المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة الطفولة
التاريخ 05/05/1425هـ
السؤال
ما الأنسب لتعليم الناشئة: هل البدء معهم باللغة العربية أو اللغة المحلية؟ فاللغة المحلية فيما يبدو لا تفي بالمقصود والله أعلم، أما تعليم اللغة العربية فيأخذ وقتاً غير قليل.
الجواب
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
فلا شك أن تعلُّم اللغة العربية وتعليمها من أهم المهمات وأولى الواجبات على من أراد تعليم نفسه أو غيره، لا سيما من كان في مقتبل العمر، وما ذاك إلا لأن اللغة العربية هي لغة هذا الدين الخالد، فالقرآن الكريم نزل بلغة العرب، قال تعالى: "إنا جعلناه قرآناً عربياً لعلكم تعقلون" [الزخرف:3] ، وكما أن القرآن الكريم عربي فالسنة النبوية عربية كذلك، فكلاهما عربي الألفاظ والمقاصد والمعاني، ولأجل هذا قرر أهل العلم أن فهم النصوص الواردة في الكتاب والسنة إنما يكون حسبما تقتضيه اللغة العربية، وحسب ما كان يفهمه العرب الأوائل.
وإذا كان الإنسان الذي يريد طلب العلم ليس من أهل اللسان العربي، فإنه يجب عليه تعلُّم هذه اللغة وفهمها؛ ليتمكن من فهم الأدلة الشرعية الواردة في الكتاب والسنة، ومن ثم يستطيع امتثال أوامرهما واجتناب نواهيهما ونحو ذلك، إلا أن فهم اللغة العربية على وجهها ليس أمراً هيناً ولا مطلباً سهلاً-خصوصاً لمن لم يكن من أهل اللسان العربي-، ولو أراد الطالب إتقانها أولاً ثم يبدأ بطلب العلوم الشرعية لما اتسع وقته لذلك؛ لأن تعلم اللغة العربية يحتاج إلى وقت طويل كما هو مشاهد وواقع، ولذلك فإن الأنسب أن يجمع الطالب بين الطريقتين، فيتعلم اللغة العربية ويحاول فهمها والإحاطة بعلومها وما إلى ذلك، وفي الوقت نفسه يطلب العلم من الكتاب والسنة، ومما ألفه العلماء في العقيدة والتفسير والحديث والفقه وسائر علوم الشريعة باللغة المحلية التي يفهمها ويستطيع تطبيق ما درسه عن طريقها، وذلك عن طريق الكتب المؤلفة باللغة المحلية، أو عن طريق الترجمة؛ حيث يقوم العالمون باللغة العربية والمحلية بترجمة ما جاء في تلك الكتب.
وإذا جمع الطالب بين هاتين الطريقتين فإنه سيحصّل خيراً كثيراً إن شاء الله، وسيرى بعد مرور الوقت أنه حصّل من العلم طرفاً لا يستهان به، وإذا أتقن اللغة العربية استطاع الاستمرار في طلب العلم من منابعه الأصيلة التي كتبها مؤلفوها باللغة العربية ولا يجد في ذلك صعوبةً؛ لأنه فهم اللغة التي كُتِبَتْ بها هذه الكتب.
ومن المناسب للسائل أن يستفيد من الطرق التي سلكتها الأقليات الإسلامية في عدد من دول العالم، حيث وضع القائمون على تعليم الأجيال الناشئة هناك برنامجاً مناسباً للجمع بين تعليم اللغة العربية، وتعليم الأحكام الدينية المهمة باللغة المحلية، ويمكن الحصول على هذه البرامج عن طريق الجمعيات الخيرية المهتمة بهذا الجانب.
والله الموفق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.