بِقَوْلِهِ حَيْثُ كَانَ وَجْهُهُ عَلَى أَنَّ جِهَةَ الطَّرِيقِ تَكُونُ بَدَلًا عَنِ الْقِبْلَةِ حَتَّى لَا يَجُوزَ الِانْحِرَافُ عَنْهَا عَامِدًا قَاصِدًا لِغَيْرِ حَاجَةِ الْمَسِيرِ إِلَّا إِنْ كَانَ سَائِرًا فِي غَيْرِ جِهَةِ الْقِبْلَةِ فَانْحَرَفَ إِلَى جِهَةِ الْقِبْلَةِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَضُرُّهُ عَلَى الصَّحِيحِ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْوِتْرَ غَيْرُ وَاجِبٍ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِإِيقَاعِهِ إِيَّاهُ عَلَى الرَّاحِلَةِ كَمَا تَقَدَّمَ الْبَحْثُ فِيهِ فِي بَابِ الْوِتْرِ فِي السَّفَرِ مِنْ أَبْوَابِ الْوِتْرِ وَاسْتُنْبِطَ مِنْ دَلِيلِ التَّنَفُّلِ لِلرَّاكِبِ جَوَازُ التَّنَفُّلِ لِلْمَاشِي وَمَنَعَهُ مَالك مَعَ أَنه أجَازه لراكب السَّفِينَة

(قَوْلُهُ بَابُ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ عَلَى الْحِمَارِ)

قَالَ بن رَشِيدٍ مَقْصُودُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي التَّطَوُّعِ عَلَى الدَّابَّةِ أَنْ تَكُونَ الدَّابَّةُ طَاهِرَةَ الْفَضَلَاتِ بَلِ الْبَابُ فِي الْمَرْكُوبَاتِ وَاحِدٌ بِشَرْطِ أَنْ لَا يماس النَّجَاسَة وَقَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ طَهَارَةُ عَرَقِ الْحِمَارِ لِأَنَّ مُلَابَسَتَهُ مَعَ التَّحَرُّزِ مِنْهُ مُتَعَذِّرٌ لَا سِيَّمَا إِذَا طَالَ الزَّمَانُ فِي رُكُوبِهِ وَاحْتَمَلَ الْعَرَقَ

[1100] قَوْلُهُ حَدَّثَنَا حَبَّانُ بِفَتْحِ الْمُهْملَة وبالموحدة هُوَ بن هِلَالٍ قَوْلُهُ اسْتَقْبَلْنَا أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ بِسُكُونِ اللَّامِ قَوْلُهُ حِينَ قَدِمَ مِنَ الشَّامِ كَانَ أَنَسٌ قَدْ تَوَجَّهَ إِلَى الشَّامِ يَشْكُو مِنَ الْحَجَّاجِ وَقَدْ ذَكَرْتُ طَرَفًا مِنْ ذَلِكَ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الصَّلَاةِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ حِينَ قَدِمَ الشَّامَ وَغَلَّطُوهُ لِأَنَّ أَنَسَ بْنَ سِيرِينَ إِنَّمَا تَلَقَّاهُ لَمَّا رَجَعَ مِنَ الشَّامِ فَخرج بن سِيرِينَ مِنَ الْبَصْرَةِ لِيَتَلَقَّاهُ وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُهُ بِأَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ حِينَ قَدِمَ الشَّامَ مُجَرَّدَ ذِكْرِ الْوَقْتِ الَّذِي وَقَعَ لَهُ فِيهِ ذَلِكَ كَمَا تَقُولُ فَعَلْتُ كَذَا لَمَّا حَجَجْتُ قَالَ النَّوَوِيُّ رِوَايَةُ مُسْلِمٍ صَحِيحَةٌ وَمَعْنَاهُ تَلَقَّيْنَاهُ فِي رُجُوعِهِ حِينَ قَدِمَ الشَّامَ قَوْلُهُ فَلَقِينَاهُ بِعَيْنِ التَّمْرِ هُوَ مَوْضِعٌ بِطَرِيقِ الْعِرَاقِ مِمَّا يَلِي الشَّامَ وَكَانَتْ بِهِ وَقْعَةٌ شَهِيرَةٌ فِي آخِرِ خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ بَيْنَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ وَالْأَعَاجِمِ وَوَجَدَ بِهَا غِلْمَانًا مِنَ الْعَرَبِ كَانُوا رَهْنًا تَحْتَ يَدِ كِسْرَى مِنْهُمْ جَدُّ الْكَلْبِيِّ الْمُفَسِّرِ وَحُمْرَانُ مَوْلَى عُثْمَانَ وَسِيرِينُ مَوْلَى أَنَسٍ قَوْلُهُ رَأَيْتُكَ تُصَلِّي لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ فِيهِ إِشْعَارٌ بِأَنَّهُ لَمْ يُنْكِرِ الصَّلَاةَ عَلَى الْحِمَارِ وَلَا غَيْرَ ذَلِكَ مِنْ هَيْئَةِ أَنَسٍ فِي ذَلِكَ وَإِنَّمَا أَنْكَرَ عَدَمَ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ فَقَطْ وَفِي قَوْلِ أَنَسٍ لَوْلَا أَنِّي رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُهُ يَعْنِي تَرْكُ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ لِلْمُتَنَفِّلِ عَلَى الدَّابَّةِ وَهَلْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى عَلَى حِمَارٍ فِيهِ احْتِمَالٌ وَقَدْ نَازَعَ فِي ذَلِكَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ فَقَالَ خَبَرُ أَنَسٍ إِنَّمَا هُوَ فِي صَلَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَاكِبًا تَطَوُّعًا لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ فَإِفْرَادُ التَّرْجَمَةِ فِي الْحِمَارِ مِنْ جِهَةِ السُّنَّةِ لَا وَجْهَ لَهُ عِنْدِي اه وَقَدْ رَوَى السَّرَّاجُ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي عَلَى حِمَارٍ وَهُوَ ذَاهِبٌ إِلَى خَيْبَرَ إِسْنَادُهُ حَسَنٌ وَلَهُ شَاهِدٌ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ عَن بن عُمَرَ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي عَلَى حِمَارٍ وَهُوَ مُتَوَجِّهٌ إِلَى خَيْبَرَ فَهَذَا يُرَجِّحُ الِاحْتِمَالَ الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ الْبُخَارِيُّ فَائِدَةٌ لَمْ يُبَيِّنْ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ كَيْفِيَّةَ صَلَاةِ أَنَسٍ وَذَكَرَهُ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ رَأَيْتُ أَنَسًا وَهُوَ يُصَلِّي عَلَى حِمَارٍ وَهُوَ مُتَوَجِّهٌ إِلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ يَرْكَعُ وَيَسْجُدُ إِيمَاءً مِنْ غَيْرِ أَنْ يَضَعَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015