أَخْبَرَنِي أَبِي قَالَ قِيلَ لِوَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ فَذَكَرَهُ وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِ كَلِمَتَا الشَّهَادَةِ فَلَا يَرِدُ إِشْكَالُ تَرْكِ ذِكْرِ الرِّسَالَةِ قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ قَوْلُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ لَقَبٌ جَرَى عَلَى النُّطْقِ بِالشَّهَادَتَيْنِ شَرْعًا وَأَمَّا قَوْلُ وَهْبٍ فَمُرَادُهُ بِالْأَسْنَانِ الْتِزَامُ الطَّاعَةِ فَلَا يَرِدُ إِشْكَالُ مُوَافَقَةِ الْخَوَارِجِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ أَهْلَ الْكَبَائِرِ لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَأَمَّا قَوْلُهُ لَمْ يُفْتَحْ لَهُ فَكَأَنَّ مُرَادَهُ لَمْ يُفْتَحْ لَهُ فَتْحًا تَامًّا أَوْ لَمْ يُفْتَحْ لَهُ فِي أولي الْأَمْرِ وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْغَالِبِ وَإِلَّا فَالْحَقُّ أَنَّهُمْ فِي مَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَقَدْ أَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ بِسَنَدٍ حَسَنٍ عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَرِيبًا مِنْ كَلَامِهِ هَذَا فِي التَّهْلِيلِ وَلَفْظُهُ عَنْ سِمَاكِ بْنِ الْفَضْلِ عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ مَثَلُ الدَّاعِي بِلَا عَمَلٍ مَثَلُ الرَّامِي بِلَا وَتَرٍ قَالَ الدَّاوُدِيُّ قَوْلُ وَهْبٍ مَحْمُولٌ عَلَى التَّشْدِيدِ وَلَعَلَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُ حَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ أَيْ حَدِيثُ الْبَابِ وَالْحَقُّ أَنَّ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُخْلِصًا أَتَى بمفتاح وَله أَسْنَان لَكِن مَنْ خَلَطَ ذَلِكَ بِالْكَبَائِرِ حَتَّى مَاتَ مُصِرًّا عَلَيْهَا لَمْ تَكُنْ أَسْنَانُهُ قَوِيَّةً فَرُبَّمَا طَالَ علاجه وَقَالَ بن رَشِيدٍ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُ الْبُخَارِيِّ الْإِشَارَةُ إِلَى أَنَّ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُخْلِصًا عِنْدَ الْمَوْتِ كَانَ ذَلِكَ مُسْقِطًا لِمَا تَقَدَّمَ لَهُ وَالْإِخْلَاصُ يَسْتَلْزِمُ التَّوْبَةَ وَالنَّدَمَ وَيَكُونُ النُّطْقُ عَلَمًا عَلَى ذَلِكَ وَأَدْخَلَ حَدِيثَ أَبِي ذَرٍّ لِيُبَيِّنَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنَ الِاعْتِقَادِ وَلِهَذَا قَالَ عَقِبَ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ فِي كِتَابِ اللِّبَاسِ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ هَذَا عِنْدَ الْمَوْتِ أَوْ قَبْلَهُ إِذَا تَابَ وَنَدِمَ وَمَعْنَى قَوْلِ وَهْبٍ إِنْ جِئْتَ بِمِفْتَاحٍ لَهُ أَسْنَانٌ جِيَادٌ فَهُوَ مِنْ بَابِ حَذْفِ النَّعْتِ إِذَا دَلَّ عَلَيْهِ السِّيَاقُ لِأَنَّ مُسَمَّى الْمِفْتَاحِ لَا يُعْقَلُ إِلَّا بِالْأَسْنَانِ وَإِلَّا فَهُوَ عُودٌ أَوْ حَدِيدَةٌ
[1237] قَوْلُهُ أَتَانِي آتٍ سَمَّاهُ فِي التَّوْحِيدِ مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ عَنْ وَاصِلٍ جِبْرِيلُ وَجَزَمَ بِقَوْلِهِ فَبَشَّرَنِي وَزَادَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ مَهْدِيٍّ فِي أَوَّلِهِ قِصَّةً قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَسِيرٍ لَهُ فَلَمَّا كَانَ فِي بَعْضِ اللَّيْلِ تَنَحَّى فَلَبِثَ طَوِيلًا ثُمَّ أَتَانَا فَقَالَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَأَوْرَدَهُ الْمُصَنِّفُ فِي اللِّبَاسِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الْأَسْوَدِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِ ثَوْبٌ أَبْيَضُ وَهُوَ نَائِمٌ ثُمَّ أَتَيْتُهُ وَقَدِ اسْتَيْقَظَ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهَا رُؤْيَا مَنَامٍ قَوْلُهُ مِنْ أُمَّتِي أَيْ مِنْ أُمَّةِ الْإِجَابَةِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَعَمَّ مِنْ ذَلِكَ أَيْ أُمَّةُ الدَّعْوَةِ وَهُوَ مُتَّجِهٌ قَوْلُهُ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا أَوْرَدَهُ الْمُصَنِّفُ فِي اللِّبَاسِ بِلَفْظِ مَا مِنْ عَبْدٍ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ثُمَّ مَاتَ عَلَى ذَلِكَ الْحَدِيثَ وإِنَّمَا لَمْ يُورِدْهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا جَرْيًا عَلَى عَادَتِهِ فِي إِيثَارِ الْخَفِيِّ عَلَى الْجَلِيِّ وَذَلِكَ أَنَّ نَفْيَ الشِّرْكِ يَسْتَلْزِمُ إِثْبَاتَ التَّوْحِيدِ وَيَشْهَدُ لَهُ اسْتِنْبَاطُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فِي ثَانِي