عزيزتي: إنني ومن خلال صلتي بك وبالأخت، وإن كانت صلة عادية قد علمت بما كدر خاطري وأحزنني أن يكون بينكما هجران وقطيعة، بل الأدهى والأكثر ألمًا استمرار هذه القطيعة رغم دخول الشهر الكريم الذي تطيب فيه نفوس المؤمنين، وتزداد صلتهم فيه بربهم، وتزداد شوقًا إلى فضله وإحسانه، وذلك بالحرص على فعل كل ما من شأنه أن يزيدهم قربًا منه وهروبًا من وساوس الشيطان- أعاذنا الله منه. قد تقولين: وما شأنك أنت فيما حصل بيني وبينها، لاسيما وأن علاقتي بكما ليست ذات جذور عميقة، فأقول معك حق في هذا التساؤل إذا كنت ترين أن صلتي على ما هي عليه من الضعف معكما مجرد صلة إنسانية دنيوية، مجردة من كل هدف أخروي، أما أنا فإنني أشعر مهما كان نوع الصلة بأنني مسؤولة أمام الله إذا لم أبذل جهدًا للإصلاح بينكما رغبة في ثواب الله، وأداءً لواجب النصيحة، وقيامًا بحق الصحبة بيننا؛ لأن انقطاع الصلة بينكما ليس مجرد ترك كل منكما صاحبتها، بل هو معصية لله، ومنع منكما من وصول الخير إليكما؛ لأنكما مسلمتان ويلزمكما التقيد بأوامر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم- في كل شأن من شؤون حياتكما، بصفة عامة، وفي شأن هذه المشكلة بصفة خاصة، ألا تعلمين- أيتها الأخت- أن الهجران بين المسلمين محرم ما لم يكن لأجل الله إنما لأمور دنيوية وعادية، ألا تعلمين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد حرم ذلك بقوله: "لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنَّ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثٍ. . . " الحديث. أخرجه البخاري (6065) ومسلم (2559) . وبيّن عليه الصلاة والسلام أن خيرَ المسلمَين المتهاجِرَين هو الذي يسبق إلى قطع الهجران، فيلقى السلام على صاحبه- انظر صحيح البخاري (6077) وصحيح مسلم (2560) - ويستأنف معه الصلة الطيبة، وألا تعلمين أن العمل الصالح لا يرفع لمن هجر أخاه حتى يصطلح معه، وأن هذا الشهر- الذي عم الدنيا بروحانيته- فرصة أن تسارع كل واحدة منكما إلى إغضاب الشيطان وإرضاء الرحمن، فتُسلِّم على أختها وتمسك بيدها لتودع هذه المشكلة؛ استجابة لأمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم. وإنني لآمل منكما أن تتقيا الله وتتغلبا على هوى النفس، قال تعالى: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ) [الأحزاب: 36] .
أعتذر لجرأتي، ولكن الحق أنطقني فتقبلي مني.
أختك المحبة لك في الله
فلانة