إذا علمت ذلك فالدور الكبير سوف يبقى مربوطاً في عنقك وقد تسألني عن كيفية الخلاص فأقول إن أحسن جرعة دوائية سوف تجني ثمارها بإذن الله هو البعد كل البعد عن العنف مع هذا الابن بل على العكس يجب أن يقوم التعامل بينك وبينه ليس على أساس أنك أب وهو ابن، تأمر ويطيع، تتكلم ويصمت كلا بل علاقة ودية جداً وعلاقة صداقة وزمالة وأحذرك كل الحذر من عملية العنف والضرب أو الطرد فهذه لم تكن أبداً علاجاً وكل الذين عمدوا إلى فعلها ندموا أشد الندم فيما بعد لأنهم باختصار اختزلوا المراحل العلاجية وأتوها من النهاية بأن ابتدأوا بالضرب وتركوا الوسائل السابقة فما كانت النتيجة إلا خسارة الابن والعلاقات الطيبة معه وفي نفس الوقت لم يجن هؤلاء الآباء الأمنيات التي ظنوا أنهم سيحصلون عليها باتباعهم ذلك الأسلوب القاسي.
والذي يظهر لي أن عملية العقاب والضرب أو الطرد حينما يلجأ الأب إليه ما هي إلا عملية تنفيس وعملية بث للغيظ والحنق الذي أدركه وأتت على كامل جوارحه جراء عصيان ذلك الابن له وعدم امتثاله لأوامره ولم يدرك ذلك الأب المسكين أنه بهذا التصرف وإن انتصر لنفسه على ذلك الابن بهذا الضرب أو الطرد أنه إنما سكب الوقود على النار فلم يزدها إلى اشتعالاً وإلا فإن الحكمة لو كانت حاضرة لديه والتعقل والصبر كانا موجودين معه في سلوكياته لأدرك أن الحكمة لا تقتضي أبداً الضرب لإنسان قد بلغ من السن هذا المبلغ حتى ولو كان هذا الإنسان هو ابناً شخصياً.
نعم نحن ندرك أن بعض الأبناء أو الكثير منهم ممن هم في مثل هذا السن يجلبون فعلاً الهم والنكد بتصرفاتهم الحمقاء وسلوكياتهم الرعناء وأخلاقياتهم الهوجاء ولكن هذا لا يعني مطلقاً أن تقابل مثل هذه السلوكيات السيئة بسلوكيات مماثلة لها في الحماقة أو السوء فالابن قد يلتمس له العذر بحكم الصبابة والمراهقة ولكن المشكلة حينما تأتي من الأب نفسه والذي يفترض فيه وصوله إلى سن الرشد والحكمة ويبتعد كل البعد عن التصرفات الناتجة من لا شيء سوى الغضب والانتصار للنفس من الابن والبعد عن الحكمة والأناة.
وعلى هذا فالواجب الذي أوصيك به هو اتباع ثلاث خطوات هي في نظري من أهم الأمور التي تحتاج إليها في الوقت الحاضر:
أولاً: الابتعاد كلياً عن العنف مع هذا الولد وابحث عن وسيلة أخرى تعبر فيها عن غضبك عليه كالمصارحة مثلاً بأن مثل هذا الأمر يغيظك ولا يعجبك وأنك مستاء جداً من هذا الفعل.
ثانياً: وهي خطوة مقابلة تماماً للنقطة السابقة ومتممة لها في نفس الوقت وهي أن تبني علاقة صداقة وزمالة مع ابنك.. كن صريحاً معه استمع إليه واجلس كثيراً معه وبث إليه مشاكلك وهمومك واجعله في كامل الصورة في ما يتعلق بأمور دنياك وحتى أعمالك ونشاطاتك. واستمع إلى رأيه فيما يعرض عليك من أمور مختلفة.
ثالثاً: الشاب في مثل هذا السن يحب أن تناط به المسؤوليات ليثبت لنفسه أولاً ولمن حوله ثانياً بأنه قادر على حمل المسؤولية فلماذا لا تشركه في حمل عناء الاهتمام بالأسرة، ادفع إليه مسؤولية بعض الأمور التي تحتاج إليها الأسرة وثق به ولا تقلل من شأنه فيها خاصة في الأمور التي لا يحصل من جراء الفشل من القيام بها أي ضرر.
أعانك الله وأصلح ولدك وأولاد المسلمين.