بِمَعْنَى الْوَاوِ وَإِضَافَتُهُ إِلَى الْبَيْتِ تُؤْذِنُ بِأَنَّ السُّنَّةَ أَنْ يَتَّخِذَ الْمَرْءُ لِنَفْسِهِ طِيبًا وَيَجْعَلُ اسْتِعْمَالَهُ لَهُ عَادَةً فَيَدَّخِرُهُ فِي الْبَيْتِ كَذَا قَالَ بَعْضُهُمْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْبَيْتِ حَقِيقَتُهُ لَكِنْ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ أَوْ يَمَسُّ مِنْ طِيبِ امْرَأَتِهِ فَعَلَى هَذَا فَالْمَعْنَى إِنْ لَمْ يَتَّخِذْ لِنَفْسِهِ طِيبًا فَلْيَسْتَعْمِلْ مِنْ طِيبِ امْرَأَتِهِ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَاضِي ذِكْرُهُ عِنْدَ مُسْلِمٍ حَيْثُ قَالَ فِيهِ وَلَوْ مِنْ طِيبِ الْمَرْأَةِ وَفِيهِ أَنَّ بَيْتَ الرَّجُلِ يُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهِ امْرَأَتُهُ وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو الْمَذْكُورِ مِنَ الزِّيَادَةِ وَيَلْبَسُ مِنْ صَالِحِ ثِيَابِهِ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَ هَذَا قَوْلُهُ ثُمَّ يَخْرُجُ زَادَ فِي حَدِيث أبي أَيُّوب عِنْد بن خُزَيْمَةَ إِلَى الْمَسْجِدِ وَلِأَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ ثُمَّ يَمْشِي وَعَلَيْهِ السَّكِينَةُ قَوْلُهُ فَلَا يُفَرِّقْ بَيْنَ اثْنَيْنِ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو الْمَذْكُورِ ثُمَّ لَمْ يَتَخَطَّ رِقَابَ النَّاسِ وَفِي حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ وَلَمْ يَتَخَطَّ أَحَدًا وَلَمْ يُؤْذِهِ قَوْلُهُ ثُمَّ يُصَلِّي مَا كُتِبَ لَهُ فِي حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ ثُمَّ يَرْكَعُ مَا قُضِيَ لَهُ وَفِي حَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ فَيَرْكَعُ إِنْ بَدَا لَهُ قَوْلُهُ ثُمَّ يُنْصِتُ إِذَا تَكَلَّمَ الْإِمَامُ زَادَ فِي رِوَايَةِ قَرْثَعٍ الضَّبِّيِّ حَتَّى يَقْضِيَ صَلَاتُهُ وَنَحْوَهُ فِي حَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ قَوْلُهُ غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى فِي رِوَايَةِ قَاسِمِ بْنِ يَزِيدَ حُطَّ عَنْهُ ذُنُوبُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى وَالْمُرَادُ بِالْأُخْرَى الَّتِي مَضَتْ بَينه اللَّيْث عَن بن عجلَان فِي رِوَايَته عِنْد بن خُزَيْمَةَ وَلَفْظُهُ غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ الَّتِي قَبْلَهَا وَلِابْنِ حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى وَزِيَادَةُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنَ الَّتِي بَعْدَهَا وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ أَيْضًا فِي رِوَايَةِ سَعِيدٍ عَنْ عُمَارَةَ عَنْ سَلْمَانَ لَكِنْ لَمْ يَقُلْ مِنَ الَّتِي بَعْدَهَا وَأَصْلُهُ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيث أبي هُرَيْرَة بِاخْتِصَار وَزَاد بن مَاجَهْ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَا لَمْ يَغْشَ الْكَبَائِرَ وَنَحْوُهُ لِمُسْلِمٍ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفَوَائِدِ أَيْضًا كَرَاهَةُ التَّخَطِّي يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَالَ الشَّافِعِيُّ أَكْرَهُ التَّخَطِّيَ إِلَّا لِمَنْ لَا يَجِدُ السَّبِيلَ إِلَى الْمُصَلَّى إِلَّا بِذَلِكَ اه وَهَذَا يَدْخُلُ فِيهِ الْإِمَامُ وَمَنْ يُرِيدُ وَصْلَ الصَّفِّ الْمُنْقَطِعِ إِنْ أَبَى السَّابِقُ مِنْ ذَلِكَ وَمَنْ يُرِيدُ الرُّجُوعَ إِلَى مَوْضِعِهِ الَّذِي قَامَ مِنْهُ لِضَرُورَةٍ كَمَا تَقَدَّمَ وَاسْتَثْنَى الْمُتَوَلِّي مِنَ الشَّافِعِيَّةِ مَنْ يَكُونُ مُعَظَّمًا لِدِينِهِ أَوْ عِلْمِهِ أَوْ أَلِفَ مَكَانًا يَجْلِسُ فِيهِ أَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِي حَقِّهِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ لَا يُكْرَهُ التَّخَطِّي إِلَّا إِذَا كَانَ الْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ وَفِيهِ مَشْرُوعِيَّةُ النَّافِلَةِ قَبْلَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ لِقَوْلِهِ صَلَّى مَا كُتِبَ لَهُ ثُمَّ قَالَ ثُمَّ يُنْصِتُ إِذَا تَكَلَّمَ الْإِمَامُ فَدَلَّ عَلَى تَقَدُّمِ ذَلِكَ عَلَى الْخُطْبَةِ وَقَدْ بَيَّنَهُ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ نُبَيْشَةَ الْهُذَلِيِّ بِلَفْظِ فَإِنْ لَمْ يَجِدِ الْإِمَامَ خَرَجَ صَلَّى مَا بَدَا لَهُ وَفِيهِ جَوَازُ النَّافِلَةِ نِصْفَ النَّهَارِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ التَّبْكِيرَ لَيْسَ مِنِ ابْتِدَاءِ الزَّوَالِ لِأَنَّ خُرُوجَ الْإِمَامِ يَعْقُبُ الزَّوَالَ فَلَا يَسَعُ وَقْتًا يَتَنَفَّلُ فِيهِ وَتَبَيَّنَ بِمَجْمُوعِ مَا ذَكَرْنَا أَنَّ تَكْفِيرَ الذُّنُوبِ مِنَ الْجُمُعَةِ إِلَى الْجُمُعَةِ مَشْرُوطٌ بِوُجُود جَمِيع مَا تقدم من غسل وتنظف وَتَطَيُّبٍ أَوْ دَهْنٍ وَلُبْسِ أَحْسَنِ الثِّيَابِ وَالْمَشْيِ بِالسَّكِينَةِ وَتَرْكِ التَّخَطِّي وَالتَّفْرِقَةِ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ وَتَرْكِ الْأَذَى وَالتَّنَفُّلِ وَالْإِنْصَاتِ وَتَرْكِ اللَّغْوِ وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فَمَنْ تَخَطَّى أَوْ لَغَا كَانَتْ لَهُ ظُهْرًا وَدَلَّ التَّقْيِيدُ بِعَدَمِ غِشْيَانِ الْكَبَائِرِ عَلَى أَنَّ الَّذِي يُكَفَّرُ مِنَ الذُّنُوبِ هُوَ الصَّغَائِرُ فَتُحْمَلُ الْمُطْلَقَاتُ كُلُّهَا عَلَى هَذَا الْمُقَيَّدِ وَذَلِكَ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ مَا لَمْ تُغْشَ الْكَبَائِرُ أَيْ فَإِنَّهَا إِذَا غُشِيَتْ لَا تُكَفَّرُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ تَكْفِيرَ الصَّغَائِرِ شَرْطُهُ اجْتِنَابُ الْكَبَائِرِ إِذِ اجْتِنَابُ الْكَبَائِرِ بِمُجَرَّدِهِ يُكَفِّرُهَا كَمَا نَطَقَ بِهِ الْقُرْآنُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ لَا يُكَفِّرَهَا إِلَّا اجْتِنَاب