ذَلِكَ بَعْضُهُمْ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ إِذَا وَقع ذَلِك عَلَى سَبِيلِ التَّعْظِيمِ لِلْمَسَاجِدِ وَلَمْ يَقَعِ الصَّرْفُ على ذَلِك من بَيت المَال وَقَالَ بن الْمُنِيرِ لَمَّا شَيَّدَ النَّاسُ بُيُوتَهُمْ وَزَخْرَفُوهَا نَاسَبَ أَنْ يُصْنَعَ ذَلِكَ بِالْمَسَاجِدِ صَوْنًا لَهَا عَنِ الِاسْتِهَانَةِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الْمَنْعَ إِنْ كَانَ لِلْحَثِّ عَلَى اتِّبَاعِ السَّلَفِ فِي تَرْكِ الرَّفَاهِيَةِ فَهُوَ كَمَا قَالَ وَإِنْ كَانَ لِخَشْيَةِ شَغْلِ بَالِ الْمُصَلِّي بِالزَّخْرَفَةِ فَلَا لِبَقَاءِ الْعِلَّةِ وَفِي حَدِيثِ أَنَسٍ عَلَمٌ مِنْ أَعْلَامِ النُّبُوَّةِ لِإِخْبَارِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا سَيَقَعُ فَوَقَعَ كَمَا قَالَ
كَذَا فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ وَزَادَ غَيْرُهُ قَبْلَ قَوْلِهِ مَا كَانَ وَقَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَفِي آخِرِهِ إِلَى قَوْلِهِ الْمُهْتَدِينَ وَذِكْرِهِ لِهَذِهِ الْآيَةِ مَصِيرٌ مِنْهُ إِلَى تَرْجِيحِ أَحَدِ الِاحْتِمَالَيْنِ مِنْ أَحَدِ الِاحْتِمَالَيْنِ فِي الْآيَةِ وَذَلِكَ أَن قَوْله تَعَالَى مَسَاجِد الله يَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ بِهَا مَوَاضِعُ السُّجُودِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ بِهَا الْأَمَاكِنُ الْمُتَّخَذَةُ لِإِقَامَةِ الصَّلَاةِ وَعَلَى الثَّانِي يَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ بِعِمَارَتِهَا بُنْيَانُهَا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ بِهَا الْإِقَامَةُ لِذِكْرِ اللَّهِ فِيهَا
[447] قَوْلُهُ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ هَذَا الْإِسْنَادُ كُلُّهُ بَصرِي لِأَن بن عَبَّاسٍ أَقَامَ عَلَى الْبَصْرَةِ أَمِيرًا مُدَّةً وَمَعَهُ مَوْلَاهُ عِكْرِمَةُ قَوْلُهُ انْطَلِقَا إِلَى أَبِي سَعِيدٍ أَيِ الْخُدْرِيِّ قَوْلُهُ فَإِذَا هُوَ زَادَ الْمُصَنِّفُ فِي الْجِهَادِ فَأَتَيْنَاهُ وَهُوَ وَأَخُوهُ فِي حَائِطٍ لَهُمَا قَوْلُهُ يُصْلِحُهُ قَالَ فِي الْجِهَادِ يَسْقِيَانِهِ وَالْحَائِطُ الْبُسْتَانُ وَهَذَا الْأَخُ زَعَمَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ أَنَّهُ قَتَادَةُ بْنُ النُّعْمَانِ وَهُوَ أَخُو أَبِي سَعِيدٍ لِأُمِّهِ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ هُوَ فَإِنَّ عَلِيَّ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ وُلِدَ فِي أَوَاخِرِ خِلَافَةِ عَلِيٍّ وَمَاتَ قَتَادَةُ بْنُ النُّعْمَانِ قَبْلَ ذَلِكَ فِي أَوَاخِرِ خِلَافَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَلَيْسَ لِأَبِي سَعِيدٍ أَخٌ شَقِيقٌ وَلَا أَخٌ مِنْ أَبِيهِ وَلَا مِنْ أُمِّهِ إِلَّا قَتَادَةَ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمَذْكُورُ أَخَاهُ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَلَمْ أَقِفْ إِلَى الْآنَ عَلَى اسْمِهِ وَفِي الْحَدِيثِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الْعلم لَا يحوى جَمِيعه أحد لِأَن بن عَبَّاسٍ مَعَ سَعَةِ عِلْمِهِ أَمَرَ ابْنَهُ بِالْأَخْذِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عَلِمَ أَنَّ عِنْدَهُ مَا لَيْسَ عِنْدَهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ إِرْسَالُهُ إِلَيْهِ لِطَلَبِ عُلُوِّ الْإِسْنَادِ لِأَنَّ أَبَا سَعِيدٍ أَقْدَمُ صُحْبَةً وَأَكْثَرُ سَمَاعًا مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ بن عَبَّاسٍ وَفِيهِ مَا كَانَ السَّلَفُ عَلَيْهِ مِنَ التَّوَاضُعِ وَعَدَمِ التَّكَبُّرِ