كَنَائِسَكُمْ مِنْ أَجْلِ الصُّوَرِ الَّتِي فِيهَا يَعْنِي التَّمَاثِيلَ وَتَبَيَّنَ بِهَذَا أَنَّ رِوَايَتَيِ النَّصْبِ وَالْجَرِّ أَوْجَهُ مِنْ غَيْرِهِمَا وَالرَّجُلُ الْمَذْكُورُ مِنْ عُظَمَائِهِمُ اسْمُهُ قُسْطَنْطِينُ سَمَّاهُ مَسْلَمَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْجُهَنِيُّ عَنْ عَمِّهِ أَبِي مُسَجَّعَةَ بْنِ رِبْعِيِّ عَنْ عُمَرَ فِي قِصَّةٍ طَوِيلَةٍ أَخْرَجَهَا قَوْلُهُ وَكَانَ بن عَبَّاسٍ وَصَلَهُ الْبَغَوِيُّ فِي الْجَعْدِيَّاتِ وَزَادَ فِيهِ فَإِنْ كَانَ فِيهَا تَمَاثِيلُ خَرَجَ فَصَلَّى فِي الْمَطَرِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ مَنْ صَلَّى وَقُدَّامَهُ تَنُّورٌ أَنْ لَا مُعَارَضَةَ بَيْنَ هَذَيْنِ الْبَابَيْنِ وَأَنَّ الْكَرَاهَةَ فِي حَالِ الِاخْتِيَارِ
[434] قَوْلُهُ حَدثنَا مُحَمَّد هُوَ بن سَلام كَمَا صرح بِهِ بن السكن فِي رِوَايَته وَعَبده هُوَ بن سُلَيْمَانَ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى الْمَتْنِ قَبْلَ خَمْسَةِ أَبْوَابٍ وَمُطَابَقَتُهُ لِلتَّرْجَمَةِ مِنْ قَوْلِهِ بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا فَإِنَّ فِيهِ إِشَارَةً إِلَى نَهْيِ الْمُسْلِمِ عَنْ أَنْ يُصَلِّيَ فِي الْكَنِيسَةِ فَيَتَّخِذَهَا بِصَلَاتِهِ مَسْجِدًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ
كَذَا فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ بِغَيْرِ تَرْجَمَةٍ وَسَقَطَ مِنْ بَعْضِ الرِّوَايَاتِ وَقَدْ قَرَّرْنَا أَنَّ ذَلِكَ كالفصل من الْبَاب فَلهُ تعلق بِالْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ وَالْجَامِعُ بَيْنَهُمَا الزَّجْرُ عَنِ اتِّخَاذِ الْقُبُورَ مَسَاجِدَ وَكَأَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّ فِعْلَ ذَلِكَ مَذْمُومٌ سَوَاءٌ كَانَ مَعَ تَصْوِيرٍ أَمْ لَا
[435] قَوْلُهُ لَمَّا نَزَلَ كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ بِفَتْحَتَيْنِ وَالْفَاعِلُ مَحْذُوفٌ أَيِ الْمَوْتُ وَلِغَيْرِهِ بِضَمِّ النُّونِ وَكَسْرِ الزَّايِ وَطَفِقَ أَيْ جَعَلَ وَالْخَمِيصَةُ كِسَاءٌ لَهُ أَعْلَامٌ كَمَا تَقَدَّمَ قَوْلُهُ فَقَالَ وَهُوَ كَذَلِكَ أَيْ فِي تِلْكَ الْحَالِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي الْوَقْتِ الَّذِي ذَكَرَتْ فِيهِ أُمُّ سَلَمَةَ وَأُمُّ حَبِيبَةَ أَمْرَ الْكَنِيسَةِ الَّتِي رَأَتَاهَا بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ وَكَأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِمَ أَنَّهُ مُرْتَحِلٌ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ فَخَافَ أَنْ يُعَظَّمَ قَبْرُهُ كَمَا فَعَلَ مَنْ مَضَى فَلَعَنَ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى إِشَارَةً إِلَى ذَمِّ مَنْ يَفْعَلُ فِعْلَهُمْ وَقَوْلُهُ اتَّخَذُوا جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ عَلَى سَبِيلِ الْبَيَانِ لِمُوجِبِ اللَّعْنِ كَأَنَّهُ قِيلَ مَا سَبَبُ لَعْنِهِمْ فَأُجِيبَ بِقَوْلِهِ اتَّخَذُوا وَقَوْلُهُ يُحَذِّرُ مَا صَنَعُوا جُمْلَةٌ أُخْرَى مُسْتَأْنَفَةٌ مِنْ كَلَامِ الرَّاوِي كَأَنَّهُ سُئِلَ عَنْ حِكْمَةِ ذِكْرِ ذَلِكَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فَأُجِيبَ بِذَلِكَ وَقَدِ اسْتُشْكِلَ ذِكْرُ النَّصَارَى فِيهِ لِأَنَّ الْيَهُودَ لَهُمْ أَنْبِيَاءٌ بِخِلَافِ النَّصَارَى فَلَيْسَ بَيْنَ عِيسَى وَبَيْنَ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَبِيٌّ غَيْرُهُ وَلَيْسَ لَهُ قَبْرٌ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ كَانَ فِيهِمْ أَنْبِيَاءٌ أَيْضًا لَكِنَّهُمْ غَيْرُ مُرْسَلِينَ كَالْحَوَارِيِّينَ وَمَرْيَمَ فِي قَوْلٍ أَوِ الْجَمْعُ فِي
[437] قَوْلِهِ أَنْبِيَائِهِمْ بِإِزَاءِ الْمَجْمُوعِ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالْمُرَادُ الْأَنْبِيَاءُ وَكِبَارُ أَتْبَاعِهِمْ فَاكْتَفَى بِذِكْرِ الْأَنْبِيَاءِ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ جُنْدَبٍ كَانُوا يَتَّخِذُونَ قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ وَصَالِحِيهِمْ مَسَاجِدَ وَلِهَذَا لَمَّا أَفْرَدَ النَّصَارَى فِي الْحَدِيثِ الَّذِي قَبْلَهُ قَالَ إِذَا مَاتَ فِيهِمُ الرَّجُلُ الصَّالِحُ وَلَمَّا أَفْرَدَ الْيَهُودُ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي بَعْدَهُ قَالَ قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ أَوِ الْمُرَادُ بِالِاتِّخَاذِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ ابْتِدَاعًا أَوِ اتِّبَاعًا فَالْيَهُودُ ابْتَدَعَتْ وَالنَّصَارَى اتَّبَعَتْ وَلَا رَيْبَ أَنَّ النَّصَارَى تُعَظِّمُ قُبُورَ كَثِيرٍ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ تُعَظِّمُهُمُ الْيَهُود