وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْغُسْلَ مِنْ غُسْلِ الْمَيِّتِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ تَعْلِيمٍ وَلَمْ يُأْمَرْ بِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ شُرِعَ بَعْدَ هَذِهِ الْوَاقِعَةِ وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ لَا أَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ بِوُجُوبِهِ وَكَأَنَّهُ مَا دَرَى أَنَّ الشَّافِعِيَّ عَلَّقَ الْقَوْلَ بِهِ عَلَى صِحَّةِ الْحَدِيثِ وَالْخِلَافُ فِيهِ ثَابِتٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَصَارَ إِلَيْهِ بعض الشَّافِعِيَّة أَيْضا وَقَالَ بن بَزِيزَةَ الظَّاهِرُ أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ وَالْحِكْمَةُ فِيهِ تَتَعَلَّقُ بِالْمَيِّتِ لِأَنَّ الْغَاسِلَ إِذَا عَلِمَ أَنَّهُ سَيَغْتَسِلُ لَمْ يَتَحَفَّظْ مِنْ شَيْءٍ يُصِيبُهُ مِنْ أَثَرِ الْغُسْلِ فَيُبَالِغْ فِي تَنْظِيفِ الْمَيِّتِ وَهُوَ مُطْمَئِنٌّ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِالْغَاسِلِ لِيَكُونَ عِنْدَ فَرَاغِهِ عَلَى يَقِينٍ مِنْ طَهَارَةِ جَسَدِهِ مِمَّا لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ أَصَابَهُ مِنْ رَشَاشٍ وَنَحْوِهِ انْتَهَى وَاسْتَدَلَّ بِهِ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ عَلَى أَنَّ الزَّوْجَ لَا يَتَوَلَّى غُسْلَ زَوْجَتِهِ لِأَنَّ زَوْجَ ابْنَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ حَاضِرًا وَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النِّسْوَةَ بِغُسْلِ ابْنَتِهِ دُونَ الزَّوْجِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى صِحَّةِ دَعْوَى أَنَّهُ كَانَ حَاضِرًا وَعَلَى تَقْدِيرِ تَسْلِيمِهِ فَيُحْتَاجُ إِلَى ثُبُوتِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِهِ مَانِعٌ مِنْ ذَلِكَ وَلَا آثَرَ النِّسْوَةَ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى تَسْلِيمِهِ فَغَايَةُ مَا فِيهِ أَنْ يُسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ النِّسْوَةَ أَوْلَى مِنْهُ لَا عَلَى مَنْعِهِ مِنْ ذَلِكَ لَو أَرَادَهُ وَالله أعلم بِالصَّوَابِ
أَوْرَدَ فِيهِ حَدِيثَ عَائِشَةَ كُفِّنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ الْحَدِيثَ وَتَقْرِيرُ الِاسْتِدْلَالِ بِهِ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُنْ لِيَخْتَارَ لِنَبِيِّهِ إِلَّا الْأَفْضَلَ وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يُثْبِتْ عَلَى شَرْطِهِ الْحَدِيثَ الصَّرِيحَ فِي الْبَابِ وَهُوَ مَا رَوَاهُ أَصْحَاب السّنَن من حَدِيث بن عَبَّاسٍ بِلَفْظِ الْبَسُوا ثِيَابَ الْبَيَاضِ فَإِنَّهَا أَطْهَرُ وَأَطْيَبُ وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالْحَاكِمُ وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ أَخْرَجُوهُ وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ أَيْضًا وَحَكَى بَعْضُ مَنْ صَنَّفَ فِي الْخِلَافِ عَنِ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ عِنْدَهُمْ أَنْ يَكُونَ فِي أَحَدِهَا ثَوْبُ حِبَرَةَ وَكَأَنَّهُمْ أَخَذُوا بِمَا رُوِيَ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كُفِّنَ فِي ثَوْبَيْنِ وَبُرْدِ حِبَرَةَ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ لَكِنْ رَوَى مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَهَ أَنَّهُمْ نَزَعُوهَا عَنْهُ قَالَ التِّرْمِذِيُّ وَتَكْفِينُهُ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ أَصَحُّ مَا وَرَدَ فِي كَفَنِهِ وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ لُفَّ فِي بُرْدِ حِبَرَةَ جُفِّفَ فِيهِ ثُمَّ نُزِعَ عَنْهُ ويُمْكِنُ أَنْ يُسْتَدَلَّ لَهُمْ بِعُمُومِ حَدِيثِ أَنَسٍ كَانَ أَحَبَّ اللِّبَاسِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحِبَرَةُ أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ وَسَيَأْتِي فِي اللِّبَاسِ وَالْحِبَرَةُ بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ مَا كَانَ من البرود مخططا