ومن ناحية أخرى.. فإنه يأسفني أن أقول لك أنك جانبت الحكمة بتلك التصرفات الهوجاء بغض النظر عن الجانب الشرعي إذ نحن نعيش في مجتمع تعتبر القضايا الشرفية من أهم عرى المجتمع وأصوله، ولذلك فإن الواجب على من يقع عليه شيء من هذه المشاكل أن يستر عليها ويعالجها بأكبر قدر من المسئولية والحكمة.. وأنت ما الذي استفدته حينما علم القاصي والداني بهذا الأمر غير فضيحة أختك وذلك الشاب؟ ألم يكن أفضل حالا لو تمت الأمور بكل هدوء ولم يعرف بها أحد غيركم؟ ألم يرشدك عقلك أن تبحث عن سبب وجود مثل هذه العلاقة؟ فإن كانت طيبة محترمة حاولت إنجازها بالعمل الشرعي الحكيم، وغلفته بعلاقة شرعية تقوم بينهما عن طريق الزواج بالحلال وطبقا لشرع الله.
لماذا هذه العجلة والاستعجال؟ وهذا الغضب والتشنج وفقدان الروية وغياب العقل والحكمة عند حدوث مثل هذه الأمور؟ بل التصرف الأهوج والغاشم والمدمر هو المسيطر على المرء في مثل هذه الأجواء. وإجابة على ذلك أقول أن مصدر مثل هذه الأفعال والتصرفات وسببه يعود بشكل رئيسي إلى أمرين، هما في نظري في غاية الأهمية:
أولا: الغيرة الشديدة والمفرطة والبعيدة عن الانضباط بضابط الشرع والخلق والحلم والعقل السليم.
ثانيا: وهو مع الأسف الشديد الأكثر وقوعا هو الخشية من الناس ومن أقوالهم ومن نظراتهم والخوف الشديد من ذلك إلى أن يصبح مسيطرا على سلوكياتنا وتصرفاتنا وكأن الناس هم الفيصل في ذلك وعبارة "ماذا سيقول الناس؟ " تصبح بعبعا يدمر جميع قدراتنا العقلية لتساعدنا على الخروج من ذلك المأزق، وتنشل تلك القدرات ولا يصيح بمقدور الإنسان إلا الطيش والحمق ليسودا في ذلك الموقف، فما تكون النتيجة إلا مزيدا من الأسى وتمادياً في إغضاب الرب جل وعلا واستمراراً في ترضية إبليس اللعين وإسعاده بتلك الشقاوات التي تتوالى جراء فعلٍ كان في الأصل بسيطاً أو على الأقل كان يمكن احتوائه بصورة أفضل وأكثر هدوءا وعقلية.
" وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمْ".