الْمَدِينَةِ وَلِمُسْلِمٍ فِي رِوَايَةِ حَفْصٍ فَلَقَدْ رَأَيْتُ السَّحَاب يتمزق كَأَنَّهُ الملاحين تطوى والملا بِضَمِّ الْمِيمِ وَالْقَصْرِ وَقَدْ يُمَدُّ جَمْعُ مُلَاءَةٍ وَهُوَ ثَوْبٌ مَعْرُوفٌ وَفِي رِوَايَةِ قَتَادَةَ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ فَلَقَدْ رَأَيْتُ السَّحَابَ يَنْقَطِعُ يَمِينًا وَشِمَالًا يُمْطِرُونَ أَيْ أَهْلَ النَّوَاحِي وَلَا يُمْطِرُ أَهْلَ الْمَدِينَةِ وَلَهُ فِي الْأَدَبِ فَجَعَلَ السَّحَابَ يَتَصَدَّعُ عَنِ الْمَدِينَةِ وَزَادَ فِيهِ يُرِيهِمُ اللَّهُ كَرَامَةَ نَبِيِّهِ وَإِجَابَةَ دَعَوْتِهِ وَلَهُ فِي رِوَايَةِ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ فَتَكَشَّطَتْ أَيْ تَكَشَّفَتْ فَجَعَلَتْ تُمْطِرُ حَوْلَ الْمَدِينَةِ وَلَا تُمْطِرُ بِالْمَدِينَةِ قَطْرَةً فَنَظَرْتُ إِلَى الْمَدِينَة وَأَنَّهَا لمثل الْإِكْلِيلِ وَلِأَحْمَدَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ فَتَقَوَّرَ مَا فَوْقَ رُءُوسِنَا مِنَ السَّحَابِ حَتَّى كَأَنَّا فِي إِكْلِيلٍ وَالْإِكْلِيلُ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الْكَافِ كُلُّ شَيْءٍ دَارَ مِنْ جَوَانِبِهِ وَاشْتُهِرَ لِمَا يُوضَعُ عَلَى الرَّأْسِ فَيُحِيطُ بِهِ وَهُوَ مِنْ مَلَابِسِ الْمُلُوكِ كَالتَّاجِ وَفِي رِوَايَةِ إِسْحَاقَ عَنْ أَنَسٍ فَمَا يُشِيرُ بِيَدِهِ إِلَى نَاحِيَةٍ مِنَ السَّحَابِ إِلَّا تَفَرَّجَتْ حَتَّى صَارَتِ الْمَدِينَةُ فِي مِثْلِ الْجَوْبَةِ وَالْجَوْبَةُ بِفَتْحِ الْجِيمِ ثُمَّ الْمُوَحَّدَةِ وَهِيَ الْحُفْرَةُ الْمُسْتَدِيرَةُ الْوَاسِعَةُ وَالْمُرَادُ بِهَا هُنَا الْفُرْجَةُ فِي السَّحَابِ وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ الْمُرَادُ بِالْجَوْبَةِ هُنَا التُّرْسُ وَضَبَطَهَا الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ تَبَعًا لِغَيْرِهِ بنُون بدل الْمُوَحدَة ثمَّ فسره بالشمس إِذا ظَهَرَتْ فِي خِلَالِ السَّحَابِ لَكِنْ جَزَمَ عِيَاضٌ بِأَنَّ مَنْ قَالَهُ بِالنُّونِ فَقَدْ صَحَّفَ وَفِي رِوَايَةِ إِسْحَاقَ مِنَ الزِّيَادَةِ أَيْضًا وَسَالَ الْوَادِي وَادِي قَنَاةَ شَهْرًا وَقَنَاةُ بِفَتْحِ الْقَافِ وَالنُّونِ الْخَفِيفَةِ عَلَمٌ عَلَى أَرْضٍ ذَاتِ مَزَارِعٍ بِنَاحِيَةِ أُحُدٍ وَوَادِيهَا أَحَدُ أَوْدِيَةِ الْمَدِينَةِ الْمَشْهُورَةِ قَالَهُ الْحَازِمِيُّ وَذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْمَخْزُومِيُّ فِي أَخْبَارِ الْمَدِينَةِ بِإِسْنَادٍ لَهُ أَنَّ أَوَّلَ مَنْ سَمَّاهُ وَادِيَ قَنَاةَ تُبَّعٌ الْيَمَانِيُّ لَمَّا قَدِمَ يَثْرِبَ قَبْلَ الْإِسْلَامِ وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ أَنَّ تُبَّعًا بَعَثَ رَائِدًا يَنْظُرُ إِلَى مَزَارِعِ الْمَدِينَةِ فَقَالَ نَظَرْتُ فَإِذَا قَنَاةُ حَبٍّ وَلَا تِبْنٍ وَالْجُرُفُ حَبٌّ وَتِبْنٌ وَالْحِرَارُ يَعْنِي جَمْعَ حِرَّةٍ بِمُهْمَلَتَيْنِ لَا حَبَّ وَلَا تِبْنَ اه وَتَقَدَّمَ فِي الْجُمُعَةِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَسَالَ الْوَادِي قَنَاةُ وَأُعْرِبَ بِالضَّمِّ عَلَى الْبَدَلِ عَلَى أَنَّ قَنَاةَ اسْمُ الْوَادِي وَلَعَلَّهُ مِنْ تَسْمِيَةِ الشَّيْءِ بِاسْمِ مَا جَاوَرَهُ وَقَرَأْتُ بِخَطِّ الرَّضِيِّ الشَّاطِبِيِّ قَالَ الْفُقَهَاءُ تَقُولُهُ بِالنَّصْبِ وَالتَّنْوِينِ يَتَوَهَّمُونَهُ قَنَاةً مِنَ الْقَنَوَاتِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ اه وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ قَدْ جَزَمَ بِهِ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَقَالَ هُوَ عَلَى التَّشْبِيهِ أَيْ سَالَ مِثْلَ الْقَنَاةِ وَقَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الْمَذْكُورَةِ إِلَّا حَدَّثَ بِالْجَوْدِ هُوَ بِفَتْحِ الْجِيمِ الْمَطَرُ الْغَزِيرُ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَطَرَ اسْتَمَرَّ فِيمَا سِوَى الْمَدِينَةِ فَقَدْ يُشْكِلُ بِأَنَّهُ يَسْتَلْزِمُ أَنَّ قَوْلَ السَّائِلِ هَلَكَتِ الْأَمْوَالُ وَانْقَطَعَتِ السُّبُلُ لَمْ يَرْتَفِعِ الْإِهْلَاكُ وَلَا الْقَطْعُ وَهُوَ خِلَافُ مَطْلُوبِهِ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْمَطَرَ اسْتَمَرَّ حَوْلَ الْمَدِينَةِ مِنَ الْإِكَامِ وَالظِّرَابِ وَبُطُونِ الْأَوْدِيَةِ لَا فِي الطُّرُقِ الْمَسْلُوكَةِ وَوُقُوعُ الْمَطَرِ فِي بُقْعَةٍ دُونَ بُقْعَةٍ كَثِيرٌ وَلَوْ كَانَتْ تُجَاوِرُهَا وَإِذَا جَازَ ذَلِكَ جَازَ أَنْ يُوجَدَ لِلْمَاشِيَةِ أَمَاكِنُ تُكِنُّهَا وترعى فِيهَا بِحَيْثُ لَا يَضرهَا ذَلِك الْمَطَرُ فَيَزُولُ الْإِشْكَالُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفَوَائِد غيرما تَقَدَّمَ جَوَازُ مُكَالَمَةِ الْإِمَامِ فِي الْخُطْبَةِ لِلْحَاجَةِ وَفِيهِ الْقِيَامُ فِي الْخُطْبَةِ وَأَنَّهَا لَا تَنْقَطِعُ بِالْكَلَامِ وَلَا تَنْقَطِعُ بِالْمَطَرِ وَفِيهِ قِيَامُ الْوَاحِدِ بِأَمْرِ الْجَمَاعَةِ وَإِنَّمَا لَمْ يُبَاشِرْ ذَلِكَ بَعْضُ أَكَابِرِ الصَّحَابَةِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَسْلُكُونَ الْأَدَبَ بِالتَّسْلِيمِ وَتَرْكِ الِابْتِدَاءِ بِالسُّؤَالِ وَمِنْهُ قَوْلُ أَنَسٍ كَانَ يُعْجِبُنَا أَنْ يَجِيءَ الرَّجُلُ مِنَ الْبَادِيَةِ فَيَسْأَلُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسُؤَالُ الدُّعَاءِ مِنْ أَهْلِ الْخَيْرِ وَمَنْ يُرْجَى مِنْهُ الْقَبُولُ وَإِجَابَتُهُمْ لِذَلِكَ وَمِنْ أَدَبِهِ بَثُّ الْحَالِ لَهُمْ قَبْلَ الطَّلَبِ لِتَحْصِيلِ الرِّقَّةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِصِحَّةِ التَّوَجُّهِ فَتُرْجَى الْإِجَابَةُ عِنْدَهُ وَفِيهِ تَكْرَارُ الدُّعَاءِ ثَلَاثًا وَإِدْخَالُ دُعَاءِ الِاسْتِسْقَاءِ فِي خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ وَالدُّعَاءُ بِهِ عَلَى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015