يكون في الدرب أو البلد الذي فيه الموقف الأول، أم يجوز أن يكون بغيره إذا كان ذلك أصلح لأهل الوقف مثل أن يكون ببلد غير بلد الوقف، وإذا اشترى فيه البدل كان أنفع له لكثرة الريع ويسر التناول؟ فيقول: ماعملت أحداً اشترط أن يكون البدل في بلد الوقف الأول؛ بل المنصوص عن أحمد وأصله وعموم كلام أصحابه وإطلاقه يقتضي أن يفعل في ذلك ماهو مصلحة لأهل الوقف حيث أطلقوا في هذا الباب مراعاة الوقف، بل أصله في عامة العقود اعتبار مصلحة الناس؛ فإن الله أمر بالصلاح ونهى عن الفساد، وبعث رسله بتحصيل المصالح وتكميلها وتعطيل المفاسد وتقليلها، وقد جوز أحمد إبدال مسجد بأخر للمصلحة، كما جوز تغييره للمصلحة، واحتج بأن عمر أبدل مسجد الكوفه بمسجد آخر، وصار المسجد الأول سوقاً للمارين (هكذا بالأصل) وجوز أحمد إذ أخرب المكان أن ينقل إلى قرية أخرى إذا لم يحتج إليه في القرية لاأولى. فاعتبر المصلحة بجنس المسجد؛ فإن الوقف على معينين حق لهم لايشركهم فيه غيرهم. إلى أن قال: فإذا كان الوقف ببلدهم أصلح كان اشتراء البدل ببلدهم هو الذي ينبغي فعله لمتولي ذلك، وصار هذا كالفرس الحبيس الذي يباع ويشتري بثمنه مايقوم مقامه إذا كان محبوساً على أناس في بعض الثغور ثم انتقلوا إلى ثغر آخر، فشراء البذل بالثغر الذي هم فيه أولى من شرائه بثغر آخر.

قال: ومما يبين هذا أن الوقف لو كان منقولاً كالثور) هكذا بالأصل ـ والسلاح وكتب العلم وهو وقف على ذرية رجل بعينه جاز أن يكون مقر الوقف حيث كانوا، بل كان هذا هو المتعين، بخلاف الوقف على أهل بلد بعينه. إذا صار له عوض يشتري به مايقوم مقامه أولى من أن يشتري به في مكان العقار الأولى إذا كان ذلك أصلح لهم؛ إذا ليس في تخصيص مكان العقار الأولى مقصود شرعي ولا مصلحة لأهل الوقف , وما لم يأمر به الشارع ولامصلحة فيه للانسان فليس بواجب ولامستحب، فعلم أن تعيين المكان الأول ليس بواجب ولامستحب لمن يشتري بالعوض مايقوم مقامه، بل المعدول عن ذلك جائز، وقد يكون مستحباً، وقد يكون واجباً إذا تعينت المصلحة فيه. انتهى. والسلام عليكم.

رئيس القضاة

(الختم) (ص / ق 1190 في 22/10/ 1377)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015