الْفَجْرِ فَهُوَ مُعَارِضٌ لِقَوْلِ حُذَيْفَةَ هُوَ النَّهَارُ إِلَّا أَنَّ الشَّمْسَ لَمْ تَطْلُعْ انْتَهَى وَالْجَوَابُ أَنْ لَا مُعَارَضَةَ بَلْ تُحْمَلُ عَلَى اخْتِلَافِ الْحَالِ فَلَيْسَ فِي رِوَايَةِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا يُشْعِرُ بِالْمُوَاظَبَةِ فَتَكُونُ قِصَّةُ حُذَيْفَةَ سَابِقَةً وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِإِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ فِي الْمَوَاقِيتِ وَكَوْنُهُ مِنْ مُسْنَدِ زَيْدِ بن ثَابت أَو من مُسْند أنس
مِنْ غَيْرِ إِيجَابٍ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ وَاصَلُوا وَلَمْ يُذْكَرِ السَّحُورُ بِضَمِّ يُذْكَرْ عَلَى الْبناء للْمَجْهُول وللكشميهني والنسفى وَلم يُذْكَرْ سَحُورٌ قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ الِاسْتِدْلَالُ عَلَى الْحُكْمِ إِنَّمَا يُفْتَقَرُ إِلَيْهِ إِذَا ثَبَتَ الِاخْتِلَافُ أَوْ كَانَ مُتَوَقَّعًا وَالسُّحُورُ إِنَّمَا هُوَ أَكْلٌ لِلشَّهْوَةِ وَحِفْظِ الْقُوَّةِ لَكِنْ لَمَّا جَاءَ الْأَمْرُ بِهِ احْتَاجَ أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى ظَاهِرِهِ مِنَ الْإِيجَابِ وَكَذَا النَّهْيُ عَنِ الْوِصَالِ يَسْتَلْزِمُ الْأَمْرَ بِالْأَكْلِ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ انْتَهَى وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ النَّهْيَ عَنِ الْوِصَالِ إِنَّمَا هُوَ أَمْرٌ بِالْفَصْلِ بَيْنَ الصَّوْمِ وَالْفِطْرِ فَهُوَ أَعَمُّ مِنَ الْأَكْلِ آخِرَ اللَّيْلِ فَلَا يَتَعَيَّنُ السّحُور وَقد نقل بن الْمُنْذر الْإِجْمَاع على ندبية السّحُور وَقَالَ بن بَطَّالٍ فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ غَفْلَةٌ مِنَ الْبُخَارِيِّ لِأَنَّهُ قَدْ أَخْرَجَ بَعْدَ هَذَا حَدِيثَ أَبِي سَعِيدٍ أَيُّكُمْ أَرَادَ أَنْ يُوَاصِلَ فَلْيُوَاصِلْ إِلَى السَّحَرِ فَجَعَلَ غَايَةَ الْوِصَالِ السَّحَرَ وَهُوَ وَقْتُ السُّحُورِ قَالَ وَالْمُفَسَّرُ يَقْضِي عَلَى الْمُجْمَلِ انْتَهَى وَقد تَلقاهُ جمَاعَة بعده بِالتَّسْلِيمِ وَتعقبه بن الْمُنِيرِ فِي الْحَاشِيَةِ بِأَنَّ الْبُخَارِيَّ لَمْ يُتَرْجِمْ عَلَى عَدَمِ مَشْرُوعِيَّةِ السُّحُورِ وَإِنَّمَا تَرْجَمَ عَلَى عَدَمِ إِيجَابِهِ وَأَخَذَ مِنَ الْوِصَالِ أَنَّ السُّحُورَ لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَحَيْثُ نَهَاهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْوِصَالِ لَمْ يَكُنْ عَلَى سَبِيلِ تَحْرِيمِ الْوِصَالِ وَإِنَّمَا هُوَ نَهْيُ إِرْشَادٍ لِتَعْلِيلِهِ إِيَّاهُ بِالْإِشْفَاقِ عَلَيْهِمْ وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ إِيجَابٌ لِلسُّحُورِ وَلِمَا ثَبَتَ أَنَّ النَّهْيَ عَنِ الْوِصَالِ لِلْكَرَاهَةِ فَضِدُّ نَهْيِ الْكَرَاهَةِ الِاسْتِحْبَابُ فَثَبَتَ اسْتِحْبَابُ السُّحُورِ كَذَا قَالَ وَمَسْأَلَةُ الْوِصَالِ مُخْتَلَفٌ فِيهَا وَالرَّاجِحُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ التَّحْرِيمُ وَالَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ الْبُخَارِيَّ أَرَادَ بِقَوْلِهِ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ وَاصَلُوا إِلَخْ الْإِشَارَةَ إِلَى حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الْآتِي بَعْدَ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ بَابًا فِيهِ بَعْدَ النَّهْيِ عَنِ الْوِصَالِ أَنَّهُ وَاصَلَ بِهِمْ يَوْمًا ثُمَّ يَوْمًا ثُمَّ رَأَوُا الْهِلَالَ فَقَالَ لَوْ تَأَخَّرَ لَزِدْتُكُمْ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ السُّحُورَ لَيْسَ بِحَتْمٍ إِذْ لَوْ كَانَ حَتْمًا مَا وَاصَلَ بِهِمْ فَإِنَّ الْوِصَالَ يَسْتَلْزِمُ تَرْكَ السُّحُورِ سَوَاءٌ قُلْنَا الْوِصَالُ حَرَامٌ أَوْ لَا وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي حُكْمِ الْوِصَالِ وَعَلَى حَدِيثِ بن عُمَرَ أَيْضًا فِي الْبَابِ الْمُشَارِ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَقَوْلُهُ أَظَلُّ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالظَّاءِ الْقَائِمَةِ الْمُعْجَمَةِ مُضَارِعُ ظَلِلْتُ إِذَا عَمِلْتُ بِالنَّهَارِ وَسَيَأْتِي هُنَاكَ بِلَفْظِ أَبِيتُ وَهُوَ دَالٌ عَلَى أَنَّ اسْتِعْمَالَ أَظَلُّ هُنَا لَيْسَ مُقَيَّدًا بِالنَّهَارِ
[1923] قَوْله فِي حَدِيث أنس تسحرُوا