(قَوْلُهُ بَابُ عَقْدِ الشَّيْطَانِ عَلَى قَافِيَةِ الرَّأْسِ إِذا لم يصل بِاللَّيْلِ)

قَالَ بن التِّينِ وَغَيْرُهُ قَوْلُهُ إِذَا لَمْ يُصَلِّ مُخَالِفٌ لِظَاهِرِ حَدِيثِ الْبَابِ لِأَنَّهُ دَالٌّ عَلَى أَنَّهُ يَعْقِدُ عَلَى رَأْسِ مَنْ صَلَّى وَمَنْ لَمْ يُصَلِّ لَكِنْ مَنْ صَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ تَنْحَلُّ عقده بِخِلَاف من لم يصل وَأجَاب بن رَشِيدٍ بِأَنَّ مُرَادَ الْبُخَارِيِّ بَابُ بَقَاءِ عُقَدِ الشَّيْطَانِ إِلَخْ وَعَلَى هَذَا فَيَجُوزُ أَنْ يَقْرَأَ قَوْلَهُ عَقْدِ بِلَفْظِ الْفِعْلِ وَبِلَفْظِ الْجَمْعِ ثُمَّ رَأَيْتُ الْإِيرَادَ بِعَيْنِهِ لِلْمَازِرِيِّ ثُمَّ قَالَ وَقَدْ يُعْتَذَرُ عَنْهُ بِأَنَّهُ إِنَّمَا قَصَدَ مَنْ يُسْتَدَامُ الْعَقْدُ عَلَى رَأْسِهِ بِتَرْكِ الصَّلَاةِ وَكَأَنَّهُ قَدَّرَ مَنِ انْحَلَّتْ عُقَدُهُ كَأَنْ لَمْ تُعْقَدْ عَلَيْهِ انْتَهَى وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الصَّلَاةُ الْمَنْفِيَّةُ فِي التَّرْجَمَةِ صَلَاةَ الْعِشَاءِ فَيَكُونَ التَّقْدِيرُ إِذَا لَمْ يُصَلِّ الْعِشَاءَ فَكَأَنَّهُ يَرَى أَنَّ الشَّيْطَانَ إِنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ بِمَنْ نَامَ قَبْلَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ بِخِلَافِ مَنْ صَلَّاهَا وَلَا سِيَّمَا فِي الْجَمَاعَةِ وَكَأَنَّ هَذَا هُوَ السِّرُّ فِي إِيرَادِهِ لِحَدِيثِ سَمُرَةَ عَقِبِ هَذَا الْحَدِيثِ لِأَنَّهُ قَالَ فِيهِ وَيَنَامُ عَنِ الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ وَلَا يُعَكِّرُ عَلَى هَذَا كَوْنُهُ أَوْرَدَ هَذِهِ التَّرْجَمَةَ فِي تَضَاعِيفِ صَلَاةِ اللَّيْلِ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْهُ بِأَنَّهُ أَرَادَ دَفْعَ تَوَهُّمِ مَنْ يَحْمِلُ الْحَدِيثَيْنِ عَلَى صَلَاةِ اللَّيْلِ لِأَنَّهُ وَرَدَ فِي بَعْضِ طُرُقِ حَدِيثِ سَمُرَةَ مُطْلَقًا غَيْرَ مُقَيَّدٍ بِالْمَكْتُوبَةِ وَالْوَعِيدُ عَلَامَةُ الْوُجُوبِ وَكَأَنَّهُ أَشَارَ إِلَى خَطَأِ مَنِ احْتَجَّ بِهِ عَلَى وُجُوبِ صَلَاةِ اللَّيْلِ حَمْلًا لِلْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ ثُمَّ وَجَدْتُ مَعْنَى هَذَا الِاحْتِمَالِ لِلشَّيْخِ وَلِيِّ الدِّينِ الْمَلَوِيِّ وَقَوَّاهُ بِمَا ذَكَرْتُهُ مِنْ حَدِيثِ سَمُرَةَ فَحَمِدْتُ اللَّهَ عَلَى التَّوْفِيقِ لِذَلِكَ وَيُقَوِّيهِ مَا ثَبَتَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ كَانَ كَمَنْ قَامَ نِصْفَ لَيْلَةٍ لِأَنَّ مُسَمَّى قِيَامِ اللَّيْلِ يَحْصُلُ لِلْمُؤْمِنِ بِقِيَامِ بَعْضِهِ فَحِينَئِذٍ يَصْدُقُ عَلَى مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ أَنَّهُ قَامَ اللَّيْلَ وَالْعُقَدُ الْمَذْكُورَةُ تَنْحَلُّ بِقِيَامِ اللَّيْلِ فَصَارَ مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ كَمَنْ قَامَ اللَّيْلَ فِي حَلِّ عُقَدِ الشَّيْطَانِ وَخَفِيَتِ الْمُنَاسَبَةُ عَلَى الْإِسْمَاعِيلِيِّ فَقَالَ وَرَفْضُ الْقُرْآنِ لَيْسَ هُوَ تَرْكُ الصَّلَاةِ بِاللَّيْلِ وَيُتَعَجَّبُ مِنْ إِغْفَالِهِ آخِرَ الْحَدِيثِ حَيْثُ قَالَ فِيهِ وَيَنَامُ عَنِ الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

[1142] قَوْلُهُ الشَّيْطَانِ كَأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْجِنْسُ وَفَاعِلُ ذَلِكَ هُوَ الْقَرِينُ أَوْ غَيْرُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ رَأْسُ الشَّيَاطِينِ وَهُوَ إِبْلِيسُ وَتَجُوزُ نِسْبَةُ ذَلِكَ إِلَيْهِ لِكَوْنِهِ الْآمِرَ بِهِ الدَّاعِيَ إِلَيْهِ وَلِذَلِكَ أَوْرَدَهُ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ صِفَةِ إِبْلِيسَ مِنْ بَدْءِ الْخَلْقِ قَوْلُهُ قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ أَيْ مُؤَخَّرُ عُنُقِهِ وَقَافِيَةُ كُلِّ شَيْءٍ مُؤَخَّرُهُ وَمِنْهُ قَافِيَةُ الْقَصِيدَةِ وَفِي النِّهَايَةِ الْقَافِيَةُ الْقَفَا وَقِيلَ مُؤَخَّرُ الرَّأْسِ وَقِيلَ وَسَطُهُ وَظَاهر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015