عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ رَجَمَ وَإِنَّمَا أَمَرَ بِالرَّجْمِ مِنْ أَوْهَنِ الِاسْتِشْهَادَاتِ لِأَنَّ الرَّجْمَ مِنْ وَظِيفَةِ الْإِمَامِ وَالَّذِي يَتَوَلَّاهُ إِنَّمَا يَتَوَلَّاهُ نِيَابَةً عَنْهُ وَأَمَّا أَعْمَالُ الْحَجِّ مِنَ إِفْرَادٍ وَقِرَانٍ وَتَمَتُّعٍ فَإِنَّهُ وَظِيفَةُ كُلِّ أَحَدٍ عَنْ نَفْسِهِ ثُمَّ أَجَازَ تَأْوِيلًا آخَرَ وَهُوَ أَنَّ الرَّاوِيَ عَهِدَ أَنَّ النَّاسَ لَا يَفْعَلُونَ إِلَّا كَفِعْلِهِ لَا سِيَّمَا مَعَ قَوْلِهِ خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ فَلَمَّا تَحَقَّقَ أَنَّ النَّاسَ تَمَتَّعُوا ظَنَّ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ تَمَتَّعَ فَأَطْلَقَ ذَلِكَ قُلْتُ وَلَمْ يَتَعَيَّنْ هَذَا أَيْضًا بَلْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ تَمَتَّعَ مَحْمُولًا عَلَى مَدْلُولِهِ اللُّغَوِيِّ وَهُوَ الِانْتِفَاعُ بِإِسْقَاطِ عَمَلِ الْعُمْرَةِ وَالْخُرُوجِ إِلَى مِيقَاتِهَا وَغَيْرِهَا بَلْ قَالَ النَّوَوِيُّ أَنَّ هَذَا هُوَ الْمُتَعَيِّنُ قَالَ وَقَوْلُهُ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ أَيْ بِإِدْخَالِ الْعُمْرَةِ عَلَى الْحَجِّ وَقَدْ قَدَّمْنَا فِي بَابِ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ تَقْرِيرَ هَذَا التَّأْوِيلِ وَإِنَّمَا الْمُشْكِلُ هُنَا قَوْلُهُ بَدَأَ فَأَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ ثُمَّ أَهَلَّ بِالْحَجِّ لِأَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ الْكَثِيرَةِ فِي هَذَا الْبَابِ اسْتَقَرَّ كَمَا تَقَدَّمَ عَلَى أَنَّهُ بَدَأَ أَوَّلًا بِالْحَجِّ ثُمَّ أَدْخَلَ عَلَيْهِ الْعُمْرَةَ وَهَذَا بِالْعَكْسِ وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ صُورَةُ الْإِهْلَالِ أَيْ لَمَّا أَدْخَلَ الْعُمْرَةَ عَلَى الْحَجِّ لَبَّى بِهِمَا فَقَالَ لَبَّيْكَ بِعُمْرَةٍ وَحَجَّةٍ مَعًا وَهَذَا مُطَابِقٌ لِحَدِيثِ أَنَسٍ الْمُتَقَدِّمِ لَكِن قد أنكر بن عُمَرَ ذَلِكَ عَلَى أَنَسٍ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُحْمَلَ إِنْكَار بن عُمَرَ عَلَيْهِ كَوْنَهُ أَطْلَقَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَعَ بَيْنَهُمَا أَيْ فِي ابْتِدَاءِ الْأَمْرِ وَيُعَيِّنُ هَذَا التَّأْوِيلَ قَوْلُهُ فِي نَفْسِ الْحَدِيثِ وَتَمَتَّعَ النَّاسُ إِلَخْ فَإِنَّ الَّذِينَ تَمَتَّعُوا إِنَّمَا بَدَءُوا بِالْحَجِّ لَكِنْ فَسَخُوا حَجَّهُمْ إِلَى الْعُمْرَةِ حَتَّى حَلُّوا بَعْدَ ذَلِكَ بِمَكَّةَ ثُمَّ حَجُّوا مِنْ عَامِهِمْ قَوْلُهُ فَسَاقَ مَعَهُ الْهَدْيَ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ أَيْ مِنَ الْمِيقَاتِ وَفِيهِ النَّدْبُ إِلَى سَوْقِ الْهَدْي مِنَ الْمَوَاقِيتِ وَمِنَ الْأَمَاكِنِ الْبَعِيدَةِ وَهِيَ مِنَ السُّنَنِ الَّتِي أَغْفَلَهَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ مِنْ شَيْءٍ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي حَدِيثِ حَفْصَةَ فِي بَابِ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ قَوْلُهُ وَيُقَصِّرْ كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَأَمَّا الْأَكْثَرُ فَعِنْدَهُمْ وَلْيُقَصِّرْ وَكَذَا فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ قَالَ النَّوَوِيُّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَفْعَلُ الطَّوَافَ وَالسَّعْيَ وَالتَّقْصِيرَ وَيَصِيرُ حَلَالًا وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْحَلْقَ أَوِ التَّقْصِيرَ نُسُكٌ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَقِيلَ اسْتِبَاحَةُ مَحْظُورٍ قَالَ وَإِنَّمَا أَمَرَهُ بِالتَّقْصِيرِ دُونَ الْحَلْقِ مَعَ أَنَّ الْحَلْقَ أَفْضَلُ لِيَبْقَى لَهُ شَعْرٌ يَحْلِقُهُ فِي الْحَجِّ قَوْلُهُ وَلْيَحْلِلْ هُوَ أَمْرٌ مَعْنَاهُ الْخَبَرُ أَيْ قَدْ صَارَ حَلَالًا فَلَهُ فِعْلُ كُلِّ مَا كَانَ مَحْظُورًا عَلَيْهِ فِي الْإِحْرَامِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَمْرًا عَلَى الْإِبَاحَةِ لِفِعْلِ مَا كَانَ عَلَيْهِ حَرَامًا قَبْلَ الْإِحْرَامِ قَوْلُهُ ثُمَّ لِيُهِلَّ بِالْحَجِّ أَيْ يُحْرِمُ وَقْتَ خُرُوجِهِ إِلَى عَرَفَةَ وَلِهَذَا أَتَى بِثُمَّ الدَّالَّةِ عَلَى التَّرَاخِي فَلَمْ يرد أَنه يُهِلَّ بِالْحَجِّ عَقِبَ إِهْلَالِهِ مِنَ الْعُمْرَةِ قَوْلُهُ وليهد أَيْ هَدْيَ التَّمَتُّعِ وَهُوَ وَاجِبٌ بِشُرُوطِهِ قَوْلُهُ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ هَدْيًا فَلْيَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ أَيْ لَمْ يَجِدِ الْهَدْيَ بِذَلِكَ الْمَكَانِ وَيَتَحَقَّقُ ذَلِكَ بِأَنْ يَعْدَمَ الْهَدْيَ أَوْ يَعْدَمَ ثَمَنَهُ حِينَئِذٍ أَوْ يَجِدَ ثَمَنَهُ لَكِنْ يَحْتَاجُ إِلَيْهِ لِأَهَمِّ مِنْ ذَلِكَ أَوْ يَجِدَهُ لَكِنْ يَمْتَنِعُ صَاحِبُهُ مِنْ بَيْعِهِ أَوْ يَمْتَنِعُ مِنْ بَيْعِهِ إِلَّا بِغَلَائِهِ فَيَنْقُلُ إِلَى الصَّوْمِ كَمَا هُوَ نَصُّ الْقُرْآنِ وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ فِي الْحَجِّ أَيْ بَعْدَ الْإِحْرَامِ بِهِ وَقَالَ النَّوَوِيُّ هَذَا هُوَ الْأَفْضَلُ فَإِنْ صَامَهَا قَبْلَ الْإِهْلَالِ بِالْحَجِّ أَجْزَأَهُ عَلَى الصَّحِيحِ وَأَمَّا قَبْلَ التَّحَلُّلِ مِنَ الْعُمْرَةِ فَلَا عَلَى الصَّحِيحِ قَالَهُ مَالِكٌ وَجَوَّزَهُ الثَّوْرِيُّ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَمَنِ اسْتَحَبَّ صِيَامَ عَرَفَةَ بِعَرَفَةَ قَالَ يُحْرِمُ يَوْمَ السَّابِعِ لِيَصُومَ السَّابِعَ وَالثَّامِنَ وَالتَّاسِعَ وَإِلَّا فَيُحْرِمُ يَوْمَ السَّادِسِ لِيُفْطِرَ بِعَرَفَةَ فَإِنْ فَاتَهُ الصَّوْمُ قَضَاهُ وَقِيلَ يَسْقُطُ وَيَسْتَقِرُّ الْهَدْيُ فِي ذِمَّتِهِ وَهُوَ قَوْلُ الْحَنَفِيَّةِ وَفِي صَوْمِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ لِهَذَا قَوْلَانِ لِلشَّافِعِيَّةِ أَظْهَرُهُمَا لَا يَجُوزُ قَالَ النَّوَوِيُّ وَأَصَحُّهُمَا مِنْ حَيْثُ الدَّلِيلُ الْجَوَازُ قَوْلُهُ ثُمَّ خَبَّ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي بَابِ اسْتِلَامِ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى السَّعْيِ فِي بَابِهِ وَقَوْلُهُ ثُمَّ سَلَّمَ فَانْصَرَفَ فَأَتَى الصَّفَا ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَمْ يَتَخَلَّلْ بَيْنَهُمَا