فِي صَلَاةِ الظُّهْرِ فَسَجَدَ بِهِمْ فِيهَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالْحَاكِمُ فَبَطَلَتِ التَّفْرِقَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ عَلَّلَ الْكَرَاهَةَ بِخَشْيَةِ اعْتِقَادِ الْعَوَامِّ أَنَّهَا فَرْضٌ قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ أَمَّا الْقَوْلُ بِالْكَرَاهَةِ مُطْلَقًا فَيَأْبَاهُ الْحَدِيثُ لَكِنْ إِذَا انْتَهَى الْحَالُ إِلَى وُقُوعِ هَذِهِ الْمَفْسَدَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ تُتْرَكَ أَحْيَانًا لِتَنْدَفِعَ فَإِنَّ الْمُسْتَحَبَّ قَدْ يُتْرَكُ لِدَفْعِ الْمَفْسَدَةِ الْمُتَوَقَّعَةِ وَهُوَ يَحْصُلُ بِالتَّرْكِ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ اه وَإِلَى ذَلِك أَشَارَ بن الْعَرَبِيِّ بِقَوْلِهِ يَنْبَغِي أَنْ يُفْعَلَ ذَلِكَ فِي الْأَغْلَب للقدوة وَيُقْطَعُ أَحْيَانًا لِئَلَّا تَظُنَّهُ الْعَامَّةُ سُنَّةً اه وَهَذَا عَلَى قَاعِدَتِهِمْ فِي التَّفْرِقَةِ بَيْنَ السُّنَّةِ وَالْمُسْتَحَبِّ وَقَالَ صَاحِبُ الْمُحِيطِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ يُسْتَحَبُّ قِرَاءَةُ هَاتَيْنِ السُّورَتَيْنِ فِي صُبْحِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ بِشَرْطِ أَنْ يَقْرَأَ غَيْرَ ذَلِكَ أَحْيَانًا لِئَلَّا يَظُنَّ الْجَاهِلُ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ غَيْرُهُ وَأَمَّا صَاحِبُ الْهِدَايَةِ مِنْهُمْ فَذَكَرَ أَنَّ عِلَّةَ الْكَرَاهَةِ هِجْرَانُ الْبَاقِي وَإِيهَامُ التَّفْضِيلِ وَقَوْلُ الطَّحَاوِيِّ يُنَاسِبُ قَوْلَ صَاحِبِ الْمُحِيطِ فَإِنَّهُ خَصَّ الْكَرَاهَةَ بِمَنْ يَرَاهُ حَتْمًا لَا يُجْزِئُ غَيْرُهُ أَوْ يَرَى الْقِرَاءَةَ بِغَيْرِهِ مَكْرُوهَةً فَائِدَتَانِ الْأُولَى لَمْ أَرَ فِي شَيْءٍ مِنَ الطُّرُقِ التَّصْرِيحَ بِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَجَدَ لَمَّا قَرَأَ سُورَةَ تَنْزِيلٌ السَّجْدَةَ فِي هَذَا الْمَحَلِّ إِلَّا فِي كِتَابِ الشَّرِيعَةِ لِابْنِ أَبِي دَاوُدَ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَن بن عَبَّاسٍ قَالَ غَدَوْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ فَقَرَأَ سُورَةً فِيهَا سَجْدَةٌ فَسَجَدَ الْحَدِيثَ وَفِي إِسْنَادِهِ مَنْ يُنْظَرُ فِي حَالِهِ ولِلطَّبَرَانِيِّ فِي الصَّغِيرِ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَجَدَ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ فِي تَنْزِيلٌ السَّجْدَةَ لَكِنْ فِي إِسْنَادِهِ ضَعْفٌ الثَّانِيَةُ قِيلَ الْحِكْمَةُ فِي اخْتِصَاصِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ بِقِرَاءَةِ سُورَةِ السَّجْدَةِ قَصْدُ السُّجُودِ الزَّائِدِ حَتَّى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ هَذِهِ السُّورَةَ بِعَيْنِهَا أَنْ يَقْرَأَ سُورَةً غَيْرَهَا فِيهَا سَجْدَةٌ وَقَدْ عَابَ ذَلِكَ عَلَى فَاعِلِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَنَسَبَهُمْ صَاحِبُ الْهَدْيِ إِلَى قِلَّةِ الْعلم وَنقص الْمعرفَة لَكِن عِنْد بن أَبِي شَيْبَةَ بِإِسْنَادٍ قَوِيٍّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ أَنَّهُ قَالَ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَقْرَأَ فِي الصُّبْحِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِسُورَةٍ فِيهَا سَجْدَةٌ وَعِنْدَهُ مِنْ طَرِيقِهِ أَيْضًا أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَرَأَ سُورَةَ مَرْيَم وَمن طَرِيق بن عون قَالَ كَانُوا يقرؤون فِي الصُّبْحِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِسُورَةٍ فِيهَا سَجْدَةٌ وَعِنْدَهُ مِنْ طَرِيقِهِ أَيْضًا قَالَ وَسَأَلْتُ مُحَمَّدًا يَعْنِي بن سِيرِينَ عَنْهُ فَقَالَ لَا أَعْلَمُ بِهِ بَأْسًا اه فَهَذَا قَدْ ثَبَتَ عَنْ بَعْضِ عُلَمَاءِ الْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ فَلَا يَنْبَغِي الْقَطْعُ بِتَزْيِيفِهِ وَقَدْ ذَكَرَ النَّوَوِيُّ فِي زِيَادَاتِ الرَّوْضَةِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ وَقَالَ لَمْ أَرَ فِيهَا كَلَامًا لِأَصْحَابِنَا ثُمَّ قَالَ وَقِيَاسُ مَذْهَبِنَا أَنَّهُ يُكْرَهُ فِي الصَّلَاةِ إِذا قَصده أه وَقد أفتى بن عَبْدِ السَّلَامِ قَبْلَهُ بِالْمَنْعِ وَبِبُطْلَانِ الصَّلَاةِ بِقَصْدِ ذَلِكَ قَالَ صَاحِبُ الْمُهِمَّاتِ مُقْتَضَى كَلَامِ الْقَاضِي حُسَيْنٍ الْجَوَازُ وَقَالَ الْفَارِقِيُّ فِي فَوَائِدِ الْمُهَذَّبِ لَا تُسْتَحَبُّ قِرَاءَةُ سَجْدَةٍ غَيْرِ تَنْزِيلٌ فَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ عَنْ قِرَاءَتِهَا قَرَأَ بِمَا أَمْكَنَ مِنْهَا وَلَو بِآيَة السَّجْدَة مِنْهَا وَوَافَقَهُ بن أَبِي عَصْرُونَ فِي كِتَابِ الِانْتِصَارِ وَفِيهِ نَظَرٌ تَكْمِلَة قَالَ الزين بن الْمُنِيرِ مُنَاسَبَةُ تَرْجَمَةِ الْبَابِ لِمَا قَبْلِهَا أَنَّ ذَلِكَ مِنْ جُمْلَةِ مَا يَتَعَلَّقُ بِفَضْلِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ لِاخْتِصَاصِ صُبْحِهَا بِالْمُوَاظَبَةِ عَلَى قِرَاءَةِ هَاتَيْنِ السُّورَتَيْنِ وَقِيلَ إِنَّ الْحِكْمَةَ فِي هَاتَيْنِ السُّورَتَيْنِ الْإِشَارَةُ إِلَى مَا فِيهِمَا مِنْ ذِكْرِ خَلْقِ آدَمَ وَأَحْوَالِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ لِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ وسيقع يَوْم الْجُمُعَة ذكره بن دِحْيَةَ فِي الْعَلَمِ الْمَشْهُورِ وَقَرَّرَهُ تَقْرِيرًا حَسَنًا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015