ولكن الذي لا يعرفه كثير من الناس أَنه رحمه الله كان يدرك تقدير الوقت بالساعة لا يكاد يخطيء الحقيقة في بضع دقائق مع العلم بأَنه لم يستعمل الساعة في حياته.
3- وكان يطيل التأَمل والتعمق ويبعد النظر فيما يعرض عليه من القضايا التي تجد تباعًا ولم يكن يتعجل الأَمر حتى يمعن في الدرس والتأَمل والنظر في عواقب الأمور فكان يصل بعد ذلك إلى الاستنتاج الدقيق الذي لا يكاد يختلف ولا يخالفه فيه ذو نصف والأَمثلة في هذا المقام كثيرة لكن أَسوق منها مثالين:
أحدهما أَنه سئل عن افتتاح حمام فني فكتب ما نصه:
(لا أرى فتح مثل هذا الحمام في هذا البلد لأَن الضرر سيكون أكبر من النفع، ومثل هذه الأَشياء تكون عادة وسيلة لفساد لم يخطر على بال الذي أَسسها، ومهما حرصت الآن على مراعاة الآداب الشرعية والأَخلاقية فإنك لن تستطيع ذلك في المستقبل بعد فتح هذا الباب) .
ثانيهما أَنه سئل 'ن إنشاء صندوق لسائقي السيارات فقال في الجواب ما نصه:
(إن اقتراح الذين اقترحوا جعل الصندوق مشروعًا خيريًا يحتاج إلى تقييد لأَنه وإن كان طرق الخير مفتوحة أَمام الراغبين إلا أَنه ينبغي معرفة ما وراء ذلك لئلا تكون وسيلة إلى استباحة أَشياء لا تجوز تحت اسم الشيء المسموح) .
4- ومن أَخلاقه البارزة الإخلاص في العمل فلم يكن يومًا طالب شهرة ولا باحثًا عن سمعة بل كان عمله كله لله يبتغي ما عنده يجتهد في تحري الحق ويجتهد في الدفاع عن الحق لا يأْخذه في ذلك ضعف ولا يعتريه طمع ولا يعرف عنه أَنه تحدث عن أَعماله على جلالتها وكثرتها.