كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَلِلْحَمَوِيِّ وَالْمُسْتَمْلِي طُولُ الصَّلَاةِ فِي قِيَامِ اللَّيْلِ وَحَدِيثُ الْبَابِ مُوَافِقٌ لِهَذَا لِأَنَّهُ دَال على طول الصَّلَاة لَا على طول الْقِيَامِ بِخُصُوصِهِ إِلَّا أَنَّ طُولَ الصَّلَاةِ يَسْتَلْزِمُ طُولَ الْقِيَامِ لِأَنَّ غَيْرَ الْقِيَامِ كَالرُّكُوعِ مَثَلًا لَا يَكُونُ أَطْوَلَ مِنَ الْقِيَامِ كَمَا عُرِفَ بِالِاسْتِقْرَاءِ مِنْ صَنِيعِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَفِي حَدِيثِ الْكُسُوفِ فَرَكَعَ نَحْوًا مِنْ قِيَامِهِ وَفِي حَدِيثِ حُذَيْفَةَ الَّذِي سَأَذْكُرُهُ نَحْوَهُ وَمَضَى حَدِيثُ عَائِشَةَ قَرِيبًا أَنَّ السَّجْدَةَ تَكُونُ قَرِيبًا مِنْ خَمْسِينَ آيَةً وَمِنَ الْمَعْلُومِ فِي غَيْرِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ بِمَا يَزِيدُ عَلَى ذَلِك
[1135] قَوْله عَن عبد الله هُوَ بن مَسْعُودٍ قَوْلُهُ بِأَمْرِ سُوءٍ بِإِضَافَةِ أَمْرٍ إِلَى سُوءٍ وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى اخْتِيَارِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَطْوِيلَ صَلَاةِ اللَّيْلِ وَقد كَانَ بن مَسْعُودٍ قَوِيًّا مُحَافِظًا عَلَى الِاقْتِدَاءِ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا هَمَّ بِالْقُعُودِ إِلَّا بَعْدَ طُولٍ كَثِيرٍ مَا اعْتَادَهُ وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ طُولُ الْقُنُوتِ فَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى ذَلِكَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِالْقُنُوتِ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ الْخُشُوعُ وَذَهَبَ كَثِيرٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ إِلَى أَنَّ كَثْرَةَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ أَفْضَلُ وَلِمُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ ثَوْبَانَ أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ كَثْرَةُ السُّجُودِ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ وَالْأَحْوَالِ وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّ مُخَالَفَةَ الْإِمَامِ فِي أَفْعَالِهِ مَعْدُودَةٌ فِي الْعَمَلِ السَّيِّءِ وَفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى فَائِدَةِ مَعْرِفَةِ مَا بَينهم من الْأَحْوَال وَغَيرهَا لِأَن أَصْحَاب بن مَسْعُودٍ مَا عَرَفُوا مُرَادَهُ مِنْ قَوْلِهِ هَمَمْتُ بِأَمْرِ سُوءٍ حَتَّى اسْتَفْهَمُوهُ عَنْهُ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمُ اسْتِفْهَامَهُمْ عَنْ ذَلِكَ وَرَوَى مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ أَنَّهُ صَلَّى مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةً فَقَرَأَ الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ وَالنِّسَاءَ فِي رَكْعَةٍ وَكَانَ إِذَا مَرَّ بِآيَةٍ فِيهَا تَسْبِيحٌ سَبَّحَ أَوْ سُؤَالٌ سَأَلَ أَوْ تَعَوُّذٌ تَعَوَّذَ ثُمَّ رَكَعَ نَحْوًا مِمَّا قَامَ ثُمَّ قَامَ نَحْوًا مِمَّا رَكَعَ ثُمَّ سَجَدَ نَحْوًا مِمَّا قَامَ وَهَذَا إِنَّمَا يَتَأَتَّى فِي نَحْوٍ مِنْ سَاعَتَيْنِ فَلَعَلَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْيَا تِلْكَ اللَّيْلَةَ كُلَّهَا وَأَمَّا مَا يَقْتَضِيهِ حَالُهُ فِي غَيْرِ هَذِهِ اللَّيْلَةِ فَإِنَّ فِي أَخْبَارِ عَائِشَةَ أَنَّهُ كَانَ يَقُومُ قَدْرَ ثُلُثِ اللَّيْلِ وَفِيهَا أَنَّهُ كَانَ لَا يَزِيدُ عَلَى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً فَيَقْتَضِي ذَلِكَ تَطْوِيلَ الصَّلَاةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ تَنْبِيهٌ ذَكَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ أَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ حَرْبٍ تَفَرَّدَ بِرِوَايَةِ هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ شُعْبَةَ حَكَاهُ عَنْهُ الْبُرْقَانِيُّ وَهُوَ مِنَ الْأَفْرَادِ الْمُقَيَّدَةِ فَإِنَّ مُسْلِمًا أَخْرَجَ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنِ الْأَعْمَشِ قَوْلُهُ عَنْ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ هُوَ الْوَاسِطِيُّ وحصين هُوَ بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْوَاسِطِيُّ أَيْضًا وَقَدْ تَقَدَّمَ حَدِيثُ حُذَيْفَة فِي الطَّهَارَة وَاسْتشْكل بن بَطَّالٍ دُخُولَهُ فِي هَذَا الْبَابِ فَقَالَ لَا مَدْخَلَ لَهُ هُنَا لِأَنَّ التَّسَوُّكَ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ لَا يَدُلُّ عَلَى طُولِ الصَّلَاةِ قَالَ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ غَلَطِ النَّاسِخِ فَكَتَبَهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ أَوْ أَنَّ الْبُخَارِيَّ أَعْجَلَتْهُ الْمَنِيَّةُ قَبْلَ تَهْذِيبِ كِتَابِهِ فَإِنَّ فِيهِ مَوَاضِعَ مِثْلَ هَذَا تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ وَقَالَ بن الْمُنِيرِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَشَارَ إِلَى أَنَّ اسْتِعْمَالَ السِّوَاكِ يَدُلُّ عَلَى مَا يُنَاسِبُهُ مِنْ إِكْمَالِ الْهَيْئَةِ وَالتَّأَهُّبِ وَهُوَ دَلِيلُ طُولِ الْقِيَامِ إِذِ التَّخْفِيفُ لَا يَتَهَيَّأُ لَهُ