(قوله باب فرض الجمعة لقول الله تعالى إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة

(قَوْلُهُ بَابُ فَرْضِ الْجُمُعَةِ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذكر الله وذروا البيع)

إِلَى هُنَا عِنْدَ الْأَكْثَرِ وَسِيَاقُ بَقِيَّةِ الْآيَةِ فِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ وَأَبِي ذَرٍّ قَوْلُهُ فَاسْعَوْا فَامْضُوا هَذَا فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ عَنِ الْحَمَوِيِّ وَحْدَهُ وَهُوَ تَفْسِيرٌ مِنْهُ لِلْمُرَادِ بِالسَّعْيِ هُنَا بِخِلَافِ قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ فَلَا تَأْتُوهَا تَسْعَوْنَ فَالْمُرَادُ بِهِ الْجَرْيُ وَسَيَأْتِي فِي التَّفْسِيرِ أَنَّ عُمَرَ قَرَأَ فَامْضُوا وَهُوَ يُؤَيِّدُ ذَلِكَ وَاسْتِدْلَالُ الْبُخَارِيِّ بِهَذِهِ الْآيَةِ عَلَى فَرْضِيَّةِ الْجُمُعَةِ سَبَقَهُ إِلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ وَكَذَا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ ثُمَّ قَالَ فَالتَّنْزِيلُ ثُمَّ السُّنَّةُ يَدُلَّانِ عَلَى إِيجَابِهَا قَالَ وَعُلِمَ بِالْإِجْمَاعِ أَنَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ هُوَ الَّذِي بَيْنَ الْخَمِيسِ وَالسَّبْتِ وَقَالَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ الْأَمْرُ بِالسَّعْيِ يَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ إِذْ لَا يَجِبُ السَّعْيُ إِلَّا إِلَى وَاجِبٍ وَاخْتُلِفَ فِي وَقْتِ فَرْضِيَّتِهَا فَالْأَكْثَرُ عَلَى أَنَّهَا فُرِضَتْ بِالْمَدِينَةِ وَهُوَ مُقْتَضَى مَا تَقَدَّمَ أَنَّ فَرْضِيَّتَهَا بِالْآيَةِ الْمَذْكُورَةِ وَهِيَ مَدَنِيَّةٌ وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ فُرِضَتْ بِمَكَّةَ وَهُوَ غَرِيبٌ وَقَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ وَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنَ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ مَشْرُوعِيَّةُ النِّدَاءِ لَهَا إِذِ الْأَذَانُ مِنْ خَوَاصِّ الْفَرَائِضِ وَكَذَا النَّهْيُ عَنِ الْبَيْعِ لِأَنَّهُ لَا يَنْهَى عَنِ الْمُبَاحِ يَعْنِي نَهْيَ تَحْرِيمٍ إِلَّا إِذَا أَفْضَى إِلَى تَرْكِ وَاجِبٍ وَيُضَافُ إِلَى ذَلِكَ التَّوْبِيخُ عَلَى قَطْعِهَا قَالَ وَأَمَّا وَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنَ الْحَدِيثِ فَهُوَ مِنَ التَّعْبِيرِ بِالْفَرْضِ لِأَنَّهُ لِلْإِلْزَامِ وَإِنْ أُطْلِقَ عَلَى غَيْرِ الْإِلْزَامِ كَالتَّقْدِيرِ لَكِنَّهُ مُتَعَيَّنٌ لَهُ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى ذِكْرِ الصَّرْفِ لِأَهْلِ الْكِتَابِ عَنِ اخْتِيَارِهِ وَتَعْيِينِهِ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ وَقَعَ لَهُمْ بِالتَّنْصِيصِ أَمْ بِالِاجْتِهَادِ وَفِي سِيَاقِ الْقِصَّةِ إِشْعَارٌ بِأَنَّ فَرْضِيَّتَهَا عَلَى الْأَعْيَانِ لَا عَلَى الْكِفَايَةِ وَهُوَ مِنْ جِهَةِ إِطْلَاقِ الْفَرْضِيَّةِ وَمِنَ التَّعْمِيمِ فِي قَوْلِهِ فَهَدَانَا اللَّهُ لَهُ وَالنَّاسُ لَنَا فِيهِ تَبَعٌ

[876] قَوْلُهُ نَحْنُ الْآخِرُونَ السَّابِقُونَ فِي رِوَايَة بن عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عِنْدَ مُسْلِمٍ نَحْنُ الْآخِرُونَ وَنَحْنُ السَّابِقُونَ أَيِ الْآخِرُونَ زَمَانًا الْأَوَّلُونَ مَنْزِلَةً وَالْمُرَادُ أَنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ وَإِنْ تَأَخَّرَ وُجُودُهَا فِي الدُّنْيَا عَنِ الْأُمَمِ الْمَاضِيَةِ فَهِيَ سَابِقَةٌ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ بِأَنَّهُمْ أَوَّلُ مَنْ يُحْشَرُ وَأَوَّلُ مَنْ يُحَاسَبُ وَأَوَّلُ مَنْ يُقْضَى بَيْنَهُمْ وَأَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ وَفِي حَدِيثِ حُذَيْفَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ نَحْنُ الْآخِرُونَ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا وَالْأَوَّلُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْمَقْضِيُّ لَهُمْ قَبْلَ الْخَلَائِقِ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالسَّبْقِ هُنَا إِحْرَازُ فَضِيلَةِ الْيَوْمِ السَّابِقِ بِالْفَضْلِ وَهُوَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ وَيَوْمُ الْجُمُعَةِ وَإِنْ كَانَ مَسْبُوقًا بِسَبْتٍ قَبْلَهُ أَوْ أَحَدٍ لَكِنْ لَا يُتَصَوَّرُ اجْتِمَاعُ الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ مُتَوَالِيَةً إِلَّا وَيَكُونُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ سَابِقًا وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالسَّبْقِ أَيْ إِلَى الْقَبُولِ وَالطَّاعَةِ الَّتِي حُرِمَهَا أَهْلُ الْكِتَابِ فَقَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَالْأَوَّلُ أَقْوَى قَوْلُهُ بَيْدَ بِمُوَحَّدَةٍ ثُمَّ تَحْتَانِيَّةٍ سَاكِنَةٍ مِثْلُ غَيْرَ وَزْنًا وَمَعْنًى وَبِهِ جَزَمَ الْخَلِيلُ والكسائى وَرجحه بن سَيّده وروى بن أَبِي حَاتِمٍ فِي مَنَاقِبِ الشَّافِعِيِّ عَنِ الرَّبِيعِ عَنْهُ أَنَّ مَعْنَى بَيْدَ مِنْ أَجْلِ وَكَذَا ذكره بن حِبَّانَ وَالْبَغَوِيُّ عَنِ الْمُزَنِيِّ عَنِ الشَّافِعِيِّ وَقَدِ اسْتَبْعَدَهُ عِيَاضٌ وَلَا بُعْدَ فِيهِ بَلْ مَعْنَاهُ أَنا سبقنَا بِالْفَضْلِ إِذْ هُدِينَا لِلْجُمُعَةِ مَعَ تَأَخُّرِنَا فِي الزَّمَانِ بِسَبَبِ أَنَّهُمْ ضَلُّوا عَنْهَا مَعَ تَقَدُّمِهِمْ وَيَشْهَدُ لَهُ مَا وَقع فِي فَوَائِد بن الْمُقْرِئ مِنْ طَرِيقِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ نَحْنُ الْآخِرُونَ فِي الدُّنْيَا وَنَحْنُ السَّابِقُونَ أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ لِأَنَّهُمْ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِنَا وَفِي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015