أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَصَححهُ بن حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ أَنَّهُمْ أَوْتَرُوا بِوَاحِدَةٍ مِنْ غَيْرِ تَقَدُّمِ نَفْلٍ قَبْلَهَا فَفِي كِتَابِ مُحَمَّدِ بْنِ نَصْرٍ وَغَيْرِهِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ أَنَّ عُثْمَانَ قَرَأَ الْقُرْآنَ لَيْلَةً فِي رَكْعَةٍ لَمْ يُصَلِّ غَيْرَهَا وَسَيَأْتِي فِي الْمَغَازِي حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ثَعْلَبَةَ أَنَّ سَعْدًا أَوْتَرَ بِرَكْعَةٍ وَسَيَأْتِي فِي الْمَنَاقِبِ عَنْ مُعَاوِيَةَ أَنَّهُ أَوْتَرَ بِرَكْعَة وَأَن بن عَبَّاسٍ اسْتَصْوَبَهُ وَفِي كُلِّ ذَلِكَ رَدٌّ عَلَى بن التِّينِ فِي قَوْلِهِ إِنَّ الْفُقَهَاءَ لَمْ يَأْخُذُوا بِعَمَلِ مُعَاوِيَةَ فِي ذَلِكَ وَكَأَنَّهُ أَرَادَ فُقَهَاءَهُمْ قَوْلُهُ وَعَنْ نَافِعٍ هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى الْإِسْنَادِ الْأَوَّلِ وَهُوَ فِي الْمُوَطَّأِ كَذَلِكَ إِلَّا أَنَّهُ لَيْسَ مَقْرُونًا فِي سِيَاقٍ وَاحِدٍ بَلْ بَيْنَ الْمَرْفُوعِ وَالْمَوْقُوفِ عِدَّةُ أَحَادِيثَ وَلِهَذَا فَصَلَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْهُ قَوْلُهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يُسَلِّمُ بَيْنَ الرَّكْعَةِ وَالرَّكْعَتَيْنِ فِي الْوِتْرِ حَتَّى يَأْمُرَ بِبَعْضِ حَاجَتِهِ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي الْوِتْرَ مَوْصُولًا فَإِنْ عَرَضَتْ لَهُ حَاجَةٌ فَصَلَ ثُمَّ بَنَى عَلَى مَا مَضَى وَفِي هَذَا دَفْعٌ لِقَوْلِ مَنْ قَالَ لَا يَصِحُّ الْوِتْرُ إِلَّا مَفْصُولًا وَأَصْرَحُ مِنْ ذَلِكَ مَا رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ قَالَ صَلَّى بن عُمَرَ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ قَالَ يَا غُلَامُ أَرْحِلْ لَنَا ثُمَّ قَامَ فَأَوْتَرَ بِرَكْعَةٍ وَرَوَى الطَّحَاوِيُّ مِنْ طَرِيقِ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ يَفْصِلُ بَيْنَ شَفْعِهِ وَوِتْرِهِ بِتَسْلِيمَةٍ وَأَخْبَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَفْعَلُهُ وَإِسْنَادُهُ قَوِيٌّ وَلَمْ يَعْتَذِرِ الطَّحَاوِيُّ عَنْهُ إِلَّا بِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ بِتَسْلِيمَةٍ أَيِ التَّسْلِيمَةِ الَّتِي فِي التَّشَهُّدِ وَلَا يَخْفَى بَعْدَ هَذَا التَّأْوِيلِ وَالله أعلم وَأما حَدِيث بن عَبَّاسٍ فَقَدْ تَقَدَّمَ فِي عِدَّةِ مَوَاضِعَ فِي الْعِلْمِ وَالطَّهَارَةِ وَالْمَسَاجِدِ وَالْإِمَامَةِ وَأَحَلْتُ بِشَرْحِهِ عَلَى مَا هُنَا وَقد رَوَاهُ عَن بن عَبَّاسٍ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ كُرَيْبٌ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَعَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ وَعَطَاءٌ وَطَاوُسٌ وَالشَّعْبِيُّ وَطَلْحَةُ بْنُ نَافِعٍ وَيَحْيَى بْنُ الْجَزَّارِ وَأَبُو جَمْرَةَ وَغَيْرُهُمْ مُطَوَّلًا وَمُخْتَصَرًا وَسَأَذْكُرُ مَا فِي طُرُقِهِ مِنَ الْفَوَائِدِ نَاسِبًا كُلَّ رِوَايَةٍ إِلَى مُخْرِجِهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
[992] قَوْلُهُ أَنَّهُ بَاتَ عِنْدَ مَيْمُونَةَ زَادَ شَرِيكُ بْنُ أَبِي نَمِرٍ عَنْ كُرَيْبٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ فَرَقَبْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَيْفَ يُصَلِّي زَادَ أَبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بِاللَّيْلِ وَلِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَطاء عَن بن عَبَّاسٍ قَالَ بَعَثَنِي الْعَبَّاسُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَادَ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ كُرَيْبٍ فِي إِبِلٍ أَعْطَاهُ إِيَّاهَا مِنَ الصَّدَقَةِ وَلِأَبِي عَوَانَةَ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ الْعَبَّاسَ بَعَثَهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَاجَة قَالَ فَوَجَدْتُهُ جَالِسًا فِي الْمَسْجِدِ فَلَمْ أَسْتَطِعْ أَنْ أُكَلِّمَهُ فَلَمَّا صَلَّى الْمَغْرِبَ قَامَ فَرَكَعَ حَتَّى أُذِنَ بِصَلَاةِ الْعِشَاءِ وَلِابْنِ خُزَيْمَةَ مِنْ طَرِيقِ طَلْحَةَ بْنِ نَافِعٍ عَنْهُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَدَ الْعَبَّاسَ ذَوْدًا مِنَ الْإِبِلِ فَبَعَثَنِي إِلَيْهِ بَعْدَ الْعِشَاءِ وَكَانَ فِي بَيْتِ مَيْمُونَةَ وَهَذَا يُخَالِفُ مَا قَبْلَهُ وَيُجْمَعُ بِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يُكَلِّمْهُ فِي الْمَسْجِدِ أَعَادَهُ إِلَيْهِ بَعْدَ الْعِشَاءِ إِلَى بَيْتِ مَيْمُونَةَ وَلِمُحَمَّدِ بْنِ نَصْرٍ فِي كِتَابِ قِيَامِ اللَّيْلِ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ نُوَيْفِعٍ عَنْ كُرَيْبٍ من الزِّيَادَةِ فَقَالَ لِي يَا بُنَيَّ بِتِ اللَّيْلَةِ عِنْدَنَا وَفِي رِوَايَةِ حَبِيبٍ الْمَذْكُورَةِ فَقُلْتُ لَا أَنَامُ حَتَّى أَنْظُرَ مَا يَصْنَعُ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ الضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ مَخْرَمَةَ فَقُلْتُ لِمَيْمُونَةَ إِذَا قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأيقظني وَكَانَ عَزَمَ فِي نَفْسِهِ عَلَى السَّهَرِ لِيَطَّلِعَ عَلَى الْكَيْفِيَّةِ الَّتِي أَرَادَهَا ثُمَّ خَشِيَ أَنْ يغلبه النَّوْمُ فَوَصَّى مَيْمُونَةَ أَنْ تُوقِظَهُ قَوْلُهُ فِي عُرْضِ وِسَادَةٍ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ الْمَذْكُورَةِ وِسَادَةٌ مِنْ أُدْمٍ حَشْوُهَا لِيفٌ وَفِي رِوَايَةِ طَلْحَةَ بْنِ نَافِعٍ الْمَذْكُورَةِ ثُمَّ دَخَلَ مَعَ امْرَأَتِهِ فِي فِرَاشِهَا وَزَادَ أَنَّهَا كَانَتْ لَيْلَتَئِذٍ حَائِضًا وَفِي رِوَايَةِ شَرِيكِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ عَنْ كُرَيْبٍ فِي التَّفْسِيرِ فَتَحَدَّثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ أَهْلِهِ سَاعَةً وَقَدْ سَبَقَتِ الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ فِي كِتَابِ الْعِلْمِ وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى الِاضْطِجَاعِ وَالْعَرَضِ وَمَسْحِ النَّوْمِ وَالْعَشْرِ الْآيَاتِ فِي بَابِ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ بَعْدَ الْحَدَثِ وَكَذَا عَلَى الشَّنِّ قَوْلُهُ حَتَّى انْتَصَفَ اللَّيْلُ أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ جَزَمَ