صَلَاةُ الرَّكْعَتَيْنِ خَلْفَ الْمَقَامِ فَرْضًا لَكِنْ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الطَّائِفَ تُجْزِئُهُ رَكْعَتَا الطَّوَافِ حَيْثُ شَاءَ إِلَّا شَيْئًا ذُكِرَ عَنْ مَالِكٍ فِي أَنَّ مَنْ صَلَّى رَكْعَتَيِ الطَّوَافِ الْوَاجِبِ فِي الْحِجْرِ يُعِيدُ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ مُسْتَوْفًى فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الصَّلَاةِ فِي بَاب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى

(قَوْلُهُ بَابُ الطَّوَافِ بَعْدَ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ)

أَيْ مَا حُكْمُ صَلَاةِ الطَّوَافِ حِينَئِذٍ وَقَدْ ذَكَرَ فِيهِ آثَارًا مُخْتَلِفَةً وَيَظْهَرُ مِنْ صَنِيعِهِ أَنَّهُ يَخْتَارُ فِيهِ التَّوْسِعَةَ وَكَأَنَّهُ أَشَارَ إِلَى مَا رَوَاهُ الشَّافِعِي وَأَصْحَاب السّنَن وَصَححهُ التِّرْمِذِيّ وبن خُزَيْمَةَ وَغَيْرُهُمَا مِنْ حَدِيثِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ مَنْ وَلِيَ مِنْكُمْ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ شَيْئًا فَلَا يَمْنَعَنَ أَحَدًا طَافَ بِهَذَا الْبَيْتِ وَصَلَّى أَيَّ سَاعَةَ شَاءَ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ وَإِنَّمَا لَمْ يُخْرِجْهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى شَرْطِهِ وَقَدْ أَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ أَحَادِيثَ تَتَعَلَّقُ بِصَلَاةِ الطَّوَافِ وَوَجْهُ تَعَلُّقِهَا بِالتَّرْجَمَةِ إِمَّا مِنْ جِهَةِ أَنَّ الطَّوَافَ صَلَاةٌ فَحُكْمُهُمَا وَاحِدٌ أَوْ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الطَّوَافَ مُسْتَلْزِمٌ لِلصَّلَاةِ الَّتِي تُشْرَعُ بَعْدَهُ وَهُوَ أَظْهَرُ وَأَشَارَ بِهِ إِلَى الْخِلَافِ الْمَشْهُورِ فِي الْمَسْأَلَةِ قَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ كَرِهَ الثَّوْرِيُّ وَالْكُوفِيُّونَ الطَّوَافَ بَعْدَ الْعَصْرِ وَالصُّبْحِ قَالُوا فَإِنْ فَعَلَ فَلْيُؤَخِّرِ الصَّلَاةَ وَلَعَلَّ هَذَا عِنْدَ بَعْضِ الْكُوفِيِّينَ وَإِلَّا فَالْمَشْهُورُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ الطَّوَافَ لَا يُكْرَهُ وَإِنَّمَا تكره الصَّلَاة قَالَ بن الْمُنْذِرِ رَخَّصَ فِي الصَّلَاةِ بَعْدَ الطَّوَافِ فِي كُلِّ وَقْتٍ جُمْهُورُ الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ وَمِنْهُمْ مَنْ كَرِهَ ذَلِكَ أَخْذًا بِعُمُومِ النَّهْيَ عَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصُّبْحِ وَبَعْدَ الْعَصْرِ وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ وَالثَّوْرِيِّ وَطَائِفَةٍ وَذَهَبَ إِلَيْهِ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَقَالَ أَبُو الزُّبَيْرِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015