الْبُكَاءِ فَلَا يُعَذِّبُ عَلَى مَا أَذِنَ فِيهِ وَقَالَ الطِّيبِيُّ غَرَضُهُ تَقْرِيرُ قَوْلِ عَائِشَةَ أَيْ أَنَّ بُكَاءَ الْإِنْسَانِ وَضَحِكَهُ مِنَ اللَّهِ يُظْهِرُهُ فِيهِ فَلَا أَثَرَ لَهُ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ مَا قَالَ بن عُمَرَ شَيْئًا قَالَ الطِّيبِيُّ وَغَيْرُهُ ظَهَرَتْ لِابْنِ عُمَرَ الْحُجَّةُ فَسَكَتَ مُذْعِنًا وَقَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ سُكُوتُهُ لَا يَدُلُّ عَلَى الْإِذْعَانِ فَلَعَلَّهُ كَرِهَ الْمُجَادَلَةَ فِي ذَلِكَ الْمَقَامِ وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ لَيْسَ سُكُوتُهُ لِشَكٍّ طَرَأَ لَهُ بَعْدَ مَا صَرَّحَ بِرَفْعِ الْحَدِيثِ وَلَكِنِ احْتَمَلَ عِنْدَهُ أَنْ يَكُونَ الْحَدِيثُ قَابِلًا لِلتَّأْوِيلِ وَلَمْ يَتَعَيَّنْ لَهُ مَحْمَلٌ يَحْمِلُهُ عَلَيْهِ إِذْ ذَاكَ أَوْ كَانَ الْمَجْلِسُ لَا يَقْبَلُ الْمُمَارَاةَ وَلَمْ تَتَعَيَّنِ الْحَاجَةُ إِلَى ذَلِك حِينَئِذٍ وَيحْتَمل أَن يكون بن عمر فهم من استشهاد بن عَبَّاسٍ بِالْآيَةِ قَبُولَ رِوَايَتِهِ لِأَنَّهَا يُمْكِنُ أَنْ يُتَمَسَّكُ بِهَا فِي أَنَّ لِلَّهِ أَنْ يُعَذِّبَ بِلَا ذَنْبٍ فَيَكُونُ بُكَاءُ الْحَيِّ عَلَامَةً لِذَلِكَ أَشَارَ إِلَى ذَلِكَ الْكَرْمَانِيُّ الْحَدِيثُ الرَّابِعُ

[1289] قَوْلُهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ أَيِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ قَوْلُهُ إِنَّمَا مَرَّ كَذَا أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ مُخْتَصَرًا وَهُوَ فِي الْمُوَطَّأِ بِلَفْظِ ذُكِرَ لَهَا أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ إِنَّ الْمَيِّتَ يعذب ببكاء الْحَيّ عَلَيْهِ فَقَالَتْ عَائِشَةُ يَغْفِرُ اللَّهُ لِأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَمَا إِنَّهُ لَمْ يَكْذِبْ وَلَكِنَّهُ نَسِيَ أَوْ أَخْطَأَ إِنَّمَا مَرَّ وَكَذَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَأَخْرَجَهُ أَبُو عَوَانَةَ مِنْ رِوَايَةِ سُفْيَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ كَذَلِكَ وَزَادَ أَنَّ بن عُمَرَ لَمَّا مَاتَ رَافِعٌ قَالَ لَهُمْ لَا تَبْكُوا عَلَيْهِ فَإِنَّ بُكَاءَ الْحَيِّ عَلَى الْمَيِّتِ عَذَابٌ عَلَى الْمَيِّتِ قَالَتْ عَمْرَةُ فَسَأَلْتُ عَائِشَةَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَتْ يَرْحَمُهُ اللَّهُ إِنَّمَا مَرَّ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَرَافِعٌ الْمَذْكُورُ هُوَ رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ كَمَا تَقَدَّمَتِ الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ الْحَدِيثُ الْخَامِسُ

[1290] قَوْلُهُ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ هُوَ بن أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ قَوْلُهُ لَمَّا أُصِيبَ عُمَرُ جعل صُهَيْب يَقُول وَا أَخَاهُ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ أَتَمَّ مِنْ هَذَا السِّيَاقِ وَفِيهِ قَوْلُ عُمَرَ عَلَامَ تَبْكِي قَوْلُهُ إِنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ الْحَيِّ الظَّاهِرُ أَنَّ الْحَيَّ مَنْ يُقَابِلُ الْمَيِّتَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ الْقَبِيلَةَ وَتَكُونُ اللَّامُ فِيهِ بَدَلَ الضَّمِيرِ وَالتَّقْدِيرُ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ حَيِّهِ أَيْ قَبِيلَتِهِ فَيُوَافِقُ قَوْلَهُ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى بِبُكَاءِ أَهْلِهِ وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ الْمَذْكُورَةِ مَنْ يَبْكِي عَلَيْهِ يُعَذَّبْ وَلَفْظُهَا أَعَمُّ وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الْحُكْمَ لَيْسَ خَاصًّا بِالْكَافِرِ وَعَلَى أَنَّ صُهَيْبًا أَحَدُ مَنْ سَمِعَ هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَأَنَّهُ نَسِيَهُ حَتَّى ذَكَّرَهُ بِهِ عُمَرُ وَزَادَ فِيهِ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِمُوسَى بْنِ طَلْحَةَ فَقَالَ كَانَتْ عَائِشَةُ تَقُولُ إِنَّمَا كَانَ أُولَئِكَ الْيَهُودُ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ أَنْكَرَ عُمَرُ عَلَى صُهَيْبٍ بكاءه لرفع صَوته بقوله وَا أَخَاهُ فَفُهِمَ مِنْهُ أَنَّ إِظْهَارَهُ لِذَلِكَ قَبْلَ مَوْتِ عُمَرَ يُشْعِرُ بِاسْتِصْحَابِهِ ذَلِكَ بَعْدَ وَفَاتِهِ أَوْ زِيَادَتِهِ عَلَيْهِ فَابْتَدَرَهُ بِالْإِنْكَارِ لِذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَالَ بن بَطَّالٍ إِنْ قِيلَ كَيْفَ نَهَى صُهَيْبًا عَنِ الْبُكَاءِ وَأَقَرَّ نِسَاءَ بَنِي الْمُغِيرَةِ عَلَى الْبُكَاءِ عَلَى خَالِدٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ خَشِيَ أَنْ يَكُونَ رَفْعُهُ لِصَوْتِهِ مِنْ بَابِ مَا نُهِيَ عَنْهُ وَلِهَذَا قَالَ فِي قِصَّةِ خَالِدٍ مَا لَمْ يَكُنْ نقع أَو لقلقَة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015