نَزَلَ فَصَلَّى عَلَى الْأَرْضِ قَالَ الشَّافِعِيُّ إِلَّا أَن يَنْقَطِع عَن أَصْحَابِهِ فَيَخَافُ عَوْدَ الْمَطْلُوبِ عَلَيْهِ فَيُجْزِئُهُ ذَلِكَ وَعُرِفَ بِهَذَا أَنَّ الطَّالِبَ فِيهِ التَّفْصِيلُ بِخِلَافِ الْمَطْلُوبِ وَوَجْهُ الْفَرْقِ أَنَّ شِدَّةَ الْخَوْفِ فِي الْمَطْلُوبِ ظَاهِرَةٌ لِتَحَقُّقِ السَّبَبِ الْمُقْتَضِي لَهَا وَأَمَّا الطَّالِبُ فَلَا يَخَافُ اسْتِيلَاءَ الْعَدُوِّ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا يخَاف أَن يفوتهُ الْعَدو وَمَا نَقله بن الْمُنْذِرِ مُتَعَقَّبٌ بِكَلَامِ الْأَوْزَاعِيِّ فَإِنَّهُ قَيَّدَهُ بِخَوْفِ الْفَوْتِ وَلَمْ يَسْتَثْنِ طَالِبًا مِنْ مَطْلُوبٍ وَبِهِ قَالَ بن حَبِيبٍ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَذَكَرَ أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ فِي كِتَابِ السِّيَرِ لَهُ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ قَالَ إِذَا خَافَ الطَّالِبُونَ إِنْ نَزَلُوا بِالْأَرْضِ فَوْتَ الْعَدُوِّ صَلَّوْا حَيْثُ وَجَّهُوا عَلَى كُلِّ حَالٍ لِأَنَّ الْحَدِيثَ جَاءَ إِنَّ النَّصْرَ لَا يُرْفَعُ مَا دَامَ الطَّلَبُ قَوْلُهُ وَقَالَ الْوَلِيدُ كَذَا ذكره فِي كتاب السّير وَرَوَاهُ الطَّبَرِيّ وبن عَبْدِ الْبَرِّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ قَالَ قَالَ شُرَحْبِيلُ بْنُ السِّمْطِ لِأَصْحَابِهِ لَا تُصَلُّوا الصُّبْحَ إِلَّا عَلَى ظَهْرٍ فَنَزَلَ الْأَشْتَرُ يَعْنِي النَّخَعِيَّ فَصَلَّى عَلَى الْأَرْضِ فَقَالَ شُرَحْبِيلُ مُخَالف خَالف الله بِهِ وَأخرجه بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ قَالَ كَانَ ثَابِتُ بْنُ السِّمْطِ فِي خَوْفٍ فَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَصَلَّوْا رُكْبَانًا فَنَزَلَ الْأَشْتَرُ يَعْنِي النَّخَعِيَّ فَقَالَ مُخَالِفٌ خُولِفَ بِهِ فَلَعَلَّ ثَابِتًا كَانَ مَعَ أَخِيهِ شُرَحْبِيلَ فِي ذَلِكَ الْوَجْهِ وَشُرَحْبِيلُ الْمَذْكُورُ بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ مَكْسُورَةٌ ثُمَّ يَاءٌ تَحْتَانِيَّةٌ سَاكِنَةٌ كِنْدِيٌّ هُوَ الَّذِي افْتَتَحَ حِمْصَ ثُمَّ وَلِيَ إِمْرَتَهَا وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي صُحْبَتِهِ وَلَيْسَ لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ غَيْرُ هَذَا الْمَوْضِعِ قَوْلُهُ إِذَا تَخَوَّفَ الْفَوْتَ زَادَ الْمُسْتَمْلِي فِي الْوَقْتِ قَوْلُهُ وَاحْتَجَّ الْوَلِيدُ مَعْنَاهُ أَنَّ الْوَلِيدَ قَوَّى مَذْهَبَ الْأَوْزَاعِيِّ فِي مَسْأَلَةِ الطَّالِبِ بِهَذِهِ الْقِصَّة قَالَ بن بَطَّالٍ لَوْ وَجَدَ فِي بَعْضِ طُرُقِ الْحَدِيثِ أَنَّ الَّذِينَ صَلَّوْا فِي الطَّرِيقِ صَلَّوْا رُكْبَانًا لَكَانَ بَيِّنًا فِي الِاسْتِدْلَالِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ فَذِكْرُ مَا حَاصِلُهُ أَنَّ وَجْهَ الِاسْتِدْلَالِ يَكُونُ بِالْقِيَاسِ فَكَمَا سَاغَ لِأُولَئِكَ أَنْ يُؤَخِّرُوا الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا الْمُفْتَرَضِ كَذَلِكَ يَسُوغُ لِلطَّالِبِ تَرْكُ إِتْمَامِ الْأَرْكَانِ وَالِانْتِقَالُ إِلَى الْإِيمَاءِ قَالَ بن الْمُنِيرِ وَالْأَبْيَنُ عِنْدِي أَنَّ وَجْهَ الِاسْتِدْلَالِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الِاسْتِعْجَالَ الْمَأْمُورَ بِهِ يَقْتَضِي تَرْكَ الصَّلَاةِ أَصْلًا كَمَا جَرَى لِبَعْضِهِمْ أَوِ الصَّلَاةُ عَلَى الدَّوَابِّ كَمَا وَقَعَ لِلْآخَرِينَ لِأَنَّ النُّزُولَ يُنَافِي مَقْصُودَ الْجَدِّ فِي الْوُصُولِ فَالْأَوَّلُونَ بَنَوْا عَلَى أَنَّ النُّزُولَ مَعْصِيَةٌ لِمُعَارَضَتِهِ لِلْأَمْرِ الْخَاصِّ بِالْإِسْرَاعِ وَكَأَنَّ تَأْخِيرَهُمْ لَهَا لِوُجُودِ الْمُعَارِضِ وَالْآخَرُونَ جَمَعُوا بَيْنَ دَلِيلَيْ وُجُوبِ الْإِسْرَاعِ وَوُجُوبِ الصَّلَاةِ فِي وَقْتِهَا فَصَلَّوْا رُكْبَانًا فَلَوْ فَرَضْنَا أَنَّهُمْ نَزَلُوا لَكَانَ ذَلِكَ مُضَادًّا لِلْأَمْرِ بِالْإِسْرَاعِ وَهُوَ لَا يُظَنُّ بِهِمْ لِمَا فِيهِ مِنَ الْمُخَالَفَةِ انْتهى وَهَذَا الَّذِي حاوله بن الْمُنِير قد أَشَارَ إِلَيْهِ بن بَطَّالٍ بِقَوْلِهِ لَوْ وُجِدَ فِي بَعْضِ طُرُقِ الْحَدِيثِ إِلَخْ فَلَمْ يَسْتَحْسِنِ الْجَزْمَ فِي النَّقْلِ بِالِاحْتِمَالِ وَأَمَّا قَوْلُهُ لَا يُظَنُّ بِهِمُ الْمُخَالَفَةُ فَمُعْتَرَضٌ بِمِثْلِهِ بِأَنْ يُقَالَ لَا يُظَنُّ بِهِمُ الْمُخَالَفَةُ بِتَغْيِيرِ هَيْئَةِ الصَّلَاةِ بِغَيْرِ تَوْقِيفٍ وَالْأَوْلَى فِي هَذَا مَا قَالَه بن الْمُرَابِطِ وَوَافَقَهُ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ أَنَّ وَجْهَ الِاسْتِدْلَالِ مِنْهُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَوِيَّةِ لِأَنَّ الَّذِينَ أَخَّرُوا الصَّلَاةَ حَتَّى وَصَلُوا إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ لَمْ يُعَنَّفُوا مَعَ كَوْنِهِمْ فَوَّتُوا الْوَقْتَ فَصَلَاةُ مَنْ لَا يُفَوِّتُ الْوَقْتَ بِالْإِيمَاءِ أَوْ كَيْفَ مَا يُمْكِنُ أَوْلَى مِنْ تَأْخِيرِ الصَّلَاةِ حَتَّى يَخْرُجَ وَقْتُهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ
[946] قَوْلُهُ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ هُوَ بِالْجِيمِ تَصْغِيرُ جَارِيَةٍ وَهُوَ عَمُّ عَبْدِ اللَّهِ الرَّاوِي عَنْهُ قَوْلُهُ لَا يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ الْعَصْرَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الظُّهْرَ وَسَيَأْتِي بَيَانُ الصَّوَابِ مِنْ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْمَغَازِي مَعَ بَقِيَّةُ الْكَلَامِ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَائِدَةٌ أَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ فِي صَلَاةِ الطَّالِبِ حَدِيثَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ إِذْ بَعَثَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى سُفْيَانَ الْهُذَلِيِّ قَالَ فَرَأَيْتُهُ وَحَضَرَتِ الْعَصْرُ فَخَشِيتُ فَوْتُهَا فَانْطَلَقْتُ أَمْشِي وَأَنا أصلى أومىء إِيمَاء وَإِسْنَاده حسن