المجيب عبد الله العيادة
عضو هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في القصيم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/مشكلات دعوية
التاريخ 01/12/1426هـ
السؤال
كنت شابًا متدينًا بقدر ما تعنيه هذه الكلمة، لكن حالي تبدّل إلى الأسوأ؛ بسبب خلافات الشباب فيما بينهم، واشتغالهم بتصنيف الدعاة، وتصيدهم لأخطائهم وتركيزهم عليها، ورمي بعضهم بالبدعة. أرشدوني جزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
أشكر لك أولاً تواصلك وثقتك بموقعك، (الإسلام اليوم) . وبعد:
الله سبحانه وتعالى خلق الجنس البشري، وخصه بخصوصية عظيمة، دون سائر المخلوقات الأخرى، حيث شرفه بالعبودية، وجعل لهذه الخصوصية ثواباً وعقاباً، ثم وهب الله سبحانه وتعالى بني البشر عقلاً يفكر ويقرر، وأعطي ملكة الاختيار، (إنا هديناه النجدين) إذاً نحن ننعم بحرية التفكير، فلا أحد له سلطان على عقلك الذي تفكر فيه، إلا إذا سلبت هذه الخاصية، إما بفقدها نتيجة عارض، أو إلغائها بطوعك واختيارك، فتنقاد لفكر غيرك بالتأثر والتأثير.
إذا طالما أن الله -سبحانه وتعالى- قد كرمنا بحرية التفكير، وأعطانا حرية الاختيار، واتخاذ القرار، فلماذا نلغي خاصية عقلنا..؟ ونتأثر بعقول غيرنا، ونفقد بعد ذلك أجمل ما نملك، وهو الذي عليه مدار الحياة، والنجاة بعد ذلك، الاستقامة والثبات على هذا الدين.
أخي الكريم، أنت ذكرت في سؤالك -القصير العبارة، الكبير المعني- أنك تبدلت بعد حسن، وانتكست بعد استقرار، وتأثرت بمن حولك، بمجرد خلافات قد لا تعنيك، ثم رحت تسلط مجهرك لترصد عليهم زلاتهم، فعوقبت بالنكوص على أعقابك، مع ملاحظة أنك قلت في صدر السؤال: عبارة لدي تحفظ عليها، (كنت ملتزما بقدر ما تعنيه هذه الكلمة) ، لا أدري قد أختلف معك في هذه العبارة، يظهر والعلم عند الله، أن لديك استعداداً أصلاً لهذا التحول، فلما جاءت الفرصة، وإذا بك تسرع بالمبادرة، وجعلت خلافات الشباب هي السفينة التي عبرت عليها إلى الضفة الأخرى، لتجد المبرر المنطقي لتقنع به نفسك، ومن حولك.
وإلا من يتذوق حلاوة الإيمان والاستقامة الحقيقية -مهما يذق بعدها من طعم- لا يمكن أن يشعر بحلاوة أحسن منه، وهذا له شواهد عبر الأجيال التي مرت من سلف الأمة وخلفها، ويذكر عن بلال -رضي الله عنه- عندما سئل كيف تحملت التعذيب من قريش؟ قال مزجت حلاوة الإيمان بالعذاب فأذاب الإيمان شدة العذاب، أو كما قال رضي الله عنه.
لكن لا زلت الفرصة متاحة لك بالعودة وتصحيح المسار، إذا استعنت بالله أولاً، وطلبت منه المعونة والتوفيق.
ثانياً: أكثر من الاستغفار فله تأثير عجيب.
ثالثاً: التفكر بهذه النعمة التي أنت فيها، وهي نعمة التفكير وحرية الاختيار، من خلال هذه الجارحة التي تملك، وهي العقل الممنوح لك، فلماذا تكن متأثراً بغيرك وبسلوك غيرك، اجعل لك شخصية مستقلة، لا تقاد بحبل التبعية لمن حولك.
رابعاً: تأمل ثمن الثبات على طاعة الله، كيف سيكون..؟
خامساً: تذكر أن الشيطان لن يتركك وشأنك، بل سيأتيك، ويزين لك ما تحب من أن يصدك عن ذكر الله، بتزيين ما تحب وتشتهي، وبغض النظر هل هو موافق للشرع أم لا، والشيطان لن يكون ناصحاً لنا مهما قال، فهو لا يحب أحداً من بني آدم، حتى وإن اتبعوه، وعملوا ما يقول، فهو في نهاية الأمر سيتبرأ من الجميع، ويفرح إذا دخلوا معه النار، والله سبحانه قد حذرنا منه، حيث قال سبحانه: "إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدواً.. الآية.
وأخيراً الأمر يحتاج إلى مجاهدة ومدافعة، وسؤال الله -سبحانه- المعونة والهداية، فافعل ذلك لعلك ترشد، وتعود أدراجك إلى طريق الصواب.. أعانك الله وسدد خطاك.