(قَوْلُهُ بَابُ الْإِجَارَةِ مِنَ الْعَصْرِ إِلَى اللَّيْلِ)

أَيْ مِنْ أَوَّلِ وَقْتِ الْعَصْرِ إِلَى أَوَّلِ دُخُولِ اللَّيْلِ أَوْرَدَ فِيهِ حَدِيثَ أَبِي مُوسَى وَقَدْ مَضَى سَنَدُهُ وَمَتْنُهُ فِي الْمَوَاقِيتِ وَشَيْخُهُ أَبُو كُرَيْبٍ الْمَذْكُورُ هُنَاكَ هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ الْمَذْكُورُ هُنَاكَ وَبُرَيْدٌ بِالْمُوَحَّدَةِ وَالتَّصْغِيرِ هُوَ بن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ

[2271] قَوْلُهُ كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ قَوْمًا هُوَ مِنْ بَابِ الْقَلْبِ وَالتَّقْدِيرُ كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَأْجَرَهُمْ رَجُلٌ أَوْ هُوَ مِنْ بَابِ التَّشْبِيهِ بِالْمُرَكَّبِ قَوْلُهُ يَعْمَلُونَ لَهُ عَمَلًا يَوْمًا إِلَى اللَّيْلِ هَذَا مُغَايِرٌ لِحَدِيثِ بن عُمَرَ لِأَنَّ فِيهِ أَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُمْ عَلَى أَنْ يَعْمَلُوا إِلَى نِصْفِ النَّهَارِ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ التَّوْفِيقِ بَيْنَهُمَا فِي الْمَوَاقِيتِ وَأَنَّهُمَا حَدِيثَانِ سِيقَا فِي قِصَّتَيْنِ نَعَمْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ الْمَاضِيَةِ فِي الْمَوَاقِيتِ الْآتِيَةِ فِي التَّوْحِيدِ مَا يُوَافق رِوَايَة أبي مُوسَى فرحجها الْخَطَّابِيُّ عَلَى رِوَايَةِ نَافِعٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ لَكِنْ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الْقِصَّتَانِ جَمِيعًا كَانَتَا عِنْد بن عُمَرَ فَحَدَّثَ بِهِمَا فِي وَقْتَيْنِ وَجَمَعَ بَيْنَهُمَا بن التِّينِ بِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونُوا غَضِبُوا أَوَّلًا فَقَالُوا مَا قَالُوا إِشَارَةً إِلَى طَلَبِ الزِّيَادَةِ فَلَمَّا لَمْ يُعْطَوْا قَدْرًا زَائِدًا تَرَكُوا فَقَالُوا لَكَ مَا عَمِلْنَا بَاطِلٌ انْتَهَى وَفِيهِ مَعَ بُعْدِهِ مُخَالَفَةٌ لِصَرِيحِ مَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ فِي الْمَوَاقِيتِ وَفِي التَّوْحِيدِ فَفِيهَا قَالُوا رَبَّنَا أَعْطَيْتَ هَؤُلَاءِ قِيرَاطَيْنِ قِيرَاطَيْنِ وَأَعْطَيْتَنَا قِيرَاطًا قِيرَاطًا وَنَحْنُ كُنَّا أَكْثَرَ عَمَلًا فَفِيهِ التَّصْرِيحُ بِأَنَّهُمْ أُعْطُوا ذَلِكَ إِلَّا أَنْ يُحْمَلَ قَوْلُهُمْ أَعْطَيْتَنَا أَيْ أَمَرْتَ لَنَا أَوْ وَعَدْتَنَا وَلَا يَسْتَلْزِمُ ذَلِكَ أَنَّهُمْ أَخَذُوهُ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْجَمْعَ بِكَوْنِهِمَا قِصَّتَيْنِ أَوْضَحُ وَظَاهِرُ الْمَثَلِ الَّذِي فِي حَدِيثِ أَبِي مُوسَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ للْيَهُود آمنُوا بن وَبِرُسُلِي إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَآمَنُوا بِمُوسَى إِلَى أَنْ بُعِثَ عِيسَى فَكَفَرُوا بِهِ وَذَلِكَ فِي قَدْرِ نِصْفِ الْمُدَّةِ الَّتِي مِنْ مَبْعَثِ مُوسَى إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ فَقَوْلُهُمْ لَا حَاجَةَ لَنَا إِلَى أَجْرِكَ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُمْ كَفَرُوا وَتَوَلَّوْا وَاسْتغْنى الله عَنْهُم وَهَذَا من إِطْلَاق القَوْل وَإِرَادَة لَازِمِهِ لِأَنَّ لَازِمَهُ تَرْكُ الْعَمَلِ الْمُعَبَّرِ بِهِ عَنْ تَرْكِ الْإِيمَانِ وَقَوْلُهُمْ وَمَا عَمِلْنَا بَاطِلٌ إِشَارَة إِلَى إحباط عَمَلهم بكفرهم بِعِيسَى إِذا لَا يَنْفَعُهُمُ الْإِيمَانُ بِمُوسَى وَحْدَهُ بَعْدَ بَعْثَةِ عِيسَى وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي النَّصَارَى إِلَّا أَنَّ فِيهِ إِشَارَةً إِلَى أَنَّ مُدَّتَهُمْ كَانَتْ قَدْرَ نِصْفِ الْمُدَّةِ فَاقْتَصَرُوا عَلَى نَحْوِ الرُّبُعِ مِنْ جَمِيع النَّهَار وَقَوْلهمْ وَلَكُمُ الَّذِي شَرَطْتُ زَادَ فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ الَّذِي شرطت لهَؤُلَاء من الْأجر يَعْنِي الَّذِي قَبْلَهُمْ وَقَوْلُهُ فَإِنَّمَا بَقِيَ مِنَ النَّهَارِ شَيْءٌ يَسِيرٌ أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِمَا مَضَى مِنْهُ وَالْمُرَادُ مَا بَقِيَ مِنَ الدُّنْيَا وَقَوْلُهُ وَاسْتَكْمَلُوا أَجْرَ الْفَرِيقَيْنِ أَيْ بِإِيمَانِهِمْ بِالْأَنْبِيَاءِ الثَّلَاثَةِ وَتَضَمَّنَ الْحَدِيثُ الْإِشَارَةَ إِلَى قَصْرِ الْمُدَّةِ الَّتِي بَقِيَتْ مِنَ الدُّنْيَا وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي قَوْلِهِ بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ قَوْلُهُ حَتَّى إِذَا كَانَ حِينَ صَلَاةِ الْعَصْرِ هُوَ بِنَصْبِ حِينَ وَيَجُوزُ فِيهِ الرَّفْعُ قَوْلُهُ وَاسْتَكْمَلُوا أَجْرَ الْفَرِيقَيْنِ كِلَيْهِمَا كَذَا لأبي ذَر وَغَيره وَحكى بن التِّين أَن فِي رِوَايَته كلاهم بِالرَّفْعِ وَخَطَّأَهُ وَلَيْسَ كَمَا زَعَمَ بَلْ لَهُ وَجْهٌ قَوْلُهُ فَذَلِكَ مَثَلُهُمْ أَيِ الْمُسْلِمِينَ وَمَثَلُ مَا قبلوا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015