فَقَدْ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ عَنْ يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ قَالَ وَلَا أَعْلَمُهُ إِلَّا عَن بن عُمَرَ قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ وَقَدْ وَصَلَهُ أَيْضًا بِغَيْرِ شَكٍّ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ وَالدَّرَاوَرْدِيُّ وَعَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ وَغَيْرُهُمْ كُلُّهُمْ عَنْ عبيد الله وأرسله بن الْمُبَارَكِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قُلْتُ الظَّاهِرُ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ كَانَ رُبَّمَا شَكَّ فِي وَصْلِهِ بِدَلِيلِ رِوَايَةِ يَحْيَى الْقَطَّانِ وَكَأَنَّهُ كَانَ فِي أَكْثَرِ أَحْوَالِهِ يَجْزِمُ بِوَصْلِهِ بِدَلِيلِ رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ الْمَبِيتِ بِمِنًى وَأَنَّهُ مِنْ مَنَاسِكِ الْحَجِّ لِأَنَّ التَّعْبِيرَ بِالرُّخْصَةِ يَقْتَضِي أَنَّ مُقَابِلَهَا عَزِيمَةٌ وَأَنَّ الْإِذْنَ وَقَعَ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَإِذَا لَمْ تُوجَدْ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهَا لَمْ يَحْصُلِ الْإِذْنُ وَبِالْوُجُوبِ قَالَ الْجُمْهُورُ وَفِي قَوْلٍ لِلشَّافِعِيِّ وَرِوَايَةٍ عَنْ أَحْمَدَ وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ سُنَّةُ وَوُجُوبُ الدَّمِ بِتَرْكِهِ مَبْنِيٌّ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ وَلَا يَحْصُلُ الْمَبِيتُ إِلَّا بِمُعْظَمِ اللَّيْلِ وَهَلْ يَخْتَصُّ الْإِذْنُ بِالسِّقَايَةِ وَبِالْعَبَّاسِ أَوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَوْصَافِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي هَذَا الْحُكْمِ فَقِيلَ يَخْتَصُّ الْحُكْمُ بِالْعَبَّاسِ وَهُوَ جُمُودٌ وَقِيلَ يَدْخُلُ مَعَهُ آلُهُ وَقِيلَ قَوْمُهُ وَهُمْ بَنُو هَاشِمٍ وَقِيلَ كُلُّ مَنِ احْتَاجَ إِلَى السِّقَايَةِ فَلَهُ ذَلِكَ ثُمَّ قِيلَ أَيْضًا يَخْتَصُّ الْحُكْمُ بِسِقَايَةِ الْعَبَّاسِ حَتَّى لَوْ عُمِلَتْ سِقَايَةٌ لِغَيْرِهِ لَمْ يُرَخَّصْ لِصَاحِبِهَا فِي الْمَبِيتِ لِأَجْلِهَا وَمِنْهُمْ مِنْ عَمَّمَهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَالْعِلَّةُ فِي ذَلِكَ إِعْدَادُ الْمَاءِ لِلشَّارِبِينَ وَهَلْ يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِالْمَاءِ أَوْ يَلْتَحِقُ بِهِ مَا فِي مَعْنَاهُ مِنَ الْأَكْلِ وَغَيْرِهِ مَحَلُّ احْتِمَالٍ وَجَزَمَ الشَّافِعِيَّةُ بِإِلْحَاقِ مَنْ لَهُ مَالٌ يَخَافُ ضَيَاعَهُ أَوْ أَمْرٌ يَخَافُ فَوْتَهُ أَوْ مَرِيضٌ يَتَعَاهَدُهُ بِأَهْلِ السِّقَايَةِ كَمَا جَزَمَ الْجُمْهُورُ بِإِلْحَاقِ الرِّعَاءِ خَاصَّةً وَهُوَ قَوْلُ أَحْمد وَاخْتَارَهُ بن الْمُنْذِرِ أَعْنِي الِاخْتِصَاصَ بِأَهْلِ السِّقَايَةِ وَالرِّعَاءِ لِإِبِلٍ وَالْمَعْرُوفُ عَنْ أَحْمَدَ اخْتِصَاصُ الْعَبَّاسِ بِذَلِكَ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ صَاحِبُ الْمُغْنِي وَقَالَ الْمَالِكِيَّةُ يَجِبُ الدَّمُ فِي الْمَذْكُورَاتِ سِوَى الرِّعَاءِ قَالُوا وَمَنْ تَرَكَ الْمَبِيتَ بِغَيْرِ عُذْرٍ وَجَبَ عَلَيْهِ دَمٌ عَنْ كُلِّ لَيْلَةٍ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ عَنْ كُلِّ لَيْلَةٍ إِطْعَامُ مِسْكِينٍ وَقِيلَ عَنْهُ التَّصَدُّقُ بِدِرْهَمٍ وَعَنِ الثَّلَاثِ دَمٌ وَهِيَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ وَالْمَشْهُورُ عَنْهُ وَعَنِ الْحَنَفِيَّةِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى سِقَايَةِ الْعَبَّاسِ فِي الْبَابِ الْمُشَارِ إِلَيْهِ فِي أَوَّلِ الْكَلَامِ عَلَى هَذَا الْبَابِ وَفِي الْحَدِيثِ أَيْضًا اسْتِئْذَانُ الْأُمَرَاءِ وَالْكُبَرَاءِ فِيمَا يَطْرَأُ مِنَ الْمَصَالِحِ وَالْأَحْكَامِ وَبِدَارِ مَنِ اسْتُؤْمِرَ إِلَى الْإذْنِ عِنْدَ ظُهُورِ الْمَصْلَحَةِ وَالْمُرَادُ بِأَيَّامِ مِنًى لَيْلَةُ الْحَادِيَ عَشَرَ وَاللَّتَيْنِ بَعْدَهُ وَوَقع فِي رِوَايَة روح عَن بن جُرَيْجٍ عِنْدَ أَحْمَدَ أَنَّ مَبِيتَ تِلْكَ اللَّيْلَةِ بِمِنًى وَكَأَنَّهُ عَنَى لَيْلَةَ الْحَادِيَ عَشَرَ لِأَنَّهَا تَعْقُبُ يَوْمَ الْإِفَاضَةِ وَأَكْثَرُ النَّاسِ يُفِيضُونَ يَوْمَ النَّحْرِ ثُمَّ فِي الَّذِي يَلِيهِ وَهُوَ الْحَادِي عشر وَالله أعلم

(قَوْلُهُ بَابُ رَمْيِ الْجِمَارِ)

أَيْ وَقْتِ رَمْيِهَا أَوْ حُكْمِ الرَّمْيِ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهِ فَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ وَاجِبٌ يُجْبَرُ تَرْكُهُ بِدَمٍ وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ فَيُجْبَرُ وَعِنْدَهُمْ رِوَايَةُ أَنَّ رَمْيَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ رُكْنٌ يَبْطُلُ الْحَجُّ بِتَرْكِهِ وَمُقَابِلُهُ قَوْلُ بَعْضِهِمْ إِنَّهَا إِنَّمَا تُشْرَعُ حِفْظًا للتكبير فَإِن تَركه وَكبر أَجزَأَهُ حَكَاهُ بن جَرِيرٍ عَنْ عَائِشَةَ وَغَيْرِهَا قَوْلُهُ وَقَالَ جَابِرٌ رَمَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ النَّحْرِ ضحى الحَدِيث وَصله مُسلم وبن خُزَيْمَة وبن حبَان من طَرِيق بن جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَمَى الْجَمْرَةَ ضُحًى يَوْمَ النَّحْرِ وَحْدَهُ وَرَمَى بَعْدَ ذَلِكَ بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015