صَحَّ أَنَّهُ أَهْدَاهُمَا جَمِيعًا كَذَا قَالَ وَكَأَنَّهُ أَرَادَ حَدِيثَ عَائِشَةَ دَخَلَ عَلَيْنَا يَوْمَ النَّحْرِ بِلَحْمِ بَقَرٍ الْحَدِيثَ وَسَيَأْتِي بَعْدَ أَبْوَابٍ وَلَا دِلَالَةَ فِيهِ عَلَى أَنَّهُ كَانَ سَاقَ الْبَقَرَ وَتَرْجَمَةُ الْبُخَارِيِّ صَحِيحَةٌ لِأَنَّهُ إِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِالْهَدْيِ فِي الْحَدِيثِ الْإِبِلَ وَالْبَقَرَ مَعًا فَلَا كَلَامٌ وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ الْإِبِلَ خَاصَّةً فَالْبَقَرُ فِي مَعْنَاهَا وَقَدْ سَبَقَ الْكَلَامُ عَلَى حَدِيثِ حَفْصَةَ مُسْتَوْفًى فِي بَابِ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ وَمُنَاسَبَتُهُ لِلتَّرْجَمَةِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ التَّقْلِيدَ يَسْتَلْزِمُ تَقَدُّمَ الْفَتْلِ عَلَيْهِ وَيُوَضِّحُ ذَلِكَ حَدِيثُ عَائِشَةَ الْمَذْكُورُ مَعَهُ وَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ بَعْدَ بَابٍ تَنْبِيهٌ أَخَذَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنَ اقْتِصَارِ الْبُخَارِيِّ فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ عَلَى الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ أَنَّهُ مُوَافِقٌ لِمَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ فِي أَنَّ الْغَنَمَ لَا تُقَلَّدُ وَغَفَلَ هَذَا الْمُتَأَخِّرُ عَنْ أَنَّ الْبُخَارِيَّ أَفْرَدَ تَرْجَمَةً لِتَقْلِيدِ الْغَنَمِ بَعْدَ أَبْوَابٍ يَسِيرَةٍ كعادته فِي تَفْرِيق الْأَحْكَام فِي التراجم

(قَوْلُهُ بَابُ إِشْعَارِ الْبُدْنِ)

ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ عُرْوَةَ عَنِ الْمِسْوَرِ مُعَلَّقًا وَقَدْ تَقَدَّمَ مَوْصُولًا قَبْلَ بَابٍ وَحَدِيثَ عَائِشَةَ فَتَلْتُ قَلَائِدَ هَدْيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ أَشْعَرَهَا وَقَلَّدَهَا الْحَدِيثَ وفِيهِ مَشْرُوعِيَّةُ الْإِشْعَارِ وَهُوَ أَنْ يَكْشِطَ جِلْدَ الْبَدَنَةِ حَتَّى يَسِيلَ دَمٌ ثُمَّ يَسْلِتُهُ فَيَكُونُ ذَلِكَ عَلَامَةً عَلَى كَوْنِهَا هَدْيًا وَبِذَلِكَ قَالَ الْجُمْهُورُ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلْفِ وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ فِي اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ كَرَاهَتَهُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَذَهَبَ غَيْرُهُ إِلَى اسْتِحْبَابِهِ لِلِاتِّبَاعِ حَتَّى صَاحِبَاهُ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ فَقَالَا هُوَ حَسَنٌ قَالَ وَقَالَ مَالِكٌ يَخْتَصُّ الْإِشْعَارُ بِمَنْ لَهَا سَنَام قَالَ الطَّحَاوِيّ ثَبت عَن عَائِشَة وبن عَبَّاسٍ التَّخْيِيرُ فِي الْإِشْعَارِ وَتَرْكِهِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِنُسُكٍ لَكِنَّهُ غَيْرُ مَكْرُوهٍ لِثُبُوتِ فِعْلِهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ وَغَيْرُهُ اعْتِلَالُ مَنْ كَرِهَ الْإِشْعَارَ بِأَنَّهُ مِنَ الْمُثْلَةِ مَرْدُودٌ بَلْ هُوَ بَابٌ آخَرُ كَالْكَيِّ وَشَقِّ أُذُنِ الْحَيَوَانِ لِيَصِيرَ عَلَامَةً وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْوَسْمِ وَكَالْخِتَانِ وَالْحِجَامَةِ وَشَفَقَةُ الْإِنْسَانِ عَلَى الْمَالِ عَادَةٌ فَلَا يُخْشَى مَا تَوَهَّمُوهُ مِنْ سَرَيَانِ الْجُرْحِ حَتَّى يُفْضِيَ إِلَى الْهَلَاك وَلَو كَانَ ذَلِك هُوَ الملحوظ لقيد الَّذِي كَرِهَهُ بِهِ كَأَنْ يَقُولَ الْإِشْعَارُ الَّذِي يُفْضِي بِالْجُرْحِ إِلَى السِّرَايَةِ حَتَّى تَهْلِكَ الْبَدَنَةُ مَكْرُوهٌ فَكَانَ قَرِيبًا وَقَدْ كَثُرَ تَشْنِيعُ الْمُتَقَدِّمِينَ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ فِي إِطْلَاقِهِ كَرَاهَةَ الْإِشْعَارِ وَانْتَصَرَ لَهُ الطَّحَاوِيُّ فِي الْمَعَانِي فَقَالَ لَمْ يَكْرَهْ أَبُو حَنِيفَةَ أَصْلَ الْإِشْعَارِ وَإِنَّمَا كَرِهَ مَا يُفْعَلُ عَلَى وَجْهٍ يُخَافُ مِنْهُ هَلَاكُ الْبدن كسر اية الْجُرْحِ لَا سِيَّمَا مَعَ الطَّعْنِ بِالشَّفْرَةِ فَأَرَادَ سَدَّ الْبَابِ عَنِ الْعَامَّةِ لِأَنَّهُمْ لَا يُرَاعُونَ الْحَدَّ فِي ذَلِكَ وَأَمَّا مَنْ كَانَ عَارِفًا بِالسُّنَّةِ فِي ذَلِكَ فَلَا وَفِي هَذَا تَعَقُّبٌ عَلَى الْخَطَّابِيِّ حَيْثُ قَالَ لَا أَعْلَمُ أَحَدًا كَرِهَ الْإِشْعَارَ إِلَّا أَبَا حَنِيفَةَ وَخَالَفَهُ صَاحِبَاهُ فَقَالَا بِقَوْلِ الْجَمَاعَةِ انْتَهَى وَرُوِيَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ أَيْضًا أَنَّهُ كَرِهَ الْإِشْعَارَ ذَكَرَ ذَلِكَ التِّرْمِذِيُّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا السَّائِبِ يَقُولُ كُنَّا عِنْدَ وَكِيعٍ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ رُوِيَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ أَنَّهُ قَالَ الْإِشْعَارُ مُثْلَةٌ فَقَالَ لَهُ وَكِيعٌ أَقُولُ لَكَ أَشْعَرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَقُولُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ مَا أَحَقَّكَ بِأَنْ تُحْبَسَ انْتَهَى وَفِيهِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015