جَعَلَ حُكْمَ السَّعْيِ إِلَى الْجُمُعَةِ حُكْمَ الْجِهَادِ وَلَيْسَ الْعَدْوُ مِنْ مَطَالِبِ الْجِهَادِ فَكَذَلِكَ الْجُمُعَةُ انْتَهَى وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي أَوَاخِرِ أَبْوَابِ الْأَذَانِ وَقَدْ سَبَقَ فِي أول هَذَا الْبَاب تَوْجِيه إِيرَاده هُنَا

[909] قَوْلُهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ لَا أَعْلَمُهُ إِلَّا عَنْ أَبِيهِ انْتَهَى أَبُو عَبْدِ اللَّهِ هَذَا هُوَ الْمُصَنِّفُ وَقَعَ قَوْلُهُ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي وَحْدَهُ وَكَأَنَّهُ وَقَعَ عِنْدَهُ تَوَقُّفٌ فِي وَصْلِهِ لِكَوْنِهِ كَتَبَهُ مِنْ حِفْظِهِ أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ وَهُوَ فِي الْأَصْلِ مَوْصُولٌ لَا رَيْبَ فِيهِ فَقَدْ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ عَن بن نَاجِية عَن أبي حَفْص وَهُوَ عمر بْنُ عَلِيٍّ شَيْخُ الْبُخَارِيِّ فِيهِ فَقَالَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ وَلَمْ يَشُكَّ وَأَغْرَبَ الْكِرْمَانِيُّ فَقَالَ إِنَّ هَذَا الْإِسْنَادَ مُنْقَطِعٌ وَإِنْ حَكَمَ الْبُخَارِيُّ بِكَوْنِهِ مَوْصُولًا لِأَنَّ شَيْخَهُ لَمْ يَرْوِهِ إِلَّا مُنْقَطِعًا انْتَهَى وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَاخِرِ الْأَذَانِ أَنَّ الْبُخَارِيَّ عَلَّقَ هَذِهِ الطَّرِيقَ مِنْ جِهَةِ عَلِيِّ بْنِ الْمُبَارَكِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلشَّكِّ الَّذِي هُنَا وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى الْمَتْنِ أَيْضًا وَمَوْضِعُ الْحَاجَةِ مِنْهُ هُنَا قَوْله وَعَلَيْكُم السكينَة قَالَ بن رَشِيدٍ وَالنُّكْتَةُ فِي النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ لِئَلَّا يَكُونَ مَقَامُهُمْ سَبَبًا لِإِسْرَاعِهِ فِي الدُّخُولِ إِلَى الصَّلَاةِ فَيُنَافِيَ مَقْصُودَهُ مِنْ هَيْئَةِ الْوَقَارِ قَالَ وَكَأَنَّ الْبُخَارِيَّ اسْتَشْعَرَ إِيرَادَ الْفَرْقِ بَيْنَ السَّاعِيِ إِلَى الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا بِأَنَّ السَّعْيَ إِلَى الصَّلَاةِ غَيْرِ الْجُمُعَةِ مَنْهِيٌّ لِأَجْلِ مَا يَلْحَقُ السَّاعِيَ مِنَ التَّعَبِ وَضِيقِ النَّفْسِ فَيَدْخُلُ فِي الصَّلَاةِ وَهُوَ مُنْبَهِرٌ فَيُنَافِي ذَلِكَ خُشُوعَهُ وَهَذَا بِخِلَافِ السَّاعِي إِلَى الْجُمُعَةِ فَإِنَّهُ فِي الْعَادَةِ يَحْضُرُ قَبْلَ إِقَامَةِ الصَّلَاةِ فَلَا تُقَامُ حَتَّى يَسْتَرِيحَ مِمَّا يَلْحَقُهُ مِنَ الِانْبِهَارِ وَغَيْرِهِ وَكَأَنَّهُ اسْتَشْعَرَ هَذَا الْفَرْقَ فَأَخَذَ يَسْتَدِلُّ عَلَى أَنَّ كُلَّ مَا آلَ إِلَى إِذْهَابِ الْوَقَارِ مُنِعَ مِنْهُ فَاشْتَرَكَتِ الْجُمُعَةُ مَعَ غَيْرِهَا فِي ذَلِكَ وَاللَّهُ أعلم

(قَوْلُهُ بَابُ لَا يُفَرِّقْ أَيِ الدَّاخِلُ بَيْنَ اثْنَيْنِ)

كَذَا تَرْجَمَ وَلَمْ يُثْبِتِ الْحُكْمَ وَقَدْ نقل الْكَرَاهَة عَن الْجُمْهُور بن الْمُنْذِرِ وَاخْتَارَ التَّحْرِيمَ وَبِهِ جَزَمَ النَّوَوِيُّ فِي زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ وَالْأَكْثَرُ عَلَى أَنَّهَا كَرَاهَةُ تَنْزِيهٍ وَنَقَلَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ عَنِ النَّصِّ وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ الْكَرَاهَةُ كَمَا جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ وَالْأَحَادِيثُ الْوَارِدَةُ فِي الزَّجْرِ عَنِ التَّخَطِّي مُخَرَّجَةٌ فِي الْمُسْنَدِ وَالسُّنَنِ وَفِي غَالِبِهَا ضَعْفٌ وَأَقْوَى مَا وَرَدَ فِيهِ مَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الزَّاهِرِيَّةِ قَالَ كُنَّا مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ صَاحِبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ أَنَّ رَجُلًا جَاءَ يَتَخَطَّى وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ فَقَالَ اجْلِسْ فَقَدْ آذَيْتَ وَلِأَبِي دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ رَفَعَهُ وَمَنْ تَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ كَانَتْ لَهُ ظُهْرًا وَقَيَّدَ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ الْكَرَاهَةَ بِمَا إِذَا كَانَ الْخَطِيبُ عَلَى الْمِنْبَرِ قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ التَّفْرِقَةُ بَيْنَ اثْنَيْنِ يَتَنَاوَلُ الْقُعُودَ بَيْنَهُمَا وَإِخْرَاجَ أَحَدِهِمَا وَالْقُعُودَ مَكَانَهُ وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى مُجَرَّدِ التَّخَطِّي وَفِي التَّخَطِّي زِيَادَةُ رَفْعِ رِجْلَيْهِ عَلَى رُءُوسِهِمَا أَوْ أَكْتَافِهِمَا وَرُبَّمَا تَعَلَّقَ بِثِيَابِهِمَا شَيْءٌ مِمَّا بِرِجْلَيْهِ وَقَدِ اسْتَثْنَى مِنْ كَرَاهَةِ التَّخَطِّي مَا إِذَا كَانَ فِي الصُّفُوف الأول

طور بواسطة نورين ميديا © 2015