سَاقَ فِيهِ حَدِيثَ أَبِي جُحَيْفَةَ عَنْ آدَمَ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عَوْنٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ أَيْضًا وَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ بِأَنَّ فِيهَا تَكْرَارًا فَإِنَّ الْعَنَزَةَ هِيَ الْحَرْبَةُ لَكِنْ قَدْ قِيلَ إِنَّ الْحَرْبَةَ إِنَّمَا يُقَالُ لَهَا عَنَزَةٌ إِذَا كَانَتْ قَصِيرَةً فَفِي ذَلِكَ جِهَةٌ مُغَايَرَةٌ
[499] قَوْلُهُ وَالْمَرْأَةُ وَالْحِمَارُ يَمُرُّونَ مِنْ وَرَائِهَا كَذَا وَرَدَ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ فَكَأَنَّهُ أَرَادَ الْجِنْسَ وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ وَالنَّاسُ وَالدَّوَابُّ يَمُرُّونَ كَمَا تَقَدَّمَ أَوْ فِيهِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ وَغَيْرُهُمَا أَوِ الْمُرَادُ الْحِمَارُ بِرَاكِبِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ بِلَفْظِ يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ الْمَرْأَةُ وَالْحِمَارُ فَالظَّاهِرُ أَنْ الَّذِي وَقَعَ هُنَا من تصرف الروَاة وَقَالَ بن التِّينِ الصَّوَابُ يَمُرَّانِ إِذْ فِي يَمُرُّونَ إِطْلَاقُ صِيغَة الْجمع على الْإِثْنَيْنِ وَقَالَ بن مَالِكٍ أَعَادَ ضَمِيرَ الذُّكُورِ الْعُقَلَاءِ عَلَى مُؤَنَّثٍ وَمُذَكَّرٍ غَيْرِ عَاقِلٍ وَهُوَ مُشْكِلٌ وَالْوَجْهُ فِيهِ أَنَّهُ أَرَادَ الْمَرْأَةَ وَالْحِمَارَ وَرَاكِبَهُ فَحَذَفَ الرَّاكِبَ لِدَلَالَةِ الْحِمَارِ عَلَيْهِ ثُمَّ غَلَّبَ تَذْكِيرَ الرَّاكِبِ الْمَفْهُومِ عَلَى تَأْنِيثِ الْمَرْأَةِ وَذَا الْعَقْلِ عَلَى الْحِمَارِ وَقَدْ وَقَعَ الْإِخْبَارُ عَنْ مَذْكُورٍ وَمَحْذُوفٍ فِي قَوْلِهِمْ رَاكِبُ الْبَعِيرِ طَرِيحَانِ أَيِ الْبَعِيرُ وَرَاكِبُهُ ثُمَّ سَاقَ الْبُخَارِيُّ حَدِيثَ أَنَسٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ مُسْتَوْفًى فِي الطَّهَارَةِ قَوْلُهُ فِيهِ وَمَعَنَا عُكَّازَةٌ أَوْ عَصًا أَوْ عَنَزَةٌ كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِالْمُهْمَلَةِ وَالنُّونِ وَالزَّايِ الْمَفْتُوحَاتِ وَفِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي وَالْحَمَوِيِّ أَوْ غَيْرِهِ بِالْمُعْجَمَةِ وَالْيَاءِ وَالرَّاءِ أَيْ سِوَاهُ أَيِ الْمَذْكُورِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ تَصْحِيف قَوْلُهُ بَابُ السُّتْرَةِ بِمَكَّةَ وَغَيْرِهَا سَاقَ فِيهِ حَدِيثَ أَبِي جُحَيْفَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنِ الْحَكَمِ وَالْمُرَادُ مِنْهُ هُنَا
[501] قَوْله بالبطحاء فقد قدمنَا أَنَّهَا بطحاء مَكَّة وَقَالَ بن الْمُنِيرِ إِنَّمَا خَصَّ مَكَّةَ بِالذِّكْرِ دَفْعًا لِتَوَهُّمِ مَنْ يَتَوَهَّمُ أَنَّ السُّتْرَةَ قِبْلَةٌ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لِمَكَّةَ قِبْلَةٌ إِلَّا الْكَعْبَةَ فَلَا يَحْتَاجُ فِيهَا إِلَى سُتْرَةٍ انْتَهَى وَالَّذِي أَظُنُّهُ أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَنْكُتَ عَلَى مَا تَرْجَمَ بِهِ عَبْدُ الرَّزَّاقِ حَيْثُ قَالَ فِي بَابِ لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ بِمَكَّةَ شَيْءٌ ثُمَّ أَخْرَجَ عَن بن جُرَيْجٍ عَنْ كَثِيرِ بْنِ كَثِيرِ بْنِ الْمُطَّلِبِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جِدِّهِ قَالَ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ أَيِ النَّاسِ سُتْرَةٌ وَأَخْرَجَهُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ أَيْضًا أَصْحَابُ السُّنَنِ وَرِجَالُهُ مُوَثَّقُونَ إِلَّا أَنَّهُ مَعْلُولٌ فَقَدْ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَن أَحْمد عَن بن عُيَيْنَة قَالَ كَانَ بن جُرَيْجٍ أَخْبَرَنَا بِهِ هَكَذَا فَلَقِيتُ كَثِيرًا فَقَالَ لَيْسَ مِنْ أَبِي سَمِعْتُهُ وَلَكِنْ عَنْ بَعْضِ أَهْلِي عَنْ جَدِّي فَأَرَادَ الْبُخَارِيُّ التَّنْبِيهَ عَلَى ضَعْفِ هَذَا الْحَدِيثِ وَأَنْ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَكَّةَ وَغَيْرِهَا فِي مَشْرُوعِيَّةِ السُّتْرَةِ وَاسْتُدِلَّ عَلَى ذَلِكَ بِحَدِيثِ أَبِي جُحَيْفَةَ وَقَدْ قَدَّمْنَا وَجْهَ الدَّلَالَةِ مِنْهُ وَهَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَأَنْ لَا فَرْقَ فِي مَنْعِ الْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي بَيْنَ مَكَّةَ وَغَيْرِهَا وَاغْتَفَرَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ ذَلِكَ لِلطَّائِفِينَ دُونَ غَيْرِهِمْ لِلضَّرُورَةِ وَعَنْ بَعْضِ الْحَنَابِلَةِ جَوَازَ ذَلِكَ فِي جَمِيعِ مَكَّةَ