عَلَى ظَاهِرِ ذَلِكَ السِّيَاقِ فَقَالَ إِنَّ الضَّمِيرَ يَعُودُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمَعْنَى وَلَوْلَا مَنْزِلَتِي مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا شَهِدْتُ مَعَهُ الْعِيدَ وَهُوَ مُتَّجَهٌ لَكِنْ هَذَا السِّيَاقُ يُخَالِفُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الصِّغَرَ فِي مِثْلِ هَذَا يَكُونُ مَانِعًا لَا مُقْتَضِيًا فَلَعَلَّ فِيهِ تَقْدِيمًا وَتَأْخِيرًا وَيَكُونُ قَوْلُهُ مِنَ الصِّغَرِ مُتَعَلِّقًا بِمَا بَعْدَهُ فَيَكُونُ الْمَعْنَى لَوْلَا مَنْزِلَتِي مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا حَضَرْتُ لِأَجْلِ صِغَرِي وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى ظَاهِرِهِ وَأَرَادَ بِشُهُودِ مَا وَقَعَ مِنْ وَعْظِهِ لِلنِّسَاءِ لِأَنَّ الصِّغَرَ يَقْتَضِي أَنْ يُغْتَفَرَ لَهُ الْحُضُورُ مَعَهُنَّ بِخِلَافِ الْكبر قَالَ بن بَطَّالٍ خُرُوجُ الصِّبْيَانِ لِلْمُصَلَّى إِنَّمَا هُوَ إِذَا كَانَ الصَّبِيُّ مِمَّنْ يَضْبِطُ نَفْسَهُ عَنِ اللَّعِبِ وَيَعْقِلُ الصَّلَاةَ وَيَتَحَفَّظُ مِمَّا يُفْسِدُهَا أَلَا تَرَى إِلَى ضبط بن عَبَّاسٍ الْقِصَّةَ اه وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ مَشْرُوعِيَّةَ إِخْرَاجِ الصِّبْيَانِ إِلَى الْمُصَلَّى إِنَّمَا هُوَ لِلتَّبَرُّكِ وَإِظْهَارِ شِعَارِ الْإِسْلَامِ بِكَثْرَةِ مَنْ يَحْضُرُ مِنْهُمْ وَلِذَلِكَ شُرِعَ لِلْحُيَّضِ كَمَا سَيَأْتِي فَهُوَ شَامِلٌ لِمَنْ تَقَعُ مِنْهُمُ الصَّلَاةُ أَوْ لَا وَعَلَى هَذَا إِنَّمَا يُحْتَاجُ أَنْ يَكُونَ مَعَ الصِّبْيَانِ مَنْ يَضْبِطُهُمْ عَمَّا ذُكِرَ مِنَ اللَّعِبِ وَنَحْوِهِ سَوَاء صلوا أم لَا وَأما ضبط بن عَبَّاسٍ الْقِصَّةَ فَلَعَلَّهُ كَانَ لِفَرْطِ ذَكَائِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

[977] قَوْلُهُ حَتَّى أَتَى الْعَلَمَ كَذَا وَقَعَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ ذِكْرُ الْغَايَةِ بِغَيْرِ ابْتِدَاءٍ وَالْمَعْنَى خَرَجَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ شَهِدْتُ الْخُرُوجَ مَعَهُ حَتَّى أَتَى وَكَأَنَّهُ حُذِفَ لِدَلَالَةِ السِّيَاقِ عَلَيْهِ قَوْلُهُ ثُمَّ أَتَى النِّسَاءَ يُشْعِرُ بِأَنَّ النِّسَاءَ كُنَّ عَلَى حِدَةٍ مِنَ الرِّجَالِ غَيْرَ مُخْتَلِطَاتٍ بِهِمْ قَوْلُهُ وَمَعَهُ بِلَالٌ فِيهِ أَنَّ الْأَدَبَ فِي مُخَاطَبَةِ النِّسَاءِ فِي الْمَوْعِظَةِ أَوِ الْحِكَمِ أَنْ لَا يَحْضُرَ مِنَ الرِّجَالِ إِلَّا مَنْ تَدْعُو الْحَاجَةُ إِلَيْهِ مِنْ شَاهِدٍ وَنَحْوِهِ لِأَنَّ بِلَالًا كَانَ خَادِمَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمُتَوَلِّيَ قبض الصَّدَقَة وَأما بن عَبَّاسٍ فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ ذَلِكَ اغْتُفِرَ لَهُ بِسَبَبِ صِغَرِهِ قَوْلُهُ يُهْوِينَ بِضَمِّ أَوَّلِهِ أَيْ يُلْقِينَ وَقَوْلُهُ يَقْذِفْنَهُ أَيْ يُلْقِينَ الَّذِي يُهْوِينَ بِهِ وَقَدْ فَسَّرَهُ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ من طَرِيق أُخْرَى من حَدِيث بن عَبَّاسٍ أَيْضًا وَسِيَاقُهُ أَتَمُّ تَنْبِيهٌ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي عَلِيٍّ الْكَشَانِيِّ عَقِبَ هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الْعَلَمُ انْتَهَى وَقَدْ وصل الْمُؤلف طَرِيق بن كَثِيرٍ هَذَا فِي كِتَابِ الِاعْتِصَامِ فَقَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ فَذَكَرَهُ وَلَمَّا أخرج الْبَيْهَقِيّ طَرِيق بن كَثِيرٍ هَذَا فِي الْعِيدَيْنِ قَالَ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فَقَالَ وَقَالَ بن كَثِيرٍ فَكَأَنَّهُ أَشَارَ إِلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَلَمْ يستحضر الطَّرِيق الَّتِي فِي الِاعْتِصَام

طور بواسطة نورين ميديا © 2015