عَلَيْهِ رِوَايَةُ الْمِنْهَالِ الْآتِيَةُ قَرِيبًا وَقَدِ اخْتُلِفَ عَلَى سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَيْضًا فَفِي التَّفْسِيرِ مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ عَنِ الْحَكَمِ عَنْهُ فَصَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ ثُمَّ نَامَ ثُمَّ صَلَّى خَمْسَ رَكَعَاتٍ وَقَدْ حَمَلَ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ هَذِهِ الْأَرْبَعَ عَلَى أَنَّهَا سُنَّةُ الْعِشَاءِ لِكَوْنِهَا وَقَعَتْ قَبْلَ النَّوْمِ لَكِنْ يُعَكِّرُ عَلَيْهِ مَا رَوَاهُ هُوَ مِنْ طَرِيقِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ فَإِنَّ فِيهِ فَصَلَّى الْعِشَاءَ ثُمَّ صَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ بَعْدَهَا حَتَّى لَمْ يَبْقَ فِي الْمَسْجِدِ غَيْرُهُ ثُمَّ انْصَرَفَ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ صَلَّى الْأَرْبَع فِي الْمَسْجِد لافى الْبَيْتِ وَرِوَايَةُ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَيْضًا تَقْتَضِي الِاقْتِصَارَ عَلَى خَمْسِ رَكَعَاتٍ بَعْدَ النَّوْمِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَقَدْ رَوَاهَا أَبُو دَاوُدَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ الْحَكَمِ وَفِيهِ فَصَلَّى سَبْعًا أَوْ خَمْسًا أَوْتَرَ بِهِنَّ لَمْ يُسَلِّمْ إِلَّا فِي آخِرِهِنَّ وَقَدْ ظَهَرَ لِي مِنْ رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ مَا يَرْفَعُ هَذَا الْإِشْكَالَ وَيُوَضِّحُ أَنَّ رِوَايَةَ الْحَكَمِ وَقَعَ فِيهَا تَقْصِيرٌ فَعِنْدَ النَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ عباد عَن سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ حَتَّى صَلَّى ثَمَان رَكَعَاتٍ ثُمَّ أَوْتَرَ بِخَمْسٍ لَمْ يَجْلِسْ بَيْنَهُنَّ فَبِهَذَا يُجْمَعُ بَيْنَ رِوَايَةِ سَعِيدٍ وَرِوَايَةِ كُرَيْبٍ وَأَمَّا مَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ فَصَلَّى ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً مِنْهَا رَكْعَتَا الْفَجْرِ فَهُوَ نَظِيرُ مَا تَقَدَّمَ مِنَ الِاخْتِلَافِ فِي رِوَايَةِ كُرَيْبٍ وَأَمَّا مَا فِي رِوَايَتِهِمَا مِنَ الْفَصْلِ وَالْوَصْلِ فَرِوَايَةُ سَعِيدٍ صَرِيحَةٌ فِي الْوَصْلِ وَرِوَايَةُ كُرَيْبٍ مُحْتَمَلَةٌ فَتُحْمَلُ عَلَى رِوَايَةِ سَعِيدٍ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي رِوَايَةِ طَلْحَةَ بْنِ نَافِعٍ يُسَلِّمُ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ فَيُحْتَمَلُ تَخْصِيصُهُ بِالثَّمَانِ فَيُوَافِقُ رِوَايَةَ سَعِيدٍ وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ يَحْيَى بْنِ الْجَزَّارِ الْآتِيَةُ وَلَمْ أَرَ فِي شَيْءٍ مِنْ طُرُقِ حَدِيثِ بن عَبَّاسٍ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ لِأَنَّ أَكْثَرَ الرُّوَاةِ عَنْهُ لَمْ يَذْكُرُوا عَدَدًا وَمَنْ ذَكَرَ الْعَدَدَ مِنْهُمْ لَمْ يَزِدْ عَلَى ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَلَمْ يُنْقِصْ عَنْ إِحْدَى عَشْرَةَ إِلَّا أَنَّ فِي رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ مَا يُخَالِفُهُمْ فَإِنَّ فِيهِ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ أَطَالَ فِيهِمَا ثُمَّ انْصَرَفَ فَنَامَ حَتَّى نَفَخَ فَفَعَلَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ بِسِتِّ رَكَعَاتٍ كُلَّ ذَلِكَ يَسْتَاكُ وَيَتَوَضَّأُ وَيَقْرَأُ هَؤُلَاءِ الْآيَاتِ يَعْنِي آخِرَ آلِ عِمْرَانَ ثُمَّ أَوْتَرَ بِثَلَاثٍ فَأَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ فَخَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ انْتَهَى فَزَادَ عَلَى الرُّوَاةِ تَكْرَارُ الْوُضُوءِ وَمَا مَعَهُ وَنَقَصَ عَنْهُمْ رَكْعَتَيْنِ أَوْ أَرْبَعًا وَلَمْ يَذْكُرْ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ أَيْضًا وَأَظُنُّ ذَلِكَ مِنَ الرَّاوِي عَنْهُ حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ فَإِنَّ فِيهِ مَقَالًا وَقد اخْتلف عَلَيْهِ فِيهِ فِي إِسْنَادِهِ وَمَتْنِهِ اخْتِلَافًا تَقَدَّمَ ذِكْرُ بَعْضِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لَمْ يَذْكُرِ الْأَرْبَعَ الْأُوَلَ كَمَا لَمْ يَذْكُرِ الْحِكَمَ الثَّمَانَ كَمَا تَقَدَّمَ وَأَمَّا سُنَّةُ الْفَجْرِ فَقَدْ ثَبَتَ ذِكْرُهَا فِي طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ قِصَّةَ مَبِيتِ بن عَبَّاسٍ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ عَدَمُ تَعَدُّدِهَا فَلِهَذَا يَنْبَغِي الِاعْتِنَاءُ بِالْجَمْعِ بَيْنَ مُخْتَلِفِ الرِّوَايَاتِ فِيهَا وَلَا شَكَّ أَنَّ الْأَخْذَ بِمَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ وَالْأَحْفَظُ أَوْلَى مِمَّا خَالَفَهُمْ فِيهِ مَنْ هُوَ دُونَهُمْ وَلَا سِيَّمَا إِنْ زَادَ أَوْ نَقَصَ وَالْمُحَقَّقُ مِنْ عَدَدِ صَلَاتِهِ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ إِحْدَى عَشْرَةَ وَأَمَّا رِوَايَةُ ثَلَاثَ عَشْرَةَ فَيحْتَمل أَن يكون مِنْهَا سنة الْعشَاء ويوافق ذَلِك رِوَايَة أبي جَمْرَة عَن بن عَبَّاسٍ الْآتِيَةُ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ بِلَفْظِ كَانَتْ صَلَاةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ يَعْنِي بِاللَّيْلِ وَلَمْ يُبَيِّنْ هَلْ سُنَّةُ الْفَجْرِ مِنْهَا أَوْ لَا وَبَيَّنَهَا يَحْيَى بْنُ الجزار عَن بن عَبَّاسٍ عِنْدَ النَّسَائِيِّ بِلَفْظِ كَانَ يُصَلِّي ثَمَان رَكَعَاتٍ وَيُوتِرُ بِثَلَاثٍ وَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَلَا يُعَكِّرُ عَلَى هَذَا الْجَمْعِ إِلَّا ظَاهر سِيَاق الْبَاب فَيمكن أَن يحمل قَوْلُهُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ أَيْ قَبْلَ أَنْ يَنَامَ وَيَكُونُ مِنْهَا سُنَّةُ الْعِشَاءِ وَقَوْلُهُ ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ إِلَخْ أَيْ بَعْدَ أَنْ قَامَ وَسَيَأْتِي نَحْوُ هَذَا الْجَمْعِ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ فِي أَبْوَابِ صَلَاةِ اللَّيْلِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَجَمَعَ الْكِرْمَانِيُّ بَيْنَ مَا اخْتَلَفَ مِنْ رِوَايَات قصَّة بن عَبَّاسٍ هَذِهِ بِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ بَعْضُ رُوَاتِهِ ذكر الْقدر الَّذِي اقْتدى بن عَبَّاسٍ بِهِ فِيهِ وَفَصَلَهُ عَمَّا لَمْ يَقْتَدِ بِهِ فِيهِ وَبَعْضُهُمْ ذَكَرَ الْجَمِيعَ مُجْمَلًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ ثُمَّ اضْطَجَعَ حَتَّى جَاءَهُ الْمُؤَذِّنُ فَقَامَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ تَقَدَّمَتْ تَسْمِيَةُ الْمُؤَذِّنِ قَرِيبًا وَسَيَأْتِي بَيَانُ الِاخْتِلَافِ فِي الِاضْطِجَاعِ هَلْ كَانَ قبل رَكْعَتي الْفجْر أَو بعدهمَا فِي أَوَائِلِ أَبْوَابِ التَّطَوُّعِ قَوْلُهُ ثُمَّ خَرَجَ أَيْ إِلَى الْمَسْجِدِ