فَانْفَضَّ النَّاسُ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِلَفْظِ الْقُرْآنِ وَدَالٌّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالِالْتِفَاتِ الِانْصِرَافُ وَفِيهِ رَدٌّ على من حمل الِالْتِفَات علىظاهره فَقَالَ لَا يُفْهَمُ مِنْ هَذَا الِانْصِرَافُ عَنِ الصَّلَاةِ وَقَطْعِهَا وَإِنَّمَا يُفْهَمُ مِنْهُ الْتِفَاتُهُمْ بِوُجُوهِهِمْ أَوْ بِقُلُوبِهِمْ وَأَمَّا هَيْئَةُ الصَّلَاةِ الْمُجْزِئَةُ فَبَاقِيَةٌ ثُمَّ هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الِانْفِضَاضَ وَقَعَ فِي الصَّلَاةِ وَقَدْ تَرَجَّحَ فِيمَا مَضَى أَنَّهُ إِنَّمَا كَانَ فِي الْخُطْبَةِ فَلَوْ كَانَ كَمَا قِيلَ لَمَا وَقَعَ هَذَا الْإِنْكَارُ الشَّدِيدُ فَإِنَّ الِالْتِفَاتَ فِيهَا لَا يُنَافِي الِاسْتِمَاعَ وَقَدْ غَفَلَ قَائِلُهُ عَنْ بَقِيَّةِ أَلْفَاظِ الْخَبَرِ وَفِي قَوْلِهِ فَالْتَفَتُوا الْحَدِيثَ الْتِفَاتٌ لِأَنَّ السِّيَاقَ يَقْتَضِي أَنْ يَقُولَ فَالْتَفَتْنَا وَكَأَنَّ الْحِكْمَةَ فِي عُدُولِ جَابِرٍ عَنْ ذَلِكَ أَنَّهُ هُوَ لَمْ يَكُنْ مِمَّنِ الْتَفَتَ كَمَا سَيَأْتِي قَوْلُهُ إِلَّا اثْنَيْ عَشَرَ قَالَ الْكِرْمَانِيُّ لَيْسَ هَذَا الِاسْتِثْنَاءُ مُفَرَّغًا فَيَجِبُ رَفْعُهُ بَلْ هُوَ مِنْ ضَمِيرِ بَقِيَ الَّذِي يَعُودُ إِلَى الْمُصَلِّي فَيَجُوزُ فِيهِ الرَّفْعُ وَالنَّصْبُ قَالَ وَقَدْ ثَبَتَ الرَّفْعُ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ أه وَوَقع فِي تَفْسِير الطَّبَرِيّ وبن أَبِي حَاتِمٍ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ إِلَى أَبِي قَتَادَةَ قَالَ قَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمْ أَنْتُمْ فَعَدُّوا أَنْفُسَهُمْ فَإِذَا هُمْ اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا وَامْرَأَةً وَفِي تَفْسِيرِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ الشَّامِيِّ وَامْرَأَتَانِ وَلِابْنِ مرْدَوَيْه من حَدِيث بن عَبَّاسٍ وَسَبْعُ نِسْوَةٍ لَكِنَّ إِسْنَادَهُ ضَعِيفٌ وَاتَّفَقَتْ هَذِهِ الرِّوَايَاتُ كُلُّهَا عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا إِلَّا مَا رَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ عَنْ حُصَيْنٍ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ فَقَالَ إِلَّا أَرْبَعِينَ رَجُلًا أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَقَالَ تَفَرَّدَ بِهِ عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ وَهُوَ ضَعِيفُ الْحِفْظِ وَخَالَفَهُ أَصْحَابُ حُصَيْنٍ كُلُّهُمْ وَأَمَّا تَسْمِيَتُهُمْ فَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ خَالِدٍ الطَّحَّانِ عِنْدَ مُسْلِمٍ أَنَّ جَابِرًا قَالَ أَنَا فِيهِمْ وَلَهُ فِي رِوَايَةِ هُشَيْمٍ فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَفِي التِّرْمِذِيِّ أَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ فِي رِوَايَةِ حُصَيْنٍ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ دُونَ سَالِمٍ وَلَهُ شَاهِدٌ عِنْدَ عَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ عَنِ الْحَسَنِ مُرْسَلًا وَرِجَالُ إِسْنَادِهِ ثِقَاتٌ وَفِي تَفْسِيرِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ الشَّامِيِّ أَنَّ سَالِمًا مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ مِنْهُمْ وَرَوَى الْعُقَيْلِيُّ عَن بن عَبَّاس أَن مِنْهُم الْخُلَفَاء الْأَرْبَعَة وبن مَسْعُودٍ وَأُنَاسًا مِنْ الْأَنْصَارِ وَحَكَى السُّهَيْلِيُّ أَنَّ أَسَدَ بْنَ عَمْرٍو رَوَى بِسَنَدٍ مُنْقَطِعٍ أَنَّ الاثْنَي عشر هم الْعشْرَة المبشرة وبلال وبن مَسْعُود قَالَ وَفِي رِوَايَة عمار بدل بن مَسْعُودٍ اه وَرِوَايَةُ الْعُقَيْلِيِّ أَقْوَى وَأَشْبَهُ بِالصَّوَابِ ثُمَّ وَجَدْتُ رِوَايَةَ أَسَدِ بْنِ عَمْرٍو عِنْدَ الْعُقَيْلِيِّ بِسَنَدٍ مُتَّصِلٍ لَا كَمَا قَالَ السُّهَيْلِيُّ إنَّهُ مُنْقَطِعٌ أَخْرَجَهُ مِنْ رِوَايَةِ أَسَدٍ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ سَالِمٍ قَوْلُهُ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهَا نَزَلَتْ بِسَبَبِ قُدُومِ الْعِيرِ الْمَذْكُورَةِ وَالْمُرَادُ بِاللَّهْوِ عَلَى هَذَا مَا يَنْشَأُ مِنْ رُؤْيَةِ الْقَادِمِينَ وَمَا مَعَهُمْ وَوَقَعَ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ مِنْ طَرِيقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ مُرْسَلًا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَكَانَتْ لَهُمْ سُوقٌ كَانَتْ بَنُو سَلِيمٍ يَجْلِبُونَ إِلَيْهَا الْخَيْلَ وَالْإِبِلَ وَالسَّمْنَ فَقَدِمُوا فَخَرَجَ إِلَيْهِمُ النَّاسُ وَتَرَكُوهُ وَكَانَ لَهُمْ لَهْوٌ يَضْرِبُونَهُ فَنَزَلَتْ وَوَصَلَهُ أَبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ وَالطَّبَرِيُّ بِذِكْرِ جَابِرٍ فِيهِ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا نَكَحُوا تَضْرِبُ الْجَوَارِي بِالْمَزَامِيرِ فَيَشْتَدُّ النَّاسُ إِلَيْهِمْ وَيَدَعُونَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمًا فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ وَفِي مُرْسَلِ مُجَاهِدٍ عَنْ عَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ كَانَ رِجَالٌ يَقُومُونَ إِلَى نَوَاضِحِهِمْ وَإِلَى السَّفَرِ يَقْدَمُونَ يَبْتَغُونَ التِّجَارَةَ وَاللَّهْوَ فَنَزَلَتْ وَلَا بُعْدَ فِي أَنْ تَنْزِلَ فِي الْأَمْرَيْنِ مَعًا وَأَكْثَرَ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ مُسْتَوْفًى مَعَ تَفْسِيرِ الْآيَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي كِتَابِ التَّفْسِيرِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى والنكتة فِي قَوْله انْفَضُّوا إِلَيْهَا دُونَ قَوْلِهِ إِلَيْهِمَا أَوْ إِلَيْهِ أَنَّ اللَّهْوَ لَمْ يَكُنْ مَقْصُودًا لِذَاتِهِ وَإِنَّمَا كَانَ تَبَعًا لِلتِّجَارَةِ أَوْ حُذِفَ لِدَلَالَةِ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ وَقَالَ الزَّجَّاجُ أُعِيدَ الضَّمِيرُ إِلَى الْمَعْنَى أَيِ انْفَضُّوا إِلَى الرُّؤْيَةِ أَيْ لِيَرَوْا مَا سَمِعُوهُ فَائِدَةٌ ذَكَرَ الْحُمَيْدِيُّ فِي الْجَمْعِ أَنَّ أَبَا مَسْعُودٍ الدِّمَشْقِيَّ ذَكَرَ فِي آخِرِ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال لَوْ تَتَابَعْتُمْ حَتَّى لَمْ يَبْقَ مِنْكُمُ أَحَدٌ لَسَالَ بِكُمُ الْوَادِي نَارًا قَالَ وَهَذَا لَمْ أَجِدْهُ فِي الْكِتَابَيْنِ وَلَا فِي مُسْتَخْرَجَيِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ وَالْبَرْقَانِيِّ قَالَ وَهِيَ فَائِدَةٌ مِنْ أَبِي مَسْعُودٍ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015