الْقُنُوتُ يُطْلَقُ عَلَى مَعَانٍ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا الدُّعَاءُ فِي الصَّلَاةِ فِي مَحَلٍّ مَخْصُوصٍ مِنَ الْقِيَامِ قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ أَثْبَتَ بِهَذِهِ التَّرْجَمَةِ مَشْرُوعِيَّةَ الْقُنُوتِ إِشَارَةً إِلَى الرَّدِّ عَلَى مَنْ رَوَى عَنْهُ أَنَّهُ بِدْعَةٌ كَابْنِ عُمَرَ وَفِي الْمُوَطَّأِ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ لَا يَقْنُتُ فِي شَيْءٍ مِنَ الصَّلَوَاتِ وَوَجْهُ الرَّدِّ عَلَيْهِ ثُبُوتُهُ مِنْ فِعْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ مُرْتَفِعٌ عَنْ دَرَجَةِ الْمُبَاحِ قَالَ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ فِي التَّرْجَمَةِ بِصُبْحٍ وَلَا غَيْرِهِ مَعَ كَوْنِهِ مُقَيَّدًا فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ بِالصُّبْحِ وَأَوْرَدَهَا فِي أَبْوَابِ الْوِتْرِ أَخْذًا مِنْ إِطْلَاقِ أَنَسٍ فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ كَذَا قَالَ وَيَظْهَرُ لِي أَنَّهُ أَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى قَوْلِهِ فِي الطَّرِيقِ الرَّابِعَةِ كَانَ الْقُنُوتُ فِي الْفَجْرِ وَالْمَغْرِبِ لِأَنَّهُ ثَبَتَ أَنَّ الْمَغْرِبَ وِتْرُ النَّهَارِ فَإِذَا ثَبَتَ الْقُنُوتُ فِيهَا ثَبَتَ فِي وِتْرِ اللَّيْلِ بِجَامِعِ مَا بَيْنَهُمَا مِنَ الْوِتْرِيَّةِ مَعَ أَنَّهُ قَدْ وَرَدَ الْأَمْرُ بِهِ صَرِيحًا فِي الْوِتْرِ فَرَوَى أَصْحَابُ السُّنَنِ مِنْ حَدِيثِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ عَلَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَلِمَاتٍ أَقُولهُنَّ فِي قُنُوتِ الْوِتْرِ اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ الْحَدِيثَ وَقَدْ صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ لَكِنْ لَيْسَ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ
[1001] قَوْلُهُ سُئِلَ أَنَسٌ فِي رِوَايَةِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ أَيُّوبَ عِنْدَ مُسْلِمٍ قُلْتُ لِأَنَسٍ فَعُرِفَ بِذَلِكَ أَنَّهُ أبهم نَفسه قَوْله فَقيل أوقنت فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ بِغَيْرِ وَاوٍ وَلِلْإِسْمَاعِيلِيِّ هَلْ قَنَتَ قَوْلُهُ قَبْلَ الرُّكُوعِ زَادَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ أَوْ بَعْدَ الرُّكُوعِ قَوْلُهُ بَعْدَ الرُّكُوعِ يَسِيرًا قَدْ بَيَّنَ عَاصِمٌ فِي رِوَايَتِهِ مِقْدَارَ هَذَا الْيَسِيرِ حَيْثُ قَالَ فِيهَا إِنَّمَا قَنَتَ بَعْدَ الرُّكُوعِ شهرا وَفِي صَحِيح بن خُزَيْمَةَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَا يَقْنُتُ إِلَّا إِذَا دَعَا لِقَوْمٍ أَوْ دَعَا عَلَى قَوْمٍ وَكَأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا بَعْدَ الرُّكُوعِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَصْرِ فِي قَوْلِهِ إِنَّمَا قَنَتَ شَهْرًا أَيْ مُتَوَالِيًا
[1002] قَوْلُهُ حَدثنَا عبد الْوَاحِد هُوَ بن زِيَاد وَعَاصِم هُوَ بن سُلَيْمَانَ الْأَحْوَلِ قَوْلُهُ قَدْ كَانَ الْقُنُوتُ فِيهِ إِثْبَاتُ مَشْرُوعِيَّتِهِ فِي الْجُمْلَةِ كَمَا تَقَدَّمَ قَوْلُهُ قَالَ فَإِنَّ فُلَانًا أَخْبَرَنِي عَنْكَ أَنَّكَ قُلْتَ بَعْدَ الرُّكُوعِ فَقَالَ كَذَبَ لَمْ أَقِفْ عَلَى تَسْمِيَةِ هَذَا الرَّجُلِ صَرِيحًا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ بِدَلِيلِ رِوَايَتِهِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَإِنَّ مَفْهُومَ قَوْلِهِ بَعْدَ الرُّكُوعِ يَسِيرًا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ وَقَبْلَ الرُّكُوعِ كَثِيرًا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لَا قُنُوتَ قَبْلَهَ أَصْلًا وَمَعْنَى قَوْلِهِ كَذَبَ أَيْ أَخْطَأَ وَهُوَ لُغَةُ أَهْلِ الْحِجَازِ يُطْلِقُونَ الْكَذِبَ عَلَى مَا هُوَ أَعَمُّ مِنَ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِقَوْلِهِ كَذَبَ أَيْ إِنْ كَانَ حَكَى أَنَّ الْقُنُوتَ دَائِمًا بَعْدَ الرُّكُوعِ وَهَذَا يُرَجِّحُ الِاحْتِمَالَ الْأَوَّلَ وَيُبَيِّنُهُ