلِ بَرَكَةِ الْقِرَاءَةِ فِي الْجَوَارِحِ الَّتِي يَمُرُّ عَلَيْهَا الرِّيقُ فَتَحْصُلُ الْبَرَكَةُ فِي الرِّيقِ الَّذِي يَتْفُلُهُ قَوْلُهُ وَيَقْرَأُ الْحَمْدُ لِلَّهِ رب الْعَالمين فِي رِوَايَةِ شُعْبَةَ فَجَعَلَ يَقْرَأُ عَلَيْهَا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَكَذَا فِي حَدِيثِ جَابِرٍ وَفِي رِوَايَةِ الْأَعْمَش فَقَرَأت عَلَيْهِ الْحَمد لله وَيُسْتَفَاد مِنْهُ تَسْمِيَة الْفَاتِحَة الْحَمد وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين وَلَمْ يَذْكُرْ فِي هَذِهِ الطَّرِيقِ عَدَدَ مَا قَرَأَ الْفَاتِحَةَ لَكِنَّهُ بَيَّنَهُ فِي رِوَايَةِ الْأَعْمَشِ وَأَنَّهُ سَبْعُ مَرَّاتٍ وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَالْحُكْمُ لِلزَّائِدِ قَوْلُهُ فَكَأَنَّمَا نُشِطَ كَذَا لِلْجَمِيعِ بِضَمِّ النُّونِ وَكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ مِنَ الثُّلَاثِيِّ قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَهُوَ لُغَةٌ وَالْمَشْهُورُ نُشِطَ إِذَا عُقِدَ وَأُنْشِطَ إِذَا حُلَّ وَأَصْلُهُ الْأُنْشُوطَةُ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَالْمُعْجَمَةِ بَيْنَهُمَا نُونٌ سَاكِنَةٌ وَهِيَ الْحَبل وَقَالَ بن التِّينِ حَكَى بَعْضُهُمْ أَنَّ مَعْنَى أُنْشِطَ حُلَّ وَمَعْنَى نُشِطَ أُقِيمَ بِسُرْعَةٍ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ رَجُلٌ نَشِيطٌ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى نُشِطَ فَزِعَ وَلَوْ قُرِئَ بِالتَّشْدِيدِ لَكَانَ لَهُ وَجْهٌ أَيْ حُلَّ شَيْئًا فَشَيْئًا قَوْلُهُ مِنْ عِقَالٍ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ بَعْدَهَا قَافٌ هُوَ الْحَبْلُ الَّذِي يُشَدُّ بِهِ ذِرَاعُ الْبَهِيمَةِ قَوْلُهُ وَمَا بِهِ قَلَبَةٌ بِحَرَكَاتٍ أَيْ عِلَّةٌ وَقِيلَ لِلْعِلَّةِ قَلَبَةٌ لِأَنَّ الَّذِي تُصِيبُهُ يُقْلَبُ مِنْ جَنْبٍ إِلَى جَنْبٍ ليعلم مَوضِع الدَّاء قَالَه بن الْأَعْرَابِيِّ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015