بَعْدَ خَمْسَةِ أَبْوَابٍ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْهَا أَنَّ ذَلِكَ كَانَ أَكْثَرَ مَا يُصَلِّيهِ فِي اللَّيْلِ وَلَفْظُهُ مَا كَانَ يَزِيدُ فِي رَمَضَانَ وَلَا فِي غَيْرِهِ عَلَى إِحْدَى عَشْرَةَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ مِنْ غَيْرِهَا فَهُوَ مُطَابِقٌ لِرِوَايَةِ الْقَاسِمِ وَأَمَّا مَا رَوَاهُ الزُّهْرِيُّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْهَا كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ مَا يَقْرَأُ فِي رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ بِلَفْظِ كَانَ يُصَلِّي بِاللَّيْلِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً ثُمَّ يُصَلِّي إِذَا سَمِعَ النِّدَاءَ بِالصُّبْحِ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ فَظَاهِرُهُ يُخَالِفُ مَا تَقَدَّمَ فَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ أَضَافَتْ إِلَى صَلَاةِ اللَّيْلِ سُنَّةَ الْعِشَاءِ لِكَوْنِهِ كَانَ يُصَلِّيهَا فِي بَيْتِهِ أَوْ مَا كَانَ يَفْتَتِحُ بِهِ صَلَاةَ اللَّيْلِ فَقَدْ ثَبَتَ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ عَنْهَا أَنَّهُ كَانَ يَفْتَتِحُهَا بِرَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ وَهَذَا أَرْجَحُ فِي نَظَرِي لِأَنَّ رِوَايَةَ أَبِي سَلَمَةَ الَّتِي دَلَّتْ عَلَى الْحَصْرِ فِي إِحْدَى عَشْرَةَ جَاءَ فِي صِفَتِهَا عِنْدَ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ يُصَلِّي أَرْبَعًا ثُمَّ أَرْبَعًا ثُمَّ ثَلَاثًا فَدَلَّ عَلَى أَنَّهَا لَمْ تَتَعَرَّضْ لِلرَّكْعَتَيْنِ الْخَفِيفَتَيْنِ وَتَعَرَّضَتْ لَهُمَا فِي رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ وَالزِّيَادَةُ مِنَ الْحَافِظِ مَقْبُولَةٌ وَبِهَذَا يُجْمَعُ بَيْنَ الرِّوَايَاتِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَسْتَحْضِرَ هُنَا مَا تَقَدَّمَ فِي أَبْوَابِ الْوِتْرِ مِنْ ذِكْرِ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْوِتْرِ وَالِاخْتِلَافِ هَلْ هُمَا الرَّكْعَتَانِ بَعْدَ الْفَجْرِ أَوْ صَلَاةٌ مُفْرَدَةٌ بَعْدَ الْوِتْرِ وَيُؤَيِّدُهُ مَا وَقَعَ عِنْدَ أَحْمَدَ وَأَبِي دَاوُدَ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَيْسٍ عَنْ عَائِشَةَ بِلَفْظِ كَانَ يُوتِرُ بِأَرْبَعٍ وَثَلَاثٍ وَسِتٍّ وَثَلَاثٍ وَثَمَانٍ وَثَلَاثٍ وَعَشْرٍ وَثَلَاثٍ وَلَمْ يَكُنْ يُوتِرُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَلَا أَنْقَصَ مِنْ سَبْعٍ وَهَذَا أَصَحُّ مَا وَقَفْتُ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ وَبِهِ يُجْمَعُ بَيْنَ مَا اخْتَلَفَ عَنْ عَائِشَةَ مِنْ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ أَشْكَلَتْ رِوَايَاتُ عَائِشَةَ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ حَتَّى نَسَبَ بَعْضُهُمْ حَدِيثَهَا إِلَى الِاضْطِرَابِ وَهَذَا إِنَّمَا يَتِمُّ لَوْ كَانَ الرَّاوِي عَنْهَا وَاحِدًا أَوْ أَخْبَرَتْ عَنْ وَقْتٍ وَاحِدٍ وَالصَّوَابُ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ ذَكَرَتْهُ مِنْ ذَلِكَ مَحْمُولٌ عَلَى أَوْقَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ وَأَحْوَالٍ مُخْتَلِفَةٍ بِحَسَبِ النَّشَاطِ وَبَيَانِ الْجَوَازِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَظَهَرَ لِي أَنَّ الْحِكْمَةَ فِي عَدَمِ الزِّيَادَةِ عَلَى إِحْدَى عَشْرَةَ أَنَّ التَّهَجُّدَ وَالْوِتْرَ مُخْتَصٌّ بِصَلَاةِ اللَّيْلِ وَفَرَائِضَ النَّهَارِ الظُّهْرُ وَهِيَ أَرْبَعٌ وَالْعَصْرُ وَهِيَ أَرْبَعٌ وَالْمَغْرِبُ وَهِيَ ثَلَاثٌ وِتْرُ النَّهَارِ فَنَاسَبَ أَنْ تَكُونَ صَلَاةُ اللَّيْلِ كَصَلَاةِ النَّهَارِ فِي الْعَدَدِ جُمْلَةً وَتَفْصِيلًا وَأَمَّا مُنَاسَبَةُ ثَلَاثَ عَشْرَةَ فَبِضَمِّ صَلَاةِ الصُّبْحِ لِكَوْنِهَا نَهَارِيَّةً إِلَى مَا بَعْدَهَا تَنْبِيهٌ إِسْحَاقُ الْمَذْكُور فِي أول حَدِيثي عَائِشَة هُوَ بن رَاهْوَيْهِ كَمَا جَزَمَ بِهِ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ وَعُبَيْدُ اللَّهِ الْمَذْكُورُ فِي ثَانِي حَدِيثَيْهَا هُوَ بن مُوسَى وَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْهُ فِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ الْمُتَوَالِيَيْنِ بِوَاسِطَةٍ وَبِغَيْرِ وَاسِطَةٍ وَهُوَ مِنْ كِبَارِ شُيُوخِهِ وَكَأَنَّ أَوَّلَهُمَا لَمْ يَقَعْ لَهُ سَمَاعه مِنْهُ وَالله أعلم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015