فِي ذَلِكَ انْتَهَى وَقَدْ تَأَمَّلْتُهَا فَرَأَيْتُ التَّعْيِينَ ورد فِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة وبن أم مَكْتُوم وبن مَسْعُودٍ أَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فَحَدِيثُ الْبَابِ من رِوَايَة الْأَعْرَج عَنهُ يومى إِلَى أَنَّهَا الْعِشَاءُ لِقَوْلِهِ فِي آخِرِهِ لَشَهِدَ الْعِشَاءَ وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ يَعْنِي الْعِشَاءَ وَلَهُمَا مِنْ رِوَايَةِ أَبِي صَالِحٍ عَنْهُ أَيْضًا الْإِيمَاءُ إِلَى أَنَّهَا الْعشَاء والفجروعينها السَّرَّاجُ فِي رِوَايَةٍ لَهُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ الْعِشَاءَ حَيْثُ قَالَ فِي صَدْرِ الْحَدِيثِ أَخَّرَ الْعِشَاءَ لَيْلَةً فَخَرَجَ فَوَجَدَ النَّاسَ قَلِيلًا فَغَضِبَ فَذكر الحَدِيث وَفِي رِوَايَة بن حِبَّانَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ يَعْنِي الصَّلَاتَيْنِ الْعِشَاءَ وَالْغَدَاةَ وَفِي رِوَايَةِ عَجْلَانَ وَالْمَقْبُرِيِّ عِنْدَ أَحْمَدَ التَّصْرِيحُ بِتَعْيِينِ الْعِشَاءِ ثُمَّ سَائِرِ الرِّوَايَاتِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَلَى الْإِبْهَامِ وَقَدْ أَوْرَدَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ جَعْفَرَ بْنِ بُرْقَانَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ عَنْهُ فَلَمْ يَسُقْ لَفْظَهُ وَسَاقَهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بإبهام الصَّلَاة وَكَذَلِكَ رَوَاهُ السراج وَغَيره من طُرُقٍ عَنْ جَعْفَرٍ وَخَالَفَهُمْ مَعْمَرٌ عَنْ جَعْفَرٍ فَقَالَ الْجُمُعَةُ أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْهُ وَالْبَيْهَقِيُّ من طَرِيقُهُ وَأَشَارَ إِلَى ضَعْفِهَا لِشُذُوذِهَا وَيَدُلُّ عَلَى وَهْمِهِ فِيهَا رِوَايَةُ أَبِي دَاوُدَ وَالطَّبَرَانِيِّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ بْنِ يَزِيدِ بْنِ جَابِرٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ قَالَ يَزِيدُ قُلْتُ لِيَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ يَا أَبَا عَوْفٍ الْجُمُعَةُ عَنَى أَوْ غَيْرَهَا قَالَ صُمَّتْ أُذُنَايَ إِنْ لَمْ أَكُنْ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَأْثِرُهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا ذَكَرَ جُمُعَةً وَلَا غَيْرَهَا فَظَهَرَ أَنَّ الرَّاجِحَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهَا لَا تخْتَص بالجمعه وَأما حَدِيث بن أُمِّ مَكْتُومٍ فَسَأَذْكُرُهُ قَرِيبًا وَأَنَّهُ مُوَافِقٌ لِأَبِي هُرَيْرَة وَأما حَدِيث بن مَسْعُودٍ فَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَفِيهِ الْجَزْمُ بِالْجُمُعَةِ وَهُوَ حَدِيثٌ مُسْتَقِلٌّ لِأَنَّ مَخْرَجَهُ مُغَايِرٌ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَا يَقْدَحُ أَحَدُهُمَا فِي الْآخَرِ فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُمَا وَاقِعَتَانِ كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ النَّوَوِيُّ والمحب الطَّبَرِيّ وَقد وَافق بن أُمِّ مَكْتُومٍ أَبَا هُرَيْرَةَ عَلَى ذِكْرِ الْعِشَاءِ وَذَلِكَ فِيمَا أخرجه بن خُزَيْمَةَ وَأَحْمَدُ وَالْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ عَن بن أُمِّ مَكْتُومٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَقْبَلَ النَّاسَ فِي صَلَاةِ الْعِشَاءِ فَقَالَ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنِّي آتِي هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَتَخَلَّفُونَ عَنِ الصَّلَاةِ فَأُحَرِّقُ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ فَقَامَ بن أُمِّ مَكْتُومٍ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ عَلِمْتَ مَا بِي وَلَيْسَ لِي قَائِدٌ زَادَ أَحْمَدُ وَأَنَّ بَيْنِي وَبَيْنَ الْمَسْجِدِ شَجَرًا وَنَخْلًا وَلَا أَقْدِرُ عَلَى قَائِدٍ كُلَّ سَاعَةٍ قَالَ أَتَسْمَعُ الْإِقَامَةَ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَاحْضُرْهَا وَلَمْ يُرَخِّصْ لَهُ وَلِابْنِ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ قَالَ أَتَسْمَعُ الْأَذَانَ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَأْتِهَا وَلَوْ حَبْوًا وَقَدْ حَمَلَهُ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ لَا يَشُقُّ عَلَيْهِ التَّصَرُّفُ بِالْمَشْيِ وَحْدَهُ ككثير من العميان وَاعْتمد بن خُزَيْمَة وَغَيره حَدِيث بن أُمِّ مَكْتُومٍ هَذَا عَلَى فَرْضِيَّةِ الْجَمَاعَةِ فِي الصَّلَوَاتِ كُلِّهَا وَرَجَّحُوهُ بِحَدِيثِ الْبَابِ وَبِالْأَحَادِيثِ الدَّالَّةِ عَلَى الرُّخْصَةِ فِي التَّخَلُّفِ عَنِ الْجَمَاعَةِ قَالُوا لِأَنَّ الرُّخْصَةَ لَا تَكُونُ إِلَّا عَنْ وَاجِبٍ وَفِيهِ نَظَرٌ وَوَرَاءَ ذَلِكَ أَمْرٌ آخَرُ أَلْزَمَ بِهِ بن دَقِيقِ الْعِيدِ مَنْ يَتَمَسَّكُ بِالظَّاهِرِ وَلَا يَتَقَيَّدُ بِالْمَعْنَى وَهُوَ أَنَّ الْحَدِيثَ وَرَدَ فِي صَلَاةٍ مُعَيَّنَةٍ فَيَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ الْجَمَاعَةِ فِيهَا دُونَ غَيْرِهَا وَأَشَارَ لِلِانْفِصَالِ عَنْهُ بِالتَّمَسُّكِ بِدَلَالَةِ الْعُمُومِ لَكِنْ نُوزِعَ فِي كَوْنِ الْقَوْلِ بِمَا ذُكِرَ أَولا ظاهرية مَحْضَة صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِنَّ قَاعِدَةَ حَمْلِ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ تَقْتَضِيهِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015