وَلَمْ يُورِدْ عَنْ أَحَدٍ مِمَّنْ ذَكَرَ التَّصْرِيحَ بِإِجْزَاءِ الِاغْتِسَالِ بَعْدَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَإِنَّمَا أَوْرَدَ عَنْهُمْ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ اتِّصَالُ الْغُسْلِ بِالذَّهَابِ إِلَى الْجُمُعَةِ فَأَخَذَ هُوَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَا قَبْلَ الزَّوَالِ أَوْ بَعْدَهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا ظَاهِرٌ كَالشَّمْسِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَاسْتُدِلَّ مِنْ مَفْهُومِ الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ الْغُسْلَ لَا يُشْرَعُ لِمَنْ لَمْ يَحْضُرِ الْجُمُعَةَ وَقَدْ تَقَدَّمَ التَّصْرِيحُ بِمُقْتَضَاهُ فِي آخِرِ رِوَايَةِ عُثْمَانَ بْنِ وَاقِدٍ عَنْ نَافِعٍ وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَبِهِ قَالَ الْجُمْهُورُ خِلَافًا لِأَكْثَرِ الْحَنَفِيَّةِ وَقَوْلُهُ فِيهِ الْجُمُعَةَ الْمُرَادُ بِهِ الصَّلَاةُ أَوِ الْمَكَانُ الَّذِي تُقَامُ فِيهِ وَذَكَرَ الْمَجِيءَ لِكَوْنِهِ الْغَالِبَ وَإِلَّا فَالْحُكْمُ شَامِلٌ لِمَنْ كَانَ مُجَاوِرًا لِلْجَامِعِ أَوْ مُقِيمًا بِهِ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ لَا يُحْمَلُ عَلَى الْوُجُوبِ إِلَّا بِقَرِينَةٍ لِقَوْلِهِ كَانَ يَأْمُرنَا مَعَ أَنَّ الْجُمْهُورَ حَمَلُوهُ عَلَى النَّدْبِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْكَلَامِ عَلَى الْحَدِيثِ الثَّالِثِ وَهَذَا بِخِلَافِ صِيغَةِ افْعَلْ فَإِنَّهَا عَلَى الْوُجُوبِ حَتَّى تظهر قرينَة على النّدب الحَدِيث الثَّانِي حَدِيثُ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ بن عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ بَيْنَا هُوَ قَائِمٌ فِي الْخُطْبَةِ يَوْمَ الْجُمُعَة الحَدِيث أوردهُ من رِوَايَة جوَيْرِية بن أَسْمَاءَ عَنْ مَالِكٍ وَهُوَ عِنْدَ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ عَن مَالك لَيْسَ فِيهِ ذكر بن عُمَرَ فَحَكَى الْإِسْمَاعِيلِيُّ عَنِ الْبَغَوِيِّ بَعْدَ أَنْ أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ رَوْحِ بْنِ عُبَادَةَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ لَمْ يُذْكَرْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أحد عَن مَالك عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ غَيْرُ رَوْحِ بْنِ عُبَادَةَ وَجُوَيْرِيَةَ اه وَقَدْ تَابَعَهُمَا أَيْضًا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلَ عَنهُ بِذكر بن عُمَرَ وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْمُوَطَّأِ رَوَاهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ الثِّقَاتِ عَنْهُ خَارِجَ الْمُوَطَّأِ مَوْصُولًا عَنْهُمْ فَذَكَرَ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةَ ثُمَّ قَالَ وَأَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ وَالْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ وَذَكَرَ جَمَاعَةً غَيْرَهُمْ فِي بَعْضِهِمْ مَقَالٌ ثُمَّ سَاقَ أسانيدهم إِلَيْهِم بذلك وَزَاد بن عَبْدِ الْبَرِّ فِيمَنْ وَصَلَهُ عَنْ مَالِكٍ الْقَعْنَبِيِّ فِي رِوَايَةِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِسْحَاقَ الْقَاضِي عَنْهُ وَرَوَاهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ مَوْصُولًا يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَمَعْمَرٌ عِنْدَ أَحْمَدَ وَأَبُو أُوَيْسٍ عِنْد قَاسم بن أصبغ ولجويرية بن أَسْمَاءَ فِيهِ إِسْنَادٌ آخَرُ أَعْلَى مِنْ رِوَايَتِهِ عَنْ مَالِكٍ أَخْرَجَهُ الطَّحَاوِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ رِوَايَةِ أبي غَسَّان عَنهُ عَن نَافِع عَن بن عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَوْلُهُ بَيْنَا أَصْلُهُ بَيْنَ وَأُشْبِعَتِ الْفَتْحَةُ وَقَدْ تَبْقَى بِلَا إِشْبَاعٍ وَيُزَادُ فِيهَا مَا فَتَصِيرُ بَيْنَمَا وَهِيَ رِوَايَةُ يُونُسَ وَهِيَ ظَرْفُ زَمَانٍ فِيهِ مَعْنَى الْمُفَاجَأَةِ قَوْلُهُ إِذْ جَاءَ رَجُلٌ فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي وَالْأَصِيلِيِّ وَكَرِيمَةَ إِذْ دَخَلَ

[878] قَوْلُهُ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ قِيلَ فِي تَعْرِيفِهِمْ مَنْ صَلَّى إِلَى الْقِبْلَتَيْنِ وَقِيلَ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا وَقِيلَ مَنْ شَهِدَ بَيْعَةَ الرِّضْوَانِ وَلَا شَكَّ أَنَّهَا مَرَاتِبُ نِسْبِيَّةٌ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى فِي التَّعْرِيفِ لِسَبْقِهِ فَمَنْ هَاجَرَ بَعْدَ تَحْوِيلِ الْقِبْلَةِ وَقَبْلَ وَقْعَةِ بَدْرٍ هُوَ آخِرُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَنْ هَاجَرَ قَبْلَ التَّحْوِيل وَقد سمي بن وهب وبن الْقَاسِمِ فِي رِوَايَتِهِمَا عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُوَطَّأِ الرَّجُلَ الْمَذْكُورَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ وَكَذَا سَمَّاهُ مَعْمَرٌ فِي رِوَايَتِهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَغَيره وَكَذَا وَقع فِي رِوَايَة بن وَهْبٍ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ نَافِعٍ عَن بن عمر قَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ لَا أَعْلَمُ خِلَافًا فِي ذَلِكَ وَقَدْ سَمَّاهُ أَيْضًا أَبُو هُرَيْرَةَ فِي رِوَايَتِهِ لِهَذِهِ الْقِصَّةِ عِنْدَ مُسْلِمٍ كَمَا سَيَأْتِي بَعْدَ بَابَيْنِ قَوْلُهُ فَنَادَاهُ أَيْ قَالَ لَهُ يَا فُلَانُ قَوْلُهُ أَيَّةُ سَاعَةٍ هَذِهِ أَيَّةُ بِتَشْدِيدِ التَّحْتَانِيَّةِ تَأْنِيثُ أَيٍّ يُسْتَفْهَمُ بِهَا وَالسَّاعَةُ اسْمٌ لِجُزْءٍ مِنَ النَّهَارِ مُقَدَّرٌ وَتُطْلَقُ عَلَى الْوَقْتِ الْحَاضِرِ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا وَهَذَا الِاسْتِفْهَامُ اسْتِفْهَامُ تَوْبِيخٍ وَإِنْكَارٍ وَكَأَنَّهُ يَقُولُ لِمَ تَأَخَّرْتَ إِلَى هَذِهِ السَّاعَةِ وَقَدْ وَرَدَ التَّصْرِيحُ بِالْإِنْكَارِ فِي رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ فَقَالَ عُمَرُ لِمَ تَحْتَبِسُونَ عَنِ الصَّلَاةِ وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ فَعَرَضَ عَنْهُ عُمَرُ فَقَالَ مَا بَالُ رِجَالٍ يَتَأَخَّرُونَ بَعْدَ النِّدَاءِ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ عُمَرَ قَالَ ذَلِكَ كُلَّهُ فَحَفِظَ بَعْضُ الرُّوَاةِ مَا لَمْ يَحْفَظِ الْآخَرُ وَمُرَادُ عُمَرَ التَّلْمِيحُ إِلَى سَاعَاتِ التَّبْكِيرِ الَّتِي وَقَعَ التَّرْغِيبُ فِيهَا وَأَنَّهَا إِذَا انْقَضَتْ طَوَتِ الْمَلَائِكَةُ الصُّحُفَ كَمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015