مَنْصُورٍ كِلَاهُمَا عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ سَمِعْتُ طَاوُسًا يَقُولُ سَمِعْتُ بن عَبَّاسٍ يَقُولُ وَاللَّهِ إِنَّهَا لَقَرِينَتُهَا فِي كِتَابِ الله وَأَتمُّوا الْحَج وَالْعمْرَة لله وللحاكم من طَرِيق عَطاء عَن بن عَبَّاسٍ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ فَرِيضَتَانِ وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ لَقَرِينَتُهَا لِلْفَرِيضَةِ وَكَانَ أَصْلُ الْكَلَامِ أَنْ يَقُولَ لَقَرِينَتِهِ لِأَنَّ الْمُرَادَ الْحَجُّ

[1773] قَوْلُهُ عَن سمي قَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ تَفَرَّدَ سُمَيٌّ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَاحْتَاجَ إِلَيْهِ النَّاسُ فِيهِ فَرَوَاهُ عَنْهُ مَالِكٌ وَالسُّفْيَانَانِ وَغَيْرُهُمَا حَتَّى إِنَّ سُهَيْلَ بْنَ أَبِي صَالِحٍ حَدَّثَ بِهِ عَنْ سُمَيٍّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ فَكَأَنَّ سُهَيْلًا لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ أَبِيهِ وَتَحَقَّقَ بِذَلِكَ تَفَرُّدُ سُمَيٍّ بِهِ فَهُوَ مِنْ غَرَائِبِ الصَّحِيحِ قَوْلُهُ الْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَينهمَا أَشَارَ بن عَبْدِ الْبَرِّ إِلَى أَنَّ الْمُرَادَ تَكْفِيرُ الصَّغَائِرِ دُونَ الْكَبَائِرِ قَالَ وَذَهَبَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ مِنْ عَصْرِنَا إِلَى تَعْمِيمِ ذَلِكَ ثُمَّ بَالَغَ فِي الْإِنْكَارِ عَلَيْهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَى الصَّوَابِ فِي ذَلِكَ أَوَائِلَ مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ وَاسْتَشْكَلَ بَعْضُهُمْ كَوْنَ الْعُمْرَةِ كَفَّارَةً مَعَ أَنَّ اجْتِنَابَ الْكَبَائِرِ يُكَفِّرُ فَمَاذَا تُكَفِّرُ الْعُمْرَةُ وَالْجَوَابُ أَنَّ تَكْفِيرَ الْعُمْرَةِ مُقَيَّدٌ بِزَمَنِهَا وَتَكْفِيرَ الِاجْتِنَابِ عَامٌّ لِجَمِيعِ عُمْرِ الْعَبْدِ فَتَغَايَرَا مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ وَأَمَّا مُنَاسَبَةُ الْحَدِيثِ لِأَحَدِ شِقَّيِ التَّرْجَمَةِ وَهُوَ وُجُوبُ الْعُمْرَةِ فَمُشْكِلٌ بِخِلَافِ الشِّقِّ الْآخَرِ وَهُوَ فَضْلُهَا فَإِنَّهُ وَاضِحٌ وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَشَارَ إِلَى مَا وَرَدَ فِي بَعْضِ طُرُقِ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ مَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيث بن مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا تَابِعُوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فَإِنَّ مُتَابَعَةً بَيْنَهُمَا تَنْفِي الذُّنُوبَ وَالْفَقْرَ كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ وَلَيْسَ لِلْحَجَّةِ الْمَبْرُورَةِ ثَوَابٌ إِلَّا الْجَنَّةُ فَإِنَّ ظَاهِرَهُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ أَصْلِ الْحَج وَالْعمْرَة فيوافق قَول بن عَبَّاسٍ إِنَّهَا لَقَرِينَتِهَا فِي كِتَابِ اللَّهِ وَأَمَّا إِذَا اتَّصَفَ الْحَجُّ بِكَوْنِهِ مَبْرُورًا فَذَلِكَ قَدْرٌ زَائِدٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى الْمُرَادِ بِهِ فِي أَوَائِلِ الْحَجِّ وَوَقَعَ عِنْدَ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ مَرْفُوعًا الْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الْجَنَّةُ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا بِرُّ الْحَجِّ قَالَ إِطْعَامُ الطَّعَامِ وَإِفْشَاءُ السَّلَامِ فَفِي هَذَا تَفْسِيرُ الْمُرَادِ بِالْبِرِّ فِي الْحَج وَيُسْتَفَاد من حَدِيث بن مَسْعُودٍ الْمَذْكُورِ الْمُرَادُ بِالتَّكْفِيرِ الْمُبْهَمِ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَفِي حَدِيثِ الْبَابِ دِلَالَةٌ عَلَى اسْتِحْبَابِ الِاسْتِكْثَارِ مِنَ الِاعْتِمَارِ خِلَافًا لِقَوْلِ مَنْ قَالَ يُكْرَهُ أَنْ يُعْتَمَرَ فِي السَّنَةِ أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ كَالْمَالِكِيَّةِ وَلِمَنْ قَالَ مَرَّةً فِي الشَّهْرِ مِنْ غَيْرِهِمْ وَاسْتُدِلَّ لَهُمْ بِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَفْعَلْهَا إِلَّا مِنْ سَنَةٍ إِلَى سَنَةٍ وَأَفْعَالُهُ عَلَى الْوُجُوبِ أَوِ النَّدْبِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الْمَنْدُوبَ لَمْ يَنْحَصِرْ فِي أَفْعَالِهِ فَقَدْ كَانَ يَتْرُكُ الشَّيْءَ وَهُوَ يَسْتَحِبُّ فعله لرفع الْمَشَقَّة عَن أمته وَقَدْ نَدَبَ إِلَى ذَلِكَ بِلَفْظِهِ فَثَبَتَ الِاسْتِحْبَابُ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ وَاتَّفَقُوا عَلَى جَوَازِهَا فِي جَمِيعِ الْأَيَّامِ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ مُتَلَبِّسًا بِأَعْمَالِ الْحَجِّ إِلَّا مَا نُقِلَ عَنِ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ يُكْرَهُ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ وَيَوْمِ النَّحْرِ وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ عَنْ أَحْمَدَ إِذَا اعْتَمَرَ فَلَا بُدَّ أَنْ يَحْلِقَ أَوْ يُقَصِّرَ فَلَا يَعْتَمِرُ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى عَشْرَةِ أَيَّامٍ لِيُمْكِنَ حلق الرَّأْس فِيهَا قَالَ بن قُدَامَةَ هَذَا يَدُلُّ عَلَى كَرَاهَةِ الِاعْتِمَارِ عِنْدَهُ فِي دون عشرَة أَيَّام وَقَالَ بن التِّينِ قَوْلُهُ الْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ إِلَى بِمَعْنَى مَعَ فَيَكُونُ التَّقْدِيرُ الْعُمْرَةُ مَعَ الْعُمْرَةِ مُكَفِّرَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا وَفِي الْحَدِيثِ أَيْضًا إِشَارَةٌ إِلَى جَوَازِ الِاعْتِمَارِ قَبْلَ الْحَجِّ وَهُوَ من حَدِيث بن مَسْعُودٍ الَّذِي أَشَرْنَا إِلَيْهِ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015