(قَوْلُهُ بَابُ مَنْ جَلَسَ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ يُعْرَفُ فِيهِ الْحزن)

يعرف مَبْنِيّ للْمَجْهُول وَمن مَوْصُولَةٌ وَالضَّمِيرُ لَهَا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لِمَصْدَرِ جَلَسَ أَيْ جُلُوسًا يُعْرَفُ وَلَمْ يُفْصِحِ الْمُصَنِّفُ بِحُكْمِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَلَا الَّتِي بَعْدَهَا حَيْثُ تَرْجَمَ مَنْ لَمْ يُظْهِرْ حُزْنَهُ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا قَابِلٌ لِلتَّرْجِيحِ أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِكَوْنِهِ مِنْ فِعْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالثَّانِي مِنْ تَقْرِيرِهِ وَمَا يُبَاشِرُهُ بِالْفِعْلِ أَرْجَحُ غَالِبًا وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّهُ فِعْلٌ أَبْلَغُ فِي الصَّبْر وأزجر لِلنَّفْسِ فَيَرْجَحُ وَيُحْمَلُ فِعْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَذْكُورُ عَلَى بَيَانِ الْجَوَازِ وَيَكُونُ فِعْلُهُ فِي حَقِّهِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ أَوْلَى وَقَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ مَا مُلَخَّصُهُ مَوْقِعُ هَذِهِ التَّرْجَمَةِ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ الِاعْتِدَالَ فِي الْأَحْوَالِ هُوَ الْمَسْلَكُ الْأَقْوَمُ فَمَنْ أُصِيبَ بِمُصِيبَةٍ عَظِيمَةٍ لَا يُفْرِطُ فِي الْحُزْنِ حَتَّى يَقَعَ فِي الْمَحْذُورِ مِنَ اللَّطْمِ وَالشَّقِّ وَالنَّوْحِ وَغَيْرِهَا وَلَا يُفْرِطُ فِي التَّجَلُّدِ حَتَّى يُفْضِيَ إِلَى الْقَسْوَةِ وَالِاسْتِخْفَافِ بِقَدْرِ الْمُصَابِ فَيُقْتَدَى بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ بِأَنْ يَجْلِسَ الْمُصَابُ جِلْسَةً خَفِيفَةً بِوَقَارٍ وَسَكِينَةٍ تَظْهَرُ عَلَيْهِ مَخَايِلُ الْحُزْنِ وَيُؤْذِنُ بِأَنَّ الْمُصِيبَةَ عَظِيمَةٌ

[1299] قَوْلُهُ حَدثنَا عبد الْوَهَّاب هُوَ بن عبد الْمجِيد الثَّقَفِيّ وَيحيى هُوَ بن سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ قَوْلُهُ لَمَّا جَاءَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ بِالنَّصْبِ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ وَالْفَاعِل قَوْله قتل بن حَارِثَةَ وَهُوَ زَيْدٌ وَأَبُوهُ بِالْمُهْمَلَةِ وَالْمُثَلَّثَةِ وَجَعْفَرٌ هُوَ بن أبي طَالب وبن رَوَاحَةَ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ وَكَانَ قَتْلُهُمْ فِي غَزْوَةِ مُؤْتَةَ كَمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي رَابِعِ بَابٍ مِنْ كِتَابِ الْجَنَائِزِ وَوَقَعَ تَسْمِيَةُ الثَّلَاثَةِ فِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيقِ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ عَنْ يَحْيَى بن سعيد وَسَاقَ مُسْلِمٌ إِسْنَادَهُ دُونَ الْمَتْنِ قَوْلُهُ جَلَسَ زَادَ أَبُو دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ سُلَيْمَانَ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ يَحْيَى فِي الْمَسْجِدِ قَوْلُهُ يُعْرَفُ فِيهِ الْحُزْنُ قَالَ الطِّيبِيُّ كَأَنَّهُ كَظَمَ الْحُزْنَ كَظْمًا فَظَهَرَ مِنْهُ مَا لَا بُدَّ لِلْجِبِلَّةِ الْبَشَرِيَّةِ مِنْهُ قَوْلُهُ صَائِرِ الْبَابِ بِالْمُهْمَلَةِ وَالتَّحْتَانِيَّةِ وَقَعَ تَفْسِيرُهُ فِي نَفْسِ الْحَدِيثِ شَقِّ الْبَابِ وَهُوَ بِفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ أَيِ الْمَوْضِعِ الَّذِي يُنْظَرُ مِنْهُ وَلَمْ يَرِدْ بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ أَيِ النَّاحِيَة إِذْ لَيست مُرَاده هُنَا قَالَه بن التِّينِ وَهَذَا التَّفْسِيرُ الظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْ قَوْلِ عَائِشَةَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ بَعْدَهَا قَالَ الْمَازِرِيُّ كَذَا وَقَعَ فِي الصَّحِيحَيْنِ هُنَا صَائِرِ وَالصَّوَابُ صِيرِ أَيْ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ التَّحْتَانِيَّةِ وَهُوَ الشَّقُّ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ فِي غَرِيبِ الْحَدِيثِ فِي الْكَلَامِ عَلَى حَدِيثِ مَنْ نَظَرَ مِنْ صِيرِ الْبَابِ فَفُقِئَتْ عَيْنُهُ فَهِيَ هَدَرٌ الصِّيرُ الشَّقُّ وَلَمْ نَسْمَعْهُ إِلَّا فِي هَذَا الحَدِيث وَقَالَ بن الْجَوْزِيِّ صَائِرٌ وَصِيرٌ بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَفِي كَلَامِ الْخَطَّابِيِّ نَحْوَهُ قَوْلُهُ فَأَتَاهُ رَجُلٌ لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهِ وَكَأَنَّهُ أُبْهِمَ عَمْدًا لِمَا وَقَعَ فِي حَقِّهِ مِنْ غَضِّ عَائِشَةَ مِنْهُ قَوْلُهُ إِنَّ نِسَاءَ جَعْفَرٍ أَيِ امْرَأَتُهُ وَهِيَ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ الْخَثْعَمِيَّةُ وَمَنْ حَضَرَ عِنْدَهَا مِنْ أَقَارِبِهَا وَأَقَارِبِ جَعْفَرٍ وَمَنْ فِي مَعْنَاهُنَّ وَلَمْ يَذْكُرْ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْأَخْبَارِ لِجَعْفَرٍ امْرَأَةً غَيْرَ أَسْمَاءَ قَوْلُهُ وَذَكَرَ بُكَاءَهُنَّ كَذَا فِي الصَّحِيحَيْنِ قَالَ الطِّيبِيُّ هُوَ حَالٌ عَنِ الْمُسْتَتِرِ فِي قَوْلِهِ فَقَالَ وَحَذْفُ خَبَرِ إِنَّ مِنَ الْقَوْلِ الْمَحْكِيِّ لِدَلَالَةِ الْحَالِ عَلَيْهِ وَالْمَعْنَى قَالَ الرَّجُلُ إِنَّ نِسَاءَ جَعْفَرٍ فَعَلْنَ كَذَا مِمَّا لَا يَنْبَغِي مِنَ الْبُكَاءِ الْمُشْتَمِلِ مَثَلًا عَلَى النَّوْحِ انْتَهَى وَقَدْ وَقَعَ عِنْدَ أَبِي عَوَانَةَ مِنْ طَرِيقِ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ عَنْ يَحْيَى قَدْ كَثُرَ بُكَاؤُهُنَّ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَصْحِيفًا فَلَا حذف وَلَا تَقْدِير وَيُؤَيِّدهُ مَا عِنْد بن حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ يَحْيَى بِلَفْظِ قَدْ أَكْثَرْنَ بُكَاءَهُنَّ قَوْلُهُ فَذَهَبَ أَيْ فَنَهَاهُنَّ فَلَمْ يُطِعْنَهُ قَوْلُهُ ثُمَّ أَتَاهُ الثَّانِيَةَ لَمْ يُطِعْنَهُ أَيْ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَرَّةَ الثَّانِيَةَ فَقَالَ إِنَّهُنَّ لَمْ يُطِعْنَهُ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي عَوَانَةَ الْمَذْكُورَةِ فَذَكَرَ أَنَّهُنَّ لَمْ يُطِعْنَهُ قَوْلُهُ قَالَ وَاللَّهِ غَلَبْنَنَا فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ لَقَدْ غلبننا قَوْله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015