رِوَايَتِهِ لَهُ عَنْ مُسْلِمٍ الْبَطِينِ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ عِنْدَ أَبِي عَوَانَةَ أَيْضًا وَرَوَاهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَيْضًا الْقَاسِمُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ عِنْدَ الدَّارِمِيِّ وَأَبُو عَوَانَةَ وَأَبُو جَرِيرٍ السِّخْتِيَانِيُّ عِنْدَ أَبِي عَوَانَةَ وَعَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ عِنْدَ الْبَيْهَقِيِّ وَسَنَذْكُرُ مَا فِي رِوَايَاتِهِمْ مِنَ الْفَوَائِدِ وَالزَّوَائِدِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى قَوْلُهُ مَا الْعَمَلُ فِي أَيَّامٍ أَفْضَلَ مِنْهَا فِي هَذِهِ كَذَا لِأَكْثَرِ الرُّوَاةِ بِالْإِبْهَامِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ عَنِ الْكُشْمِيهَنِيِّ مَا الْعَمَلُ فِي أَيَّامِ الْعَشْرِ أَفْضَلَ مِنَ الْعَمَلِ فِي هَذِهِ وَهَذَا يَقْتَضِي نَفْيَ أَفْضَلِيَّةِ الْعَمَلِ فِي أَيَّامِ الْعَشْرِ عَلَى الْعَمَلِ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ إِنْ فُسِّرَتْ بِأَنَّهَا أَيَّامُ التَّشْرِيقِ وَعَلَى ذَلِكَ جَرَى بَعْضُ شُرَّاحِ الْبُخَارِيِّ وَحَمَلَهُ عَلَى ذَلِكَ تَرْجَمَةُ الْبُخَارِيِّ الْمَذْكُورَةُ فَزَعَمَ أَنَّ الْبُخَارِيَّ فَسَّرَ الْأَيَّامَ الْمُبْهَمَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِأَنَّهَا أَيَّامُ التَّشْرِيقِ وَفَسَّرَ الْعَمَلَ بِالتَّكْبِيرِ لِكَوْنِهِ أَوْرَدَ الْآثَارَ الْمَذْكُورَةَ الْمُتَعَلّقَة بِالتَّكْبِيرِ فَقَط وَقَالَ بن أَبِي جَمْرَةَ الْحَدِيثُ دَالٌّ عَلَى أَنَّ الْعَمَلَ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَفْضَلُ مِنَ الْعَمَلِ فِي غَيْرِهِ قَالَ وَلَا يُعَكِّرُ عَلَى ذَلِكَ كَوْنُهَا أَيَّامَ عِيدٍ كَمَا تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ وَلَا مَا صَحَّ مِنْ قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَنَّهَا أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ كَمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَمْنَعُ الْعَمَلَ فِيهَا بَلْ قَدْ شَرَعَ فِيهَا أَعْلَى الْعِبَادَاتِ وَهُوَ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى وَلَمْ يُمْنَعْ فِيهَا مِنْهَا إِلَّا الصِّيَامُ قَالَ وَسِرُّ كَوْنِ الْعِبَادَةِ فِيهَا أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهَا أَنَّ الْعِبَادَةَ فِي أَوْقَاتِ الْغَفْلَةِ فَاضِلَةٌ عَلَى غَيْرِهَا وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ غَفْلَةٍ فِي الْغَالِبِ فَصَارَ لِلْعَابِدِ فِيهَا مَزِيدُ فَضْلٍ عَلَى الْعَابِدِ فِي غَيْرِهَا كَمَنْ قَامَ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ وَأَكْثَرُ النَّاسِ نِيَامٌ وَفِي أَفْضَلِيَّةِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ نُكْتَةٌ أُخْرَى وَهِيَ أَنَّهَا وَقَعَتْ فِيهَا مِحْنَةُ الْخَلِيلِ بِوَلَدِهِ ثُمَّ مُنَّ عَلَيْهِ بِالْفِدَاءِ فَثَبَتَ لَهَا الْفَضْلُ بِذَلِكَ اه وَهُوَ تَوْجِيهٌ حَسَنٌ إِلَّا أَنَّ الْمَنْقُولَ يُعَارِضُهُ وَالسِّيَاقُ الَّذِي وَقَعَ فِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ شَاذٌّ مُخَالِفٌ لِمَا رَوَاهُ أَبُو ذَرٍّ وَهُوَ مِنَ الْحُفَّاظِ عَنِ الْكُشْمِيهَنِيِّ شَيْخِ كَرِيمَةَ بِلَفْظِ مَا الْعَمَلُ فِي أَيَّامٍ أَفْضَلَ مِنْهَا فِي هَذَا الْعَشْرِ وَكَذَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ عَنْ غُنْدَرٍ عَنْ شُعْبَةَ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ شُعْبَةَ فَقَالَ فِي أَيَّامٍ أَفْضَلَ مِنْهُ فِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ وَكَذَا رَوَاهُ الدَّارِمِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الرَّبِيعِ عَنْ شُعْبَةَ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ وَكِيعٍ الْمُقَدَّمِ ذِكْرُهَا مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ يَعْنِي أَيَّام الْعشْر وَكَذَا رَوَاهُ بن مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ أَبِي مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيّ من رِوَايَةِ أَبِي مُعَاوِيَةَ فَقَالَ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ بِدُونِ يَعْنِي وَقَدْ ظَنَّ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّ قَوْلَهُ يَعْنِي أَيَّامَ الْعَشْرِ تَفْسِيرٌ مِنْ بَعْضِ رُوَاتِهِ لَكِنْ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ رِوَايَةِ الطَّيَالِسِيِّ وَغَيْرِهِ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ مِنْ نَفْسِ الْخَبَرِ وَكَذَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْقَاسِمِ بْنِ أَبِي أَيُّوبَ بِلَفْظِ مَا مِنْ عَمَلٍ أَزْكَى عِنْدَ اللَّهِ وَلَا أَعْظَمَ أَجْرًا مِنْ خَيْرٍ يَعْمَلُهُ فِي عَشْرِ الْأَضْحَى وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ فِي صحيحى أبي عوَانَة وبن حِبَّانَ مَا مِنْ أَيَّامٍ أَفْضَلَ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ أَيَّامِ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ فَظَهَرَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَيَّامِ فِي حَدِيثِ الْبَابِ أَيَّامُ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ لَكِنَّهُ مُشْكِلٌ عَلَى تَرْجَمَةِ الْبُخَارِيِّ بِأَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَيُجَابُ بِأَجْوِبَةٍ أَحَدُهَا أَنَّ الشَّيْءَ يشرف بمجاورته للشئ الشَّرِيفِ وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ تَقَعُ تِلْوَ أَيَّامِ الْعَشْرِ وَقَدْ ثَبَتَتِ الْفَضِيلَةُ لِأَيَّامِ الْعَشْرِ بِهَذَا الْحَدِيثِ فَثَبَتَتْ بِذَلِكَ الْفَضِيلَةُ لِأَيَّامِ التَّشْرِيقِ ثَانِيهَا أَنَّ عَشْرَ ذِي الْحِجَّةِ إِنَّمَا شُرِّفَ لِوُقُوعِ أَعْمَالِ الْحَجِّ فِيهِ وَبَقِيَّةُ أَعْمَالِ الْحَجِّ تَقَعُ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ كَالرَّمْيِ وَالطَّوَافِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ تَتِمَّاتِهِ فَصَارَتْ مُشْتَرِكَةً مَعَهَا فِي أَصْلِ الْفَضْلِ وَلِذَلِكَ اشْتَرَكَتْ مَعَهَا فِي مَشْرُوعِيَّةِ التَّكْبِيرِ فِي كُلٍّ مِنْهَا وَبِهَذَا تَظْهَرُ مُنَاسَبَةُ إِيرَادِ الْآثَارِ الْمَذْكُورَة فِي صدر التَّرْجَمَة لحَدِيث بن عَبَّاسٍ كَمَا تَقَدَّمَتِ الْإِشَارَةُ إِلَيْهَا ثَالِثُهَا أَنَّ بَعْضَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ هُوَ بَعْضُ أَيَّامِ الْعَشْرِ وَهُوَ يَوْمُ الْعِيدِ وَكَمَا أَنَّهُ خَاتِمَةُ أَيَّامِ الْعَشْرِ فَهُوَ مُفْتَتَحُ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَمَهْمَا ثَبَتَ لِأَيَّامِ الْعَشْرِ مِنَ الْفَضْلِ شَارَكَتْهَا فِيهِ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ لِأَنَّ يَوْمَ الْعِيدِ بَعْضُ كُلٍّ مِنْهَا بَلْ هُوَ رَأْسُ كُلٍّ مِنْهَا وَشَرِيفُهُ وَعَظِيمُهُ وَهُوَ يَوْمُ الْحَجِّ