أخلاقه:

لم يصل رحمه الله إلى ما وصل إليه من مكانة في قلوب الناس بمجرد المصادفة ولكن مرد ذلك إلى توفيق الله عز وجل أولاً، ثم إلى ما كان يتحلى به من أَخلاق فذة التزم بها وحافظ عليها طوال أَيامه. ولا بأس من الإشارة إلى بعض ما نعرفه عنه من الأَخلاق الحميدة فمن ذلك:

1- الحافظة النادرة التي كانت أَقوى سبب في تحصيل ثروة علمية واسعة بنيت على محفوظاته التي علقت بذاكرته أَثناء تعلمه ومطالعاته أَثناء تدريسه، فكانت الأَساس القوي لمقدرته على استنباط الأحكام ومعرفة الأَدلة التي تبني عليها. وقد مر بنا أَنه حفظ بلوغ المرام وزاد المستقنع وغيرهما مما مر ذكره في فصلي شيوخه؟ بالتدريس. ونزيد هنا أَنه كان يحفظ كثيرًا من القصائد؟ وكان يصف وهو في أُخريات أَيامه مشاهداته قبل أَن يكف بصره وأَنت على علم أَنه فقد بصره في السادسة عشرة من عمره، وكان يحفظ المتن للقراءة الثالثة وربما الثانية، وكانت المعاملة الطويلة التي تبلغ ثلاثمائة صفحة تقرأُ عليه ثم يملي ما يرى مستحضرًا كل ما مر فيها من الجزئيات، ولم يكن غريبًا منه أَن يدل القارئين على مواضع الأَبحاث في كتبها ذاكرًا رقم الصفحة أَحيانًا ومثل ذلك لا يكون إلا لمن أَتاه الله ذاكرة واعية.

2- وقد رزق من الذكاء ما مكنه من إدراك محفوظاته العلمية عن فهم وبصيرة، وكان يدرك حقيقة ما يعرض عليه من المشكلات فيكشف ما وراءها من الدوافع ببصيرته الفذة ولم يكن ينطلي عليه كيد أَو احتيال. وحياته كلها أَمثلة من هذا النوع لسنا في حاجة إلى الدخول في ضرب الأَمثال لها فأَكثر العارفين به يدركون ذلك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015