(قَوْلُهُ بَابُ هَلْ تُنْبَشُ قُبُورُ مُشْرِكِي الْجَاهِلِيَّةِ)

أَيْ دُونَ غَيْرِهَا مِنْ قُبُورِ الْأَنْبِيَاءِ وَأَتْبَاعِهِمْ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الْإِهَانَةِ لَهُمْ بِخِلَافِ الْمُشْرِكِينَ فَإِنَّهُمْ لَا حُرْمَةَ لَهُمْ وَأَمَّا قَوْلُهُ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَخْ فَوَجْهُ التَّعْلِيلِ أَنَّ الْوَعِيدَ عَلَى ذَلِكَ يَتَنَاوَلُ مَنِ اتَّخَذَ قُبُورَهُمْ مَسَاجِدَ تَعْظِيمًا وَمُغَالَاةً كَمَا صَنَعَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ وَجَرَّهُمْ ذَلِكَ إِلَى عِبَادَتِهِمْ وَيَتَنَاوَلُ مَنِ اتَّخَذَ أَمْكِنَةَ قُبُورِهِمْ مَسَاجِدَ بِأَنْ تُنْبَشَ وَتُرْمَى عِظَامُهُمْ فَهَذَا يَخْتَصُّ بِالْأَنْبِيَاءِ وَيَلْتَحِقُ بِهِمْ أَتْبَاعُهُمْ وَأَمَّا الْكَفَرَةُ فَإِنَّهُ لَا حَرَجَ فِي نَبْشِ قُبُورِهِمْ إِذْ لَا حَرَجَ فِي إِهَانَتِهِمْ وَلَا يَلْزَمُ مِنِ اتِّخَاذِ الْمَسَاجِدِ فِي أَمْكِنَتِهَا تَعْظِيمٌ فَعُرِفَ بِذَلِكَ أَنْ لَا تَعَارُضَ بَيْنَ فِعْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَبْشِ قُبُورِ الْمُشْرِكِينَ وَاتِّخَاذِ مَسْجِدِهِ مَكَانَهَا وَبَيْنَ لَعْنِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنِ اتَّخَذَ قُبُورَ الْأَنْبِيَاءِ مَسَاجِدَ لِمَا تَبَيَّنَ مِنْ الْفَرْقِ وَالْمَتْنِ الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ وَصَلَهُ فِي بَابِ الْوَفَاةِ فِي أَوَاخِرِ الْمَغَازِي مِنْ طَرِيقِ هِلَالٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ بِهَذَا اللَّفْظِ وَفِيهِ قِصَّةٌ وَوَصَلَهُ فِي الْجَنَائِزِ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ هِلَالٍ وَزَادَ فِيهِ وَالنَّصَارَى وَذَكَرَهُ فِي عِدَّةِ مَوَاضِعَ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى بِالزِّيَادَةِ قَوْلُهُ وَمَا يُكْرَهُ مِنَ الصَّلَاةِ فِي الْقُبُورِ يَتَنَاوَلُ مَا إِذَا وَقَعَتِ الصَّلَاةُ عَلَى الْقَبْرِ أَوْ إِلَى الْقَبْرِ أَوْ بَيْنَ الْقَبْرَيْنِ وَفِي ذَلِكَ حَدِيثٌ رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ أَبِي مِرْثَدٍ الْغَنَوِيِّ مَرْفُوعًا لَا تَجْلِسُوا عَلَى الْقُبُورِ وَلَا تُصَلُّوا إِلَيْهَا أَوْ عَلَيْهَا قُلْتُ وَلَيْسَ هُوَ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ فَأَشَارَ إِلَيْهِ فِي التَّرْجَمَةِ وَأَوْرَدَ مَعَهُ أَثَرَ عُمَرَ الدَّالَّ عَلَى أَنَّ النَّهْيَ عَنْ ذَلِكَ لَا يَقْتَضِي فَسَادَ الصَّلَاةِ وَالْأَثَرُ الْمَذْكُورُ عَنْ عُمَرَ رَوَيْنَاهُ مَوْصُولًا فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ لِأَبِي نُعَيْمٍ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ وَلَفْظُهُ بَيْنَمَا أَنَسٌ يُصَلِّي إِلَى قَبْرٍ نَادَاهُ عُمَرُ الْقَبْرَ الْقَبْرَ فَظَنَّ أَنَّهُ يَعْنِي الْقَمَرَ فَلَمَّا رَأَى أَنَّهُ يَعْنِي الْقَبْرَ جَازَ الْقَبْرَ وَصَلَّى وَلَهُ طُرُقٌ أُخْرَى بَيَّنْتُهَا فِي تَعْلِيقِ التَّعْلِيقِ مِنْهَا مِنْ طَرِيقِ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ نَحْوَهُ وَزَادَ فِيهِ فَقَالَ بَعْضُ مَنْ يَلِينِي إِنَّمَا يَعْنِي الْقَبْرَ فَتَنَحَّيْتُ عَنْهُ وَقَوْلُهُ الْقَبْرَ الْقَبْرَ بِالنَّصْبِ فِيهِمَا عَلَى التَّحْذِيرِ وَقَوْلُهُ وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِالْإِعَادَةِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015