وَالشِّرَاءِ فِي الْمَسْجِدِ قَالَ وَمُطَابَقَتُهَا لِقِصَّةِ ثُمَامَةَ أَنَّ مَنْ تَخَيَّلَ مَنْعَ ذَلِكَ أَخَذَهُ مِنْ عُمُومِ قَوْلِهِ إِنَّمَا بُنِيَتِ الْمَسَاجِدُ لِذِكْرِ اللَّهِ فَأَرَادَ الْبُخَارِيُّ أَنَّ هَذَا الْعُمُومَ مَخْصُوصٌ بِأَشْيَاءَ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْهَا رَبْطُ الْأَسِيرِ فِي الْمَسْجِدِ فَإِذَا جَازَ ذَلِكَ لِلْمَصْلَحَةِ فَكَذَلِكَ يَجُوزُ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ لِلْمَصْلَحَةِ فِي الْمَسْجِدِ قُلْتُ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنَ التَّكَلُّفِ وَلَيْسَ مَا ذَكَرَهُ مِنَ التَّرْجَمَةِ مَعَ ذَلِكَ فِي شَيْءٍ مِنْ نُسَخِ الْبُخَارِيِّ هُنَا وَإِنَّمَا تَقَدَّمَتْ قَبْلَ خَمْسَةِ أَبْوَابٍ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ فِي قِصَّةِ بَرِيرَةَ ثُمَّ قَالَ فَإِنْ قِيلَ إِيرَادُ قِصَّةِ ثُمَامَةَ فِي التَّرْجَمَةِ الَّتِي قَبْلَ هَذِهِ وَهِيَ بَابُ الْأَسِيرِ يُرْبَطُ فِي الْمَسْجِدِ أَلْيَقُ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّ الْبُخَارِيَّ آثَرَ الِاسْتِدْلَالَ بِقِصَّةِ الْعِفْرِيتِ عَلَى قِصَّةِ ثُمَامَةَ لِأَنَّ الَّذِي هَمَّ بِرَبْطِ الْعِفْرِيتِ هُوَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالَّذِي تَوَلَّى رَبْطَ ثُمَامَةَ غَيْرُهُ وَحَيْثُ رَآهُ مَرْبُوطًا قَالَ أَطْلِقُوا ثُمَامَةَ قَالَ فَهُوَ بِأَنْ يَكُونَ إِنْكَارًا لِرَبْطِهِ أَوْلَى مِنْ أَنْ يَكُونَ تَقْرِيرًا انْتَهَى وَكَأَنَّهُ لَمْ يُنْظَرْ سِيَاقُ هَذَا الْحَدِيثِ تَامًّا لَا فِي الْبُخَارِيِّ وَلَا فِي غَيْرِهِ فقد أخرجه البُخَارِيّ فِي أَو اخر الْمَغَازِي مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بِعَيْنِهِ مُطَوَّلًا وَفِيهِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ عَلَى ثُمَامَةَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَهُوَ مَرْبُوطٌ فِي الْمَسْجِدِ وَإِنَّمَا أَمَرَ بِإِطْلَاقِهِ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ وَكَذَا أخرجه مُسلم وَغَيره وَصرح بن إِسْحَاقَ فِي الْمُغَازِي مِنْ هَذَا الْوَجْهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الَّذِي أَمرهم بربطه فَبَطل مَا تخيله بن الْمُنِير وَإِنِّي لَا تعجب مِنْهُ كَيْفَ جَوَّزَ أَنَّ الصَّحَابَةَ يَفْعَلُونَ فِي الْمَسْجِدِ أَمْرًا لَا يَرْضَاهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ كَلَامٌ فَاسِدٌ مَبْنِيٌّ عَلَى فَاسِدٍ فَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى التَّوْفِيقِ قَوْلُهُ وَكَانَ شُرَيْحٌ يَأْمُرُ الْغَرِيمَ أَنْ يُحْبَسَ قَالَ بن مَالِكٍ فِيهِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ الْأَصْلُ يَأْمُرُ بِالْغَرِيمِ وَأَنْ يُحْبَسَ بَدَلَ اشْتِمَالٍ ثُمَّ حُذِفَتِ الْبَاءَ ثَانِيهُمَا أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ أَنْ يُحْبَسَ أَيْ يَنْحَبِسُ فَجَعَلَ الْمُطَاوِعَ مَوْضِعَ الْمُطَاوِعِ لِاسْتِلْزَامِهِ إِيَّاهُ انْتَهَى وَالتَّعْلِيقُ الْمَذْكُورُ فِي رِوَايَةِ الْحَمَوِيِّ دُونَ رُفْقَتِهِ وَقَدْ وَصَلَهُ مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوب عَن بن سِيرِينَ قَالَ كَانَ شُرَيْحٌ إِذَا قَضَى عَلَى رَجُلٍ بِحَقٍّ أَمَرَ بِحَبْسِهِ فِي الْمَسْجِدِ إِلَى أَنْ يَقُومَ بِمَا عَلَيْهِ فَإِنْ أَعْطَى الْحَقَ وَإِلَّا أَمَرَ بِهِ إِلَى السِّجْنِ
[462] قَوْلُهُ خَيْلًا أَيْ فُرْسَانًا وَالْأَصْلُ أَنَّهُمْ كَانُوا رِجَالًا عَلَى خَيْلٍ وَثُمَامَةُ بِمُثَلَّثَةٍ مَضْمُومَةٍ وَأُثَالٍ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ بَعْدَهَا مُثَلَّثَةٌ خَفِيفَةٌ قَوْلُهُ إِلَى نَخْلٍ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَفِي النُّسْخَةِ الْمَقْرُوءَةِ عَلَى أَبِي الْوَقْتِ بِالْجِيمِ وَصَوَّبَهَا بَعْضُهُمْ وَقَالَ وَالنَّجْلُ الْمَاءُ الْقَلِيلُ النَّابِعُ وَقِيلَ الْجَارِي قُلْتُ وَيُؤَيّد الرِّوَايَة الأولى أَن لفظ بن خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَانْطَلَقَ إِلَى حَائِط أبي طَلْحَة وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى بَقِيَّةِ فَوَائِدِ هَذَا الْحَدِيثِ حَيْثُ أَوْرَدَهُ الْمُصَنِّفُ تَامًّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
أَيْ جَوَازِ ذَلِكَ
[463] قَوْلُهُ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى هُوَ الْبَلْخِيُّ اللُّؤْلُؤِيُّ وَكَانَ حَافِظًا وَفِي شُيُوخِ الْبُخَارِيِّ زَكَرِيَّا بن يحيى أَبُو السكين وَقَدْ شَارَكَ الْبَلْخِيُّ فِي بَعْضِ شُيُوخِهِ قَوْلُهُ أُصِيب سعد