خَرَجَ مِنْهَا لَا وَجْهَ لَهُ إِلَّا هَذَا وَقَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ أُطْلِقَ عَلَى ذَلِكَ إِقَامَةٌ بِمَكَّةَ لِأَنَّ هَذِهِ الْمَوَاضِعَ مَوَاضِعُ النُّسُكِ وَهِيَ فِي حُكْمِ التَّابِعِ لِمَكَّةَ لِأَنَّهَا الْمَقْصُودُ بِالْأَصَالَةِ لَا يَتَّجِهُ سِوَى ذَلِكَ كَمَا قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَزَعَمَ الطَّحَاوِيُّ أَنَّ الشَّافِعِيَّ لَمْ يَسْبِقْ إِلَى أَنَّ الْمُسَافِرَ يَصِيرُ بِنِيَّةِ إِقَامَتِهِ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ مُقِيمًا وَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ نَحْوَ مَا قَالَ الشَّافِعِيُّ وَهِيَ رِوَايَةٌ عَنْ مَالك

(قَوْلُهُ بَابُ الصَّلَاةِ بِمِنًى)

أَيْ فِي أَيَّامِ الرَّمْيِ وَلَمْ يَذْكُرِ الْمُصَنِّفُ حُكْمَ الْمَسْأَلَةِ لِقُوَّةِ الْخِلَافِ فِيهَا وَخَصَّ مِنًى بِالذِّكْرِ لِأَنَّهَا الْمَحَلُّ الَّذِي وَقَعَ فِيهَا ذَلِكَ قَدِيمًا وَاخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي الْمُقِيمِ بِمِنًى هَلْ يَقْصُرُ أَوْ يُتِمُّ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْقَصْرَ بِهَا لِلسَّفَرِ أَوْ لِلنُّسُكِ وَاخْتَارَ الثَّانِيَ مَالِكٌ وَتَعَقَّبَهُ الطَّحَاوِيُّ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَكَانَ أَهْلُ مِنًى يُتِمُّونَ وَلَا قَائِلَ بِذَلِكَ وَقَالَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ لَوْ لَمْ يَجُزْ لِأَهْلِ مَكَّةَ الْقَصْرُ بِمِنًى لَقَالَ لَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتِمُّوا وَلَيْسَ بَيْنَ مَكَّةَ وَمِنًى مَسَافَةُ الْقَصْرِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُمْ قَصَرُوا لِلنُّسُكِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ التِّرْمِذِيَّ رَوَى مِنْ حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي بِمَكَّةَ رَكْعَتَيْنِ وَيَقُولُ يَا أَهْلَ مَكَّةَ أَتِمُّوا فَإِنَّا قَوْمٌ سَفْرٌ وَكَأَنَّهُ تَرَكَ إِعْلَامَهُمْ بِذَلِكَ بِمِنًى اسْتِغْنَاءً بِمَا تَقَدَّمَ بِمَكَّةَ قُلْتُ وَهَذَا ضَعِيفٌ لِأَنَّ الْحَدِيثَ مِنْ رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَلَوْ صَحَّ فَالْقِصَّةُ كَانَتْ فِي الْفَتْحِ وَقِصَّةُ مِنًى فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَكَانَ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ ذَلِكَ لِبُعْدِ الْعَهْدِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ أَصْلَ الْبَحْثِ مَبْنِيٌّ عَلَى تَسْلِيمِ أَنَّ الْمَسَافَةَ الَّتِي بَيْنَ مَكَّةَ وَمِنًى لَا يُقْصَرُ فِيهَا وَهُوَ مِنْ مُحَالِ الْخِلَافِ كَمَا سَيَأْتِي بَعْدَ بَابٍ

[1082] قَوْلُهُ بِمِنًى زَادَ مُسْلِمٌ فِي رِوَايَةِ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ بِمِنًى وَغَيْرِهِ قَوْلُهُ ثُمَّ أَتَمَّهَا فِي رِوَايَةِ أَبِي أُسَامَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عِنْدَ مُسْلِمٍ ثُمَّ إِنَّ عُثْمَانَ صَلَّى أَرْبَعًا فَكَانَ بن عمر إِذا صلى مَعَ الْإِمَامِ صَلَّى أَرْبَعًا وَإِذَا صَلَّى وَحْدَهُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَسَيَأْتِي ذِكْرُ السَّبَبِ فِي إِتْمَامِ عُثْمَانَ بِمِنًى فِي بَابِ يَقْصُرُ إِذَا خَرَجَ مِنْ مَوْضِعِهِ قَوْلُهُ أَنْبَأَنَا أَبُو إِسْحَاقَ كَذَا هُوَ بِلَفْظِ الْإِنْبَاءِ وَهُوَ فِي عُرْفِ الْمُتَقَدِّمِينَ بِمَعْنَى الْإِخْبَارِ وَالتَّحْدِيثِ وَهَذَا مِنْهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015